"بوكو حرام" و"جيش الرب"... خنجر مزدوج في ظهر أفريقيا
لا يختلف اثنان على أن جماعات متطرفة مثل بوكو حرام بنيجيريا وجيش الرب للمقاومة بأوغندا باتت تشكل تهديدا خطيرا للسلام في أفريقيا.
وتتزامن مخاطر هذه الجماعات الإرهابية مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة التي توفر أرضا خصبة لتجنيد عناصر جدد وسط استغلال مثل تلك الجماعات لاحتياجات السكان.
الدكتور درامان شابي بوكو، محاضر في العلاقات الدولية والسلام والأمن والدراسات الجيوسياسية ويركز بشكل خاص على أفريقيا والصين في جامعة باراكو في بنين، يرى أن السياسة الخارجية هي هدف عام يوجه أنشطة وعلاقات دولة ما في تفاعلاتها مع الدول الأخرى.
وقال شابي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا و"جيش الرب للمقاومة" في أوغندا يشكلان تهديدا خطيرا للسلام والأمن والتنمية الأفريقية والدولية أيضا.
بين الفقر والإرهاب
وخرج كل من جيش الرب للمقاومة وبوكو حرام من الجزء الشمالي من أوغندا ونيجيريا، مستغلين افتقار المنطقة إلى التعليم، والفقر الجماعي والبطالة، والافتقار إلى الفرص الاقتصادية للشباب، وغياب الاحتياجات الأساسية.
وتمثل أفريقيا قارة استراتيجية للدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة.
وتقدم الولايات المتحدة الدعم الاستراتيجي والمالي لنيجيريا وأوغندا لتحييد وهزيمة الجماعات المسلحة من غير الدول في أفريقيا.
وأدت الاستجابة الوطنية والإقليمية والدولية ضد بوكو حرام في نيجيريا وجيش الرب للمقاومة في أوغندا إلى تحسين جهود مواجهة التهديدات الأمنية في الدولتين هاتين وفي أفريقيا.
لكن وفقا لمارتن جريفيث، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن الوضع لا يزال "خطيرا جدا جدا ومهددا للغاية".
ولم ينخفض عدد عناصر جيش الرب للمقاومة بعد، ولا يزال التنظيم نشطا ليس فقط في أوغندا، ولكن أيضا في جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان والسودان.
وفي عام 2021، كما ذكرت قناة "فرانس 24"، فإن هذه الجماعة نفذت 42 هجوما في العام الماضي، مما أسفر عن مقتل 31 شخصا، فضلا عن فرض السيطرة على 192 منطقة حدودية نائية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
رسالة إلى بايدن
ويقول شابي بوكو إنه يجب على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تكرر رسميا دعمها لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية وتعزيز الديمقراطية، والحفاظ على تمويل متواضع لدعم الانتخابات من خلال تشجيع الجهود التي يبذلها "معهد الجمهورية الدولية" و"المعهد الديمقراطي الوطني" والمنظمات غير الحكومية الأخرى لمراقبة الحملات الانتخابية والاقتراع وفرز الأصوات وما بعد الانتخابات.
كما يجب على إدارة بايدن أيضا حث الحكومتين النيجيرية والأوغندية على تعزيز وتشجيع السلام والديمقراطية في بلديهما.
ولفت إلى ضرورة تحديد المسؤولين الأمريكيين حكام الولايات الذين يقدمون نموذجا للحكم الرشيد والإعلان عن جهودهم.
كما يجب على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مواصلة استراتيجيتها للعمل حصريا مع حكومات الولايات التي لديها سجل جيد من الإنجازات، وفقا لـ"شابي".
بالإضافة إلى ذلك، يقول شابي بوكو إنه يجب على الولايات المتحدة توسيع نطاق "برنامج فولبرايت"، وبرامج زمالة همفري، وبرامج التبادل الأخرى مع نيجيريا وأوغندا لتسليط الضوء على التزامهما بالديمقراطية وتعزيزه وبناء القدرة القيادية القوية للمجتمع المدني في نيجيريا وأوغندا.
ومن المهم أيضا تيسير السفر بين المواطنين النيجيريين الشماليين والأوغنديين والولايات المتحدة، وهذا من شأنه أن يشجع هذه الدول على إعطاء الأولوية للتعليم، لأن معظم الأفارقة يحلمون بالسفر إلى الولايات المتحدة.
مساعدات تقنية
وطالب إدارة بايدن بتوجيه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات الأمريكية ذات الصلة لاستكشاف المساعدات التقنية التي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة للوكالات والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية العاملة في القطاعات الإنسانية والأمنية لمعالجة الاحتياجات والتحديات الفورية التي قد تهدد عمليات السلام والأمن في أفريقيا.
وينبغي للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن تشجع وتيسر تنسيق جهودها من خلال توفير المناسبات والأماكن التي تجتمع فيها قيادتها.
ويضيف شابي بوكو أنه يجب على الولايات المتحدة أيضا أن تعمل على دعم تعزيز آليات منع نشوب الصراعات والأمن المجتمعي على الصعيدين المحلي ومستوى الولايات لمساعدة المجتمعات المحلية على منع نشوب الصراعات والتوترات الناشئة في بورنو وكادونا (في نيجيريا) ومنطقة جولو (في أوغندا) وحلها، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدنية والخدمات الأساسية لتعزيز شرعية الحكومة والاستجابة لاحتياجات المواطنين.
وشدد على أهمية دعم إعادة إدماج المقاتلين السابقين، والمليشيات المدنية، وأولئك المرتبطين بالجماعات المتمردة، فضلا عن التماسك الاجتماعي على المستوى المحلي على نطاق أوسع، مع رؤية طويلة الأجل نحو الوئام الاجتماعي والمصالحة.
وتعد ولاية كانو واحدة من ست وثلاثين ولاية في نيجيريا، وتقع في المنطقة الشمالية من البلاد، وهي ذات الأغلبية المسلمة وواحدة من اثنتي عشرة ولاية في نيجيريا تعمل بموجب الشريعة الإسلامية ضمن الإطار القانوني للدستور النيجيري.
ووفقا لمجلس العلاقات الخارجية، تحتاج الولايات المتحدة إلى وجود دبلوماسي في الشمال لفهم وتشكيل التطورات في تلك المنطقة المضطربة، خاصة مع اقتراب انتخابات عام 2023.
وينبغي لكل من القادة النيجيريين والأوغنديين التركيز على المسؤوليات الأخلاقية لقوات الأمن لحماية مواطنيهم بأي ثمن.
ومن المهم بدء وتعزيز التعاون والتآزر بين القوات المدنية وقوات الشرطة العسكرية التي لا تزال حيوية لنجاح مهام هذه القوات، وفقا للدكتور درامان شابي بوكو.
وبات الغرب مطالبا بتزويد قوات الأمن الأفريقية بمرتبات معقولة، يمكن أن تحفزها بشكل أفضل وتحد من الفساد، وعلى الحكومتين النيجيرية والأوغندية توفير معدات عسكرية حديثة ومناسبة ودقيقة لقوات الأمن للقضاء على بوكو حرام وجيش الرب للمقاومة.
وأخيرا، يقول شابي بوكو إن دعم المناطق الشمالية في نيجيريا وأوغندا يمكن أن يمنع ظهور الجماعات الإرهابية في المستقبل ويجعل من الصعب على هذه الجماعات تجنيد أعضاء جدد.
والواقع أن بوكو حرام وجيش الرب للمقاومة يجندان بسهولة الشباب الأميين والفقراء، ويجب على الولايات المتحدة تقديم الدعم المالي والسياسي لهذه الجهود، بحسب الخبير الأفريقي.
aXA6IDE4LjIyNS4yNTUuMTk2IA== جزيرة ام اند امز