خبير مكتبات لـ"العين الإخبارية": معايير "الأكثر مبيعا" غائبة عربيا
زين عبدالهادي يكشف عن العادات والظواهر الجديدة في عالم القراءة، مشيراً إلى الارتفاع المتنامي في صناعة نشر الكتب الإلكترونية.
قال الخبير في علوم المكتبات، الدكتور زين عبدالهادي، إنَّ الحديث عن تراجع مستويات القراءة في العالم العربي ليس صحيحاً بالمرة، مشيداً بمشروع تحدي القراءة العربي الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وكشف عبدالهادي، الذي يرأس تحرير مجلة "عالم الكتاب" في مصر، عن العادات والظواهر الجديدة في عالم القراءة، مشيراً في حوار مع "العين الإخبارية" إلى الارتفاع المتنامي في صناعة نشر الكتب الإلكترونية.
وشدد الرئيس السابق لدار الكتب المصرية على "أننا نفتقر للمعايير التي تحكم ظاهرة (الأكثر مبيعا) في سوق النشر العربي"، وإلى نص الحوار:
هل تتراجع مستويات القراءة في العالم العربي؟
الحديث عن تراجع القراءة في العالم ليس صحيحاً وأساس المشكلة هي المؤسسات الحكومية الرسمية التي تقاعست عقوداً عن تقديم تقارير صحيحة عن النشر والقراءة سواء لمنظمة اليونسكو أو حتى نشرها بواسطتها، وإلا فأين تذهب ملايين النسخ التي تُباع سنوياً في معارض الكتب العربية.
ولماذا تغيب إحصائيات القراءة؟
غابت لأن الحكومات لم تكن تنظر إلى القراءة تلك النظرة الجدية في ظل الاهتمام بكل ما هو مادي.. الأمور بدأت تتغير الآن وهناك اهتمام من الإعلام والمنظمات الأهلية والدولية إلى جانب بعض المبادرات الحكومية.
والعالم اكتشف في وقت متأخر القيمة الاقتصادية والاجتماعية للقراءة ومدى تأثيرها في تحسين أوضاع المجتمع ككل ورفاهيته وتقدمه.
في ظل غياب استطلاعات الرأي، كيف نحدد اتجاهات القراءة؟
تحديد اتجاهات القراءة ينبغي رصده من خلال مسوحات إحصائية تُرصد لها الموارد البشرية والمالية الكافية بشكل دوري.
ماذا عن الجوائز وقوائم "البيست سيلر"؟
قوائم "البيست سيلر" أو الكتب الأكثر مبيعاً تعود إلى النصف الثاني من القرن الـ19، ففي الولايات المتحدة تضع الصحف الأمريكية هذه القوائم بناء على معايير صارمة تتعلق بما هو كمي وكيفي والفئات العمرية للقراء والتوزيع الجغرافي للكتب.
لا أعتقد أننا في العالم العربي نسير على هذه المعايير، لذلك فإن كل الإحصائيات مشكوك في صحتها؛ لأنها تخضع لقوة كل ناشر، فهي إحصائيات غير دقيقة وغير منصفة.
بعض الناشرين يرون أن المبادرات حل مثالي لنشر عادة القراءة.. هل تتفق؟
المبادرات القومية أمر جيّد للغاية لتحسين نوعية القراءة والنشر خصوصاً مشروع تحدي القراءة العربي الذي يؤثر في نسب القراءة الآن بشكل إيجابي.
ما أبرز الاختلافات في اتجاهات القراءة بين الدول العربية؟
أعتقد أن هناك اختلافات كبيرة بين الدول العربية في موضوعات القراءة، فعوامل مثل النظم السياسية ومقدار الحرية والمستوى الاقتصادي والتعليم تؤثر في هذه المسألة.
لكن من ناحية أخرى تتقاطع اهتمامات الطبقة المتوسطة في العالم العربي كله نظراً لطبيعة تدينها ومقدار تعليمها، وأظن أن الدين والعلوم الاجتماعية والأدب من أولوياتها جميعاً في القراءة.
ما مدى صحة تراجع الرواية لصالح كتب التنمية البشرية؟
هناك علاقة بين الكتابة والقراءة، فأكبر عدد من الكتاب يعمل في مجال الرواية وبالتالي فإنَّ السواد الأعظم من القرّاء سيهتم بهذا النوع من الكتب، كما أن الأدب وفي قلبه الرواية أحد أهم مجالات النشر، لكني لا أنكر أيضاً أنَّ كتب التنمية البشرية أصبحت تحتل مكانة بارزة على رفوف دور النشر.
ما أبرز ظواهر مجتمع القراءة في العالم العربي؟
أولاً أود الإشارة إلى الارتفاع المتنامي في صناعة نشر الكتب الإلكترونية E.Books فقد ارتفعت نسبة قرّائها من 2% في عام 2009 إلى 23% خلال عام 2012.
50% من القراء حول العالم الآن يطالعون كتباً إلكترونية، كما أنَّ 90% من القرّاء الذين يمتلكون حسابات على "فيسبوك" يشترون تلك الكتب، وتمثل نسبة النساء منهم 60%.
استثمارات صناعة نشر الكتب الإلكترونية بلغت قيمتها 8.8 مليار دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، و54% من القرّاء في العالم يستخدمون أجهزة ذكية (SmartPhone) في القراءة.
نحن نواجه أمرين؛ الأول الاتجاه الساحق نحو القراءة عبر الموبايل والسوشيال ميديا؛ والآخر اتجاه نحو قراءة الكتب التراثية. وهناك اهتمام أيضاً بالأدب والعلوم الاجتماعية.
بم تفسر ارتفاع نسبة القراءة الإلكترونية وازدياد عدد دور النشر أيضاً؟
كما أشرت سابقاً أن ارتفاع عدد دور النشر كمؤشر كمي يؤكد أن الأزمة ليست في القراءة أو النشر بل في طبيعة الإحصائيات التي ترصد ذلك، كما أن الاتجاه للقراءة عبر السوشيال ميديا تتزايد بدرجات مضاعفة كل عام.