عبدالحميد جودة السحار.. من التجارة إلى الرواية
عبدالحميد جود السحار يبدأ سيرته الأدبية مثل غالبية أبناء جيله بكتابة القصة القصيرة من خلال مجلتين بارزتين هما "الرسالة" و"الثقافة"
رحل في مثل هذا اليوم عن عالمنا الأديب عبدالحميد جودة السحار وهو من رواد فن الرواية العربية.
حمل السحار مع نجيب محفوظ ومحمد عبدالحليم عبدالله ويوسف السباعي ويوسف إدريس مهمة التأسيس لفن الرواية وتعميق حضورها في المجتمع، بالإضافة لمساهمته في السينما بكتابة فيلمين شهيرين هما "الرسالة" مع مصطفى العقاد و"أم العروسة".
ربما يكون السحار صاحب الدور الأهم، فهو بالإضافة إلى موهبته كأديب وروائي وكاتب قصة وسيناريو اعتنى بصناعة النشر، وتولى تأسيس "مكتبة مصر" التي كانت الناشر الرسمي لأسماء كبيرة لسنوات طويلة.
ويمكن للقارئ التعرف على منشورات الدار بمجرد رؤية الأغلفة التي كان يرسمها جمال قطب وارتبطت بذاكرة القراء وجاءته فكرة "مكتبة مصر" بعد أن نجحت فكرته في تأسيس لجنة النشر للجامعيين التي تولت تقديم كتاب هذا الجيل.
والسحار من مواليد القاهرة في 25 أبريل/نيسان 1913، وشغل عدة مناصب أهمها رئاسة تحرير "مجلة السينما" عام 1973.
كان هذا المجال أحد أهم المجالات في مسيرته حيث أنتج وكتب سيناريو، أحد أهم الأفلام المصرية وأكثر طليعية وهو فيلم "درب المهابيل"، ثم كتب بعد ذلك كثيرا من الروايات للسينما منها "شياطين الجو – النصف الآخر – ألمظ وعبده الحامولي – مراتي مدير عام – أم العروسة – الحفيد"، وعرف الفيلمين الأخيرين شهرة ونجاحا كبيرين، وأصبحا من أكثر الأفلام شعبية في مصر.
قدم أيضا روايات إسلامية للسينما منها "نور الإسلام" الذي كتب له السيناريو والحوار بالاشتراك مع صلاح أبوسيف مخرج الفيلم، كما شارك في سيناريو فيلم "الرسالة" بالاشتراك مع توفيق الحكيم وعبدالرحمن الشرقاوي.
المثير أن سيرة السحار شهدت انتقالات من التجارة إلى الرواية ثم إلى السينما وانتهى متفرغا لكتابة الأعمال الدينية، وهو حاصل على بكالوريوس تجارة من جامعة فؤاد الأول عام 1937.
بدأ سيرته الأدبية مثل غالبية أبناء جيله بكتابة القصة القصيرة من خلال مجلتين بارزتين؛ هما مجلة "الرسالة" التي كان يصدرها المفكر أحمد حسن الزيات، ومجلة "الثقافة" التي كان يصدرها الأستاذ أحمد أمين.
اتجه بعد ذلك إلى كتابة القصص التاريخية، فكتب قصته الأولى "أحمس بطل الاستقلال" عام 1943، وهو في سن الـ31 من عمره، ثم كتب روايته التاريخية الثانية "أميرة قرطبة".
انتقل السحار بعد ذلك لصياغة مشروع إبداعي يقوم علي إعادة كتابة تاريخ السنة النبوية سرديا، حيث انتبه مبكرا إلى الأثر الذي تركته إسلاميات عباس العقاد وكتاب محمد حسين هيكل في "منزل الوحي"، إلى جانب محاولات طه حسين لكتابة وقائع التاريخ الإسلامي في أعمال مثل "الفتنة الكبرى"، و"الوعد الحق".
واتجه السحار إلي كتابة الإسلاميات فكتب "أبوذر الغفاري – بلال مؤذن الرسول – سعد بن أبي وقاص – أبناء أبوبكر – محمد رسول الله والذين معه".
تحولت بعض هذه الإسلاميات إلى مسلسلات تلفزيونية؛ أشهرها "محمد رسول الله والذين معه"، وأخرجها أحمد طنطاوى في جزأين منها في مسلسل تليفزيونى شهير أذيع في الثمانينيات.
وبسبب هذا الميل إلى سير الصحابة والأولين، واجه بعض الانتقادات من قبل بعض النقاد الذين اتهموا أفكاره بالرجعية، في حين لم يكن انحيازه لكتابة الإسلاميات تعبيرا عن تعصب ديني بدليل أنه كتب أيضا عن المسيح عيسى بن مريم.
وعلى الصعيد السياسي، كان السحار من أوائل الذين دعموا ثورة 1952 إبداعيا في مصر، وكان ضمن الذين أسهموا في عمل نشيد "القوات الجوية المصرية"، ونشيد "القوات البحرية المصرية" مع عمل فيلمين سينمائيين هما "شياطين الجو" و"عمالقة البحار".