كورونا في خدمة الثقافة.. العزل المنزلي ينعش القراءة
أدب الديستوبيا وروايات الأوبئة تشهد زيادة في نسبة الإقبال عليها، ويرى متخصصون أنه شيء طبيعي فالناس بحاجة إلى خبرة تاريخية
ساهمت القرارات الأخيرة للحكومة المصرية بغرض محاصرة فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19"، خصوصاً فترة الحجر الصحي المنزلي والبقاء في البيت، في زيادة معدلات مبيعات الكتب في عدد من كبريات مكتبات القاهرة.
تقول راندة رجب، مدير مبيعات "مكتبة تنمية" المتخصصة في توزيع الكتب العربية: "تشهد المكتبة زيادة واضحة في الطلب على الكتب بعد اضطرار الكثير من المواطنين للإقامة في البيوت تفاديا للتجمعات"، لافتة إلى أن الطلب على روايات التي تسمى "أدب نهاية العالم" أو "الديستوبيا" متزايد.
وتضيف: "باعت المكتبة عددا كبيرا من روايات تعالج موضوعات تفشي الأوبئة مثل (الطاعون) لألبير كامو، (العمى) لساراماجو، (100 عام من العزلة) لماركيز، (1984) لجورج أورويل، لكن المفاجأة في وجود طلب على رواية (الصمت) للكاتب الياباني شوساكو إندو، التي تصف الصراع النفسي الحاد خلال رحلة الإنسان وقرب نهايتها".
وتشير مدير مبيعات "تنمية" إلى أن الروايات المكونة من عدة أجزاء تشهد طلبا واسعا هي وروايات القائمة القصيرة المرشحة لجائزة البوكر العربية، وهو أمر طبيعي، حسب وصفها، بسبب توافر الكثير من الوقت وصعوبة خروج الناس إلى المقاهي والمطاعم، ما يجعل القراءة ومشاهدة الأفلام أكثر المتع المتاحة.
ويرى محمد خضر، مسؤول المعارض بدار الشروق المصرية، أن معدلات البيع لا تزال في المستوى المعتاد في مثل هذه الأوقات، ويضيف: "نحتاج مزيدا من الوقت لنختبر فكرة زيادة مبيعات الكتب نتيجة لاستقرار الناس في البيوت استجابة لتوجيهات الدولة"، ويعرب خضر في تحسن نسب البيع لتعويض الخسائر التي سببها إلغاء معارض الكتب في معظم دول العالم.
ويتوقع خضر أن تتزايد نسب بيع كتب الأطفال خلال الأيام المقبلة بعد بقائهم في المنازل وتلقي التعليم الإلكتروني.
وفيما يخص معدلات الاستماع لخدمة الكتب الصوتية على المنصات الإلكترونية، يؤكد علي عبدالمنعم، ممثل شركة "ستوري تل" للكتب المسموعة في مصر، أن المؤشرات تؤكد وجود زيادة في نسب الاستماع للكتب خلال الأيام الأخيرة بما يقارب نسبة 100%، لافتا إلى أن خيارات جمهور الكتب الصوتية تكاد تكون محصورة في كتب التنمية البشرية والروايات وأدب التشويق وبعض روايات "ديستوبيا" خصوصاً "1984" لأورويل، في حين ينحاز آخرون لروايات كلاسيكية أو رومانسية.
شريف بكر، عضو مجلس إدارة اتحاد الناشرين الدولي، يتوقع أن تؤدي الأزمة العالمية لزيادة طلبات البيع الإلكتروني، مشيرا إلى أنه في بلد مثل الهند أصبحت حملات البيع كلها إلكترونية لتجنب الاحتكاك والتواصل المباشر، مؤكدا أن الدار التي يديرها باشرت حملات بيع إلكترونية ترفع شعار "خليك بالبيت"، ووفقا لرأيه سيكون أول اختبار جدي للحملة خلال عيد الأم.
وبالنسبة لمتابعات القنوات المخصصة للكتب، يقول محمد شادي، أحد أبرز "مراجعي الكتب" على يوتيوب، أن هناك زيادة واضحة في متابعة القنوات التي تقدم خدمة عرض الكتب ونقدها، كما أن روايات أدب نهاية العالم وتلك التي تستعرض رحلة الإنسان في التعامل مع الأمراض والأوبئة من أكثر الحلقات متابعة، وهذا أمر طبيعي، فالإنسان "بحاجة لخبرة تاريخية تنقل له رسائل اطمئنان، بأن ذلك سيمر".
ويرى شادي أن رواية "العمى" لساراماجو من أكثر الروايات طلبا ومتابعة لأنها تتحدث عن وباء "العمى" الغامض الذي يصيب إحدى المدن، مما يخلق موجة من الذعر والفوضى العارمة إلا أن المرض يندثر فجأة كما ظهر. وتستعرض الرواية كيف يتم التعامل مع المصابين بالوباء وتكشف تدني المعايير الأخلاقية وزيادة القلق والخوف. كما تحتل رواية "الطاعون" للفرنسي ألبير كامو، المركز الثاني من بين الروايات الأكثر طلبا في الأسواق، وتروي قصة عاملين في المجال الطبي خلال عملهما زمن الطاعون بمدينة وهران الجزائرية.