"توتال" سر صفقة لبنان وإسرائيل.. هل تنتهي أزمة ترسيم الحدود؟
خطوة جديدة لإنهاء أزمة ترسيم حدود لبنان وإسرائيل، بعد اجتماعات شركة توتال الفرنسية مع الطرفين لإنهاء الأزمة الحدودية.
وبحسب مصادر وصحف إسرائيلية يتواجد ليئور شيلات، المدير العام لوزارة الطاقة الإسرائيلية في باريس، اليوم الإثنين، لإجراء محادثات مع شركة توتال إنرجيز بشأن تقاسم أرباح محتملة من تنقيب الشركة في حقل للغاز الطبيعي قبالة سواحل لبنان.
يأتي ذلك فيما عقد الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة للبحث في العرض المقدم من الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية، وسبق هذا اللقاء اجتماع اللجنة التقنية.
خبراء سياسيون أكدوا أن الاتفاق يشكل انفراجة كبرى للأزمة في مرحلة هامة لدولتي لبنان وإسرائيل خاصة في ظل المرحلة المقبلة وبخاصة في الشأن السياسي.
وأضافوا في حديثهم لــ"العين الإخبارية" أن هناك اتجاها دوليا كبيرا لإنهاء الأزمة للبدء الفعلي في إنتاج الغاز وتصديره إلى أوروبا ليكون بديلاً للغاز الروسي.
الخبير والأكاديمي والباحث السياسي السوري المقيم ببريطانيا، الدكتور محمد صالح الفتيح، يرجح أن يكون الاتفاق الحالي لتحقيق مستوى من الاستقرار لتمرير الفترة الحالية في البلدين خاصة مع انتهاء ولاية الرئيس اللبناني نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بالإضافة إلى الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، مشددا على أن الحكومتين تهدفان إلى الاستقرار في الفترة المقبلة.
وأضاف لــ"العين الإخبارية" أن شركة توتال الفرنسية هي طرف في تحالف ثلاثي وقع عقداً مع الحكومة اللبنانية للاستكشاف والتنقيب في منطقتين "البلوك رقم 4" قبالة بيروت و"البلوك رقم 9" في الجنوب والذي يمتد عبر المنطقة الحدودية المتنازع عليها والذي يفترض أنه يضم حقل "قانا".
وأكمل" إلا أن الحديث عن هذا الحقل هو حديث سياسي أكثر منه تقني حقيقي، إذ لا توجد أي بيانات من أي شركة استكشاف تؤكد وجوده أو إحداثياته الدقيقة أو توفر أي تقديرات لحجم الاحتياطات الموجودة فيه، لافتا إلى أن الحديث عن الحقل بدأ بالتزامن مع تفجر الأزمة المالية اللبنانية في 2019 وهذا ما يثير احتمال أن تكون المزاعم حول الحقل ودوره الاقتصادي محاولة من الطبقة السياسية اللبنانية لتنفيس الاحتقان الشعبي.
هذا الغموض التقني حول طبيعة الحقل وما إذا كان يحتوي أي ثروات ذات جدوى اقتصادية يشكك في مدى أهمية الاتفاق الذي يتم الترويج له. فضلاً عن أن التنقيب في " القسم رقم 9 "– التي يفترض أنها تحتوي حقل قانا – سيتم عبر تحالف ثلاث شركات فرنسية وروسية وإيطالية.
وأشار إلى أن المهلة الأولية للاستكشاف ستنتهي في 22 من الشهر الجاري، ولم تقم أي من الشركات الثلاث بأي استكشافات، كما أن الحكومة اللبنانية قررت تمديد العقد مع الشركات الثلاث بدل التعاقد مع جهات أخرى، متابعا ومن التفاصيل اللافتة أن الشركة الروسية (نوفاتك) أعلنت أنها غير معنية بتمديد مهلة الاستكشاف وستخرج من الاتفاقية بمجرد انتهاء المهلة الأولى في 22 أكتوبر.
وبيّن أن تخلي الشركة الروسية عن هذا المشروع في هذا التوقيت يعزز الشكوك حول وجود الغاز من عدمه، مضيفا أن إسرائيل من جانبها هي الرابح الأكبر حتى الآن.
وتابع:" المياه اللبنانية يجب أن تمتد جنوباً حتى النقطة 29 بحسب القانون الدولي، ورسم الحدود حتى النقطة 29 يمنح لبنان حصة من حقل كاريش الإسرائيلي الذي يحتوي احتياطات مؤكدة وسيبدأ الإنتاج منه هذا الشهر".
ويضيف:" لكن الاتفاقية الحالية تمنح لبنان فقط حتى النقطة 23 وتحرمه من حقل كاريش".
وبحسب المتداول ستحصل إسرائيل على حصة من عائدات حقل قانا، وهذا ما يظهر مشكلة أخرى وهي كيفية تقاسم الحصص بين لبنان وإسرائيل.
وتزعم التسريبات اللبنانية أن حصة إسرائيل ستقتطع من حصة شركة توتال وليس من حصة لبنان.
وتلك التسريبات تطرح تساؤلا عن مدى قدرة شركة توتال على التخلي عن حصتها أو جزء من حصتها لإسرائيل؟، وهي لا تمتلك سوى 40% من حقوق استكشاف البلوك 9 (40% للشركة الإيطالية إيني و20% للشركة الروسية أو لمن سيشتري حصتها).
واستطرد قائلا: "سوف يحصل عليها لبنان ويحصل على جزء من حقل "كاريش" ولكن مشكلة حقل "قانا" يفترض وجودة والشركات الثلاث لم تتم استكشافها بهذه النقطة ولا توجد معلومات دقيقة حولة، متسائلاً "كيف يتم تحديد حصة إسرائيل منه؟
انفراجه كبيرة
ومن جانبه، قال المحلل والكاتب السياسي اللبناني، خليل القاضي، إن كافة الآراء تجمع على حصول لبنان على كافة المطالب التي قدمها قبل ذلك.
وأكد القاضي لـ"العين الإخبارية" أن " الأهم من إنهاء أزمة الترسيم هو السماح للبنان بالتنقيب في حدودة البحرية بعد وجود حصار غير معلن بمنعه عن التنقيب"، لافتا إلى أن الخطة التي تقدم بها المبعوث الأمريكي تتضمن هذا الخيار.
وأشار إلى أن مجموعة الشركات التي رسوا عليها اتفاق التنقيب والاستكشاف يمكن البدء في إخراج الغاز ودخول لبنان لنادي منتجي النفط والغاز ليشكل انفراجة كبيرة للاقتصاد المتدهور.
ولفت إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية وضرورة وجود مصادر أخرى للغاز سارع بالاتفاق بترسيم الحدود، مضيفا: "بحاجة إلى تشكيل حكومة بموصفات قوية وصلاحيات قادرة على التوقيع على الاتفاقات".
وتابع: " في كافة الأحوال سوف تدفع شركة توتال إلى إسرائيل من حصتها بعيدا عن لبنان، بالإضافة إلى أن الترسيم البحري بعيدا عن البري وهو كان المطلب الأساسي لدى المواطنين والحكومة".
رغبة دولية
وفي سياق متواصل، يقول المحلل السياسي اللبناني، عبدالله نعمة، إن قرب انتهاء الأزمة يعود فيه الفضل إلى الاجتماع الثلاثي الأمريكي الفرنسي السعودي والذي عقد في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية بناء على رغبة باريس.
وأوضح نعمة لـ"العين الإخبارية" أن باريس أرادت منه بشكل خاص إعطاء دفع معنوي دولي لمبادرتها اتجاه لبنان بعد التراجع الذي سجلته هذه المبادرة السابقة
وأكد أن هناك سلة كاملة متكاملة للحل في لبنان والمنطقة ومنها الترسيم وانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان ولن يكون ذلك بعيدا، معتقدا أن لبنان سيتعافى أوائل العام المقبل وهذا ما تتطلع إليه فرنسا والمجتمع الدولي وهو من ضمن المبادرة الفرنسية والتي تلقى دعما سعوديا أمريكيا للحل في البلاد.
وتابع أن أمريكا تهدف إلى أن يكون الغاز من لبنان بديلا لأوروبا عن الغاز الروسي بعد الحرب الأوكرانية، مبينا أن " هناك صفقة كبيرة وأدواتها شركة توتال لإنهاء أزمة الترسيم وبهذه السرعة".
وأشار إلى أن "توتال كانت أعدت تقريرا عن استفادة لبنان ١١٠ مليار دولار شهريا وهي حصته ما قدره بنسبة ٧٠ % ليكون الباقي لشركة توتال والأمركيين وهذا دليل على صفقة مبطنة بين كل القوى المتنازعة".