المؤلف برنارد لايير يحاول طرح الرهانات والتحديات الحالية والمستقبلية أمام العلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة.
صدر عن دار آفاق للنشر، بالتعاون مع المشروع القومي للترجمة كتاب "عالم متعدد الأبعاد.. تأملات فى وحدة العلوم الاجتماعية"، تأليف العالم الفرنسى برنار لايير، وترجمه إلى العربية بشير السباعى. يقع الكتاب في 343 صفحة من القطع المتوسط، ويحاول المؤلف من خلالها طرح الرهانات والتحديات الحالية والمستقبلية أمام العلوم الإنسانية والاجتماعية المعاصرة بالسعي إلى إعادة التواصل مع الأطروحات والنظريات العلمية الأصيلة الكبرى التي انطلق منها دوركايم وماكس فيبر.
ويبدو تأثر المؤلف كثيراً بأسلوب وأطروحات عالم الاجتماع الفرنسي الشهير بيير بورديو وتناوله لإشكاليات البحوث في العلوم الاجتماعية عبر مصطلحات صاغها بورديو "الاستعدادية" و"الممارسات" و"الحقول" و"التمايز".
قسم الكتاب إلى أربعة فصول وذيل الكتاب بملحق عن الفضاء الاجتماعي العام، ويناقش السبيل إلى صياغة رؤية تستوعب مجمل العالم الاجتماعي في الوقت الذي نلاحظ فيه انغلاق كل فرع معرفي على نفسه، وكون التخصص المعرفي الزائد عن الحد دافعاً للباحثين إلى دراسة شرائح محدودة بشكل متزايد بإطراد من هذا العالم.
ويركز الكتاب على الإجابة عن السؤال المحوري الذي يوفر للعلوم الإنسانية والاجتماعية ركيزة مشتركة: وهو لماذا يقوم الأفراد بما يقومون به؟ وهي تُحسن الإجابة عليه بقدر توصلها إلى الإمساك بممارسات الفاعلين في ملتقى تجاربهم الماضية المختزنة وسياقات أفعالهم الحاضرة، وإن كان أغلب الباحثين يتفقون على هذا فإن قليلين هم الذين يتفقون على الأطر المناسبة التي يجب إدراج الفاعلين فيها لتحليل هذا البُعد أو ذاك من أبعاد ممارستهم، والحال أن إخضاع مفاهيم “الحقل” و”العالم” و”النسق” أو “إطار التفاعل” للفحص النقدي إنما يعني العمل على الربط النظري بينها. ويجتهد “برنار لايير” في أخذ مسافة من الحالة الراهنة للعلوم الإنسانية والاجتماعية ومن التمزقات التي تتخللها متيحاً لنا إمكانية تأمل الوحدة المحتجبة لفضاءٍ يبدو في ظاهره بالغ التمزق.