باحث بجامعة بوسطن يكشف لـ"العين الإخبارية" سر ضعف متحورات أوميكرون (حوار)
عند الحديث عن المتحور أوميكرون من فيروس كورونا المستجد، وطفراته، فإن القاسم المشترك بينها، أنها سريعة الانتشار.
لكنها في المقابل لا تسبب مرضا شديدا ونادرا ما تسبب وفاة، ذلك لأنها ضعيفة مقارنة بالنسخة الأصلية من الفيروس، وبعض المتحورات الأخرى مثل (دلتا).
ومثل كثير من الدراسات التي تجرى حول فيروس كورونا المستجد، والتي تستهدف البروتين الأساسي للفيروس، وهو البروتين الشوكي الذي يمنحه شكله التاجي الشهير (بروتين سبايك)، ركز فريق بحثي من جامعة بوسطن الأمريكية، على نفس البروتين، عسى أن يجدوا فيه اختلافا بين المتغيرات المختلفة، يساعدهم على تفسير سر ضعف محورات أوميكرون.
وبالبحث وجد الفريق أن الإجابة لن تكون في هذا البروتين، وبدلا من ذلك اكتشفوا لأول مره دور يلعبه بروتين يسمى "NSP6" في هذا الصدد، ووجدوا أنه قد يكون عاملا أساسيا في انخفاض قدرة الفيروس على إحداث المرض.
فما هي قصة هذا الاكتشاف؟ وما هي فائدته؟ وهل يمكن أن يقود إلى إنتاج لقاحات جديدة ؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، محسن سعيد، عالم الفيروسات بجامعة بوسطن، والباحث الرئيسي بالدراسة التي أعلنت عن هذا الاكتشاف، والتي تم نشرها في العدد الأخير من دورية " نيتشر".
إلى نص الحوار:
*بداية: ظهر متغير أوميكرون في المشهد أواخر عام 2021، وجاء اكتشافكم في بدايات 2023، فما الذي حدث خلال تلك الفترة؟
**منذ بداية تفشي فيروس كورونا المستجد في أمريكا، كان مختبرنا يدرس الفيروس، وفي أواخر عام 2021، ظهر المتغير أوميكرون، والذي أكدت الملاحظات أنه ينتشر بشكل أسرع من المتغيرات السابقة، لكنه كان ضعيفا في المقابل، فأردنا معرفة السبب، وبعد أبحاث متواصلة نجحنا في اكتشاف السر، وهو بروتين جديد يسمى "NSP6".
*وكيف توصلتم لهذا الاكتشاف المهم؟
**مثل كثير من الدراسات حول فيروس كورونا المستجد، كنا مهتمين في البداية بالبروتين (الشوكي)، وهو البروتين الأساسي في فيروس كورونا، وتولدت لدينا فكرة، أنه إذا أخذنا البروتين الشوكي من متحور أوميكرون، ثم وضعناه في السلالة الأصلية من الفيروس، سيتولد لدينا فيروس، يتكون من نسخة السلالة الأصلية، منقوع ببروتين (أوميكرون)، وهذا الفيروس يجب أن يسبب مرضا خفيفا، إذا كان السر في ضعف متغير أوميكرون، يكمن في البروتين الشوكي، ولكننا فوجئنا بأن هذه النسخة الجديدة من الفيروس كانت قاتلة للقوارض في تجاربنا بالعمل.
*إذن، فهذا يعني أن الشر لا يكمن في بروتين (سبايك)؟
**بالضبط، كانت هذه هي النتيجة التي خلصنا إليها، فلو كان السر في بروتين (سبايك) لم يكن لهذا الفيروس المصنع أن يتسبب في موت القوارض، ومن هناك بدأت رحلة البحث عن السبب في ضعف متغيرات أوميكرون، والتي قادت في النهاية لاكتشاف الدور الذي يلعبه البروتين (NSP6).
*فهمت كيف استبعدتم بروتين "سبايك" لكن لم أفهم كيف تأكدتم من مسؤولية البروتين (NSP6)؟
**فيروس كورونا يتكون من 4 بروتينات تسمى بـ"البروتينات الهيكلية"، و 16 أخرى تسمى بـ"البروتينات غير الهيكلية"، والتي تساعد الفيروس على التكاثر، وخلق البيئة التي يحتاج إليها في الخلية المصابة لعمل نسخ من نفسه، وضمن فئة هذه البروتينات يبرز البروتين (NSP6)، والذي يقوم بوظيفة مهمة للغاية، حيث يساهم في تكوين حويصلات غشائية في الخلايا المصابة، تعمل كمصانع لتضخيم الجينوم الفيروسي، وكما فعلنا مع بروتين "سبايك"، الذي أخذناه من متغير أوميكرون، ثم وضعناه في الفيروس الأصلي، فعلنا نفس الشيء مع البروتين ( NSP6)، حيث أخذناه من متغير أوميكرون، ثم وضعناه في الفيروس الأصلي، فوجدنا انخفاضا ملحوظا في تكاثر الفيروس، كما رصدنا أيضا انخفاض ملحوظ في عدوى الشعب الهوائية في رئتي الفئران المصابة.
*وكيف يمكن الاستفادة من هذا الاكتشاف؟
** يمكن الاستفادة من اتجاهين، الأول أن الاختلافات في تركيبة البروتين (Nsp6) بين المتحورات المختلفة، يمكن أن يساعد في تطوير علاجات مضادة للفيروسات، والثاني أنه يمكن الاستفادة من نتائج البحث في إنتاج لقاحات تعتمد على الفيروس الحي الضعيف، وهي إحدى التقنيات المعتمدة في إنتاج اللقاحات.
*ألم تشعرون بالخوف من إمكانية تسرب فيروس جديد من معاملكم أثناء تجاربكم الأخيرة؟
**لدينا في جامعة بوسطن مختبر آمن للأمراض المعدية، يطبق أعلى معايير السلامة، ولا يمكن أن تحدث مثل هذه الحوادث.