بالصور.. قيمة القراءة في حياة المصريين القدماء منذ آلاف السنين
"أحبب الكتب مثل حبك لأمك" نصيحة أب لابنه في العصور المصرية القديمة
البرديات المحفوظة والكتابات على جدران المعابد والمقابر تشير إلى أهمية ومكانة القراءة والكتابة في حياة المصريين القدماء.
"لا شيء يعلو على الكتب، الإنسان الذي يسير وراء غيرها لا يُصيب نجاحا، ليتني أجعلك تحب الكتب"، بهذه الكلمات والتعاليم التي قالها الحكيم المصري "خيتي دواوف" لابنه "بيبي" منذ 3300 عام مضت، بل ويزيد، الحكيم الفرعوني قائلا: "أحبب الكتب مثل حبك لأمك فليس في الحياة ما هو أغلى منها"، هكذا اكتشف المصري القديم قيمة القراءة والتعليم كمقياس لحضارته العظيمة، ومؤشر لرقيه وتقدمه في الحياة بين الأمم والحضارات.
تدلنا البرديات المحفوظة والكتابات على جدران المعابد والمقابر المصرية القديمة إلى أهمية ومكانة القراءة والكتابة في حياة المصريين القدماء منذ آلاف السنين، وتقول إحدى البرديات التي كتبها المدرس لتلاميذه: "إنّ كاتبا واحدا لأعز قيمة من بيت الباني، ومن مقصورة فى الغرب (الحياة الأخرى)، وأجمل من قصر مشيّد، ومن نصب تذكاري في معبد"، وفى بردية أخرى كتب: "إنّ الكتابة أعز من قبر في الغرب وألذ من إمتاع النفس".
ووفقا للمعتقدات المصرية القديمة، اتخذ المصري للكتابة معبودين هما "تحوتي" إله المعرفة والذي يرمز له بطائر "المنجل"، الذي يبحث عن الديدان في الأرض بمنقاره أثناء الحرث ليخلصها من الشوائب، وهي إشارة إلى الباحث في باطن المعرفة الذي يهدف إلى المعرفة الخالصة التي لا تشوبها شائبة، كما يرمز للكتابة والتدوين بالإلهة "سشات" التي تسجل وتدون كل المعرفة.
يقول دكتور رمضان عبده في كتابه "حضارة مصر القديمة ج 1" إن "الهدف من التعليم أسمى من أن يكون ماديا فكان له هدف روحي وهو بلوغ السعادة في الدنيا، فالعلم ضرورة ملحة لفهم الديانة المصرية وتعاليمها حتى يحق للإنسان السعادة في الدنيا"، وكان لقب "كاتب" من أحب الألقاب إلى نفوس المصريين القدماء، وكان من أحب قطع الأثاث الجنائزي التي يرغب الكاتب في أن توضع معه في المقبرة، هي لوحة الكتابة والمحبرة والأقلام".
كما كان حرص المصري القديم على الكتابة والتدوين ينبع من هدفه في حفظ تراث الأولين من أجدادنا الملوك والحكماء العظماء، حيث يقول الملك "أمنمحات" في نصائحه لابنه مريكارع: "اسلك سبيل آبائك وأسلافك، فإن أقوالهم مسطرة وباقية في الصحف (البردي)، فانشرها بين يديك، واقرأ وانشد الحكمة فيها".
مكتبات بيت الحياة والإسكندرية القديمة
انتشرت المكتبات التي تضم المئات من الكتب والمخطوطات، وتحوي العلوم المصرية القديمة وآدابها وفنونها في جميع أنحاء أقاليم مصر القديمة، أهم هذه المكتبات هس مكتبات "بر- عنخ " وتعني "بيت الحياة"، وكانت ملحقة بالمعابد الكبرى مثل معبد "منف"، وأبيدوس والعمارنة وأخميم وقفط وطيبة وإسنا وإدفو وغيرها، وإلى جانب هذه المكتبات كان يوجد مكتبات عامة أيضا كما يقول دكتور أنور شكري في كتابه "العمارة في مصر القديمة"، حيث تكون تابعة للدواوين الحكومية، والإدارات العامة، بالإضافة إلى مكتبات القصور الملكية.
وعرفت مصر المكتبات العالمية في زمن حكم البطالمة، والذي امتد في الفترة ما بين "323 ق.م–30ق.م"، حيث تم إنشاء مكتبة الإسكندرية القديمة لتكون مركزا للثقافة والحضارة الهللينستية، وهي امتزاج ما بين الحضارة والثقافة المصرية القديمة واليونانية، وتعد أقدم مكتبة ملكية عامة في العالم، وكانت تحوي نصف مليون لفافة بردي، وأكثر من 700 ألف كتاب، حيث كان البطالمة يلزمون كل زائر من العلماء لمدينة الإسكندرية بإهداء نسخة من مؤلفاته للمكتبة، وبعد إحراقها، صارت مكتبة معبد "السيرابيوم" المكتبة الرئيسية لمدينة الإسكندرية.
aXA6IDE4LjIyMS42OC4xOTYg
جزيرة ام اند امز