"تبادل الأجساد".. يبدل المعتقدات ويؤثر على الذاكرة
دراسة علمية جديدة تؤكد أن إحساس الإنسان بنفسه وخصائص ذاكرته قد يتغير حال سكن في جسد غير جسده
كشفت دراسة علمية جديدة أجراها علماء من معهد كارولينسكا في السويد، أن إحساس الإنسان بنفسه وخصائص ذاكرته قد يتغير في حالة سكن في جسد غير جسده، جسد صديقه مثلاً!
في هذه الحالة، يقول البحث الجديد، إن الدماغ يدخل في محاولات تكيف مع الشكل والجسد الجديد، ما يعطي لمحة مدهشة عن العلاقة بين ما هو جسدي وما هو نفسي، وفقا لما نشرته "آي ساينس".
تفاصيل التجربة
في الواقع، لم يستطع العلماء حتى اللحظة إيجاد طريقة واقعية للقيام بتبديل الأجساد، لكن لغرض الدراسة نفذوا ذلك افتراضياً عن طريق خوذ الواقع الافتراضي.
33 زوجاً من الأصدقاء خضعوا للتجربة، وكانوا أثناء ارتدائهم الخوذات يرون أنفسهم في أجساد أصدقائهم.
ورغم أن التجربة ليست مكتملة واقعياً، ولم تدم أكثر من دقائق معدودة، فإنها أظهرت أن أفراد العينة شعروا سريعاً بأنهم يسكنون أجساد أصدقائهم أكثر مما يسكنون أجسادهم، على سبيل المثال عندما يتعرض أحد المشاركين لتهديد بسلاح أبيض في إطار التجربة، يتعرق صديقه توتراً.
أما فيما يتعلق بخصائص الشخصية، فإنه بناء على أسئلة طرحت قبل وخلال التجربة، بدأ المشاركون بتقمص خصائص شخصيات أصدقائهم، كالثرثرة والاستقلال والثقة والابتهاج.
ووفقاً لعالم الأعصاب باول تاسيكوفسكي، المشرف على الدراسة، فإن الدراسة أظهرت أن مفهوم الذات لديه القدرة على التغير سريعًا، ما قد يقود إلى نتائج مثيرة للاهتمام.
وطبقا للدراسة، فإن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب مثلاً، غالبًا ما تكون لديهم معتقدات شديدة الصلابة والسلبية عن أنفسهم لدرجة تأثيرها على حياتهم اليومية، تغيير هذا الوهم ولو بشكل طفيف، قد يجعل هذه المعتقدات أقل جمودًا وأقل سلبية.
التأثير على الذاكرة
ليس هذا فحسب، فقد أظهرت التجربة كذلك تأثيرات على الذاكرة؛ حيث كان أداء المشاركين أسوأ في اختبارات الذاكرة العرضية بمجرد مشاركتهم في تمرين تبادل الأجساد، كأن الذكريات تتلاشى مع تلاشي الإحساس بالذات.
وقال تاسيكوفسكي: "هناك نتيجة راسخة مفادها أن الناس أفضل في تذكر الأشياء المرتبطة بأنفسهم، لذلك، اعتقدنا أننا إذا تدخلنا في تمثيل المرء لذاته أثناء الوهم، فمن المفترض أن يؤدي ذلك إلى تقليل أداء ذاكرته بشكل عام."
من جهة أخرى، لاحظ الباحثون أن الأشخاص الذين تبنوا الجسد الجديد بشكل كامل (أولئك الذين تحول إدراكهم الذاتي بشكل ملحوظ نحو نظرة أصدقائهم) حققوا نتائج أفضل في اختبارات الذاكرة.
تفتح الدراسة الباب لأسئلة مثيرة انتظارا للبحث والتحقيق حول مدى اعتماد إحساسنا بالذات على تصوراتنا عن الجسد الذي نعيش فيه، لأسباب ليس أقلها أن هذا الجسم يتغير ويتقدم في العمر بمرور الوقت، الأمر الذي يخلف آثاراً نفسية أيضًا.