خسائر «مهولة».. حصاد الصيد بشباك الجر في قاع البحار

على الرغم من الفوائد العديدة للصيد بشباك الجر في القاع؛ فإنّ خسائرها الاقتصادية باهظة.
من المعروف أنّ الصيد بشباك الجر في القاع من أساليب الصيد غير المستدامة، وقد حذرت العديد من الأبحاث العلمية من أسلوب الصيد هذا.
ولا يتوقف الأمر عند الأضرار البيئية، بل إلى الاقتصاد، حيث أظهرت أول دراسة تقيس التكلفة الاقتصادية الكاملة لصيد الأسماك بشباك الجر في القاع في المياه الأوروبية التي تشمل: أيسلندا، النرويج، المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، أنّ ممارسة هذا النوع من الصيد من شأنه أن يتسبب في تكلفة اقتصادية تصل إلى 10.8 مليار يورو سنويًا. إضافة إلى رواسب قاع البحر التي تقود إلى إطلاق كميات هائلة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يُعد أحد أبرز الغازات الدفيئة المتسببة في الاحترار العالمي الذي يعاني منه الكوكب اليوم.
ما هو الصيد بشباك الجر في القاع؟
من اسمه، هو أسلوب للصيد من قاع البحر أو بالقرب منه، فيه تُستخدم شباكًا مسحوبة لصيد الأسماك والكائنات البحرية الأخرى. ويشمل الكثير من معدات الصيد التي غالبًا ما تتلامس مع قاع البحر. وتُفضل الكثير من مصايد الأسماك استخدام هذا النوع من الصيد؛ لأنه يُعد طريقة فعّالة لصيد كميات كبيرة من الأسماك والمحاريات التي تعيش عند قاع البحر. ما يوفر الغذاء الكافي لإطعام الأعداد الهائلة من السكان التي تتزايد يومًا بعد يوم؛ إذ يعتمد أكثر من 3 مليار شخص على المحيطات كمصدر رئيسي للبروتين والأحماض الدهنية وأوميغا 3 والحديد وفيتامين ب 12 (B12)، وغيرهم من العناصر الغذائية الموجودة في الأسماك.
أضرار الصيد بشباك الجر في القاع
هناك العديد من الأضرار الأخرى التي أُشير إليها عدة مرات حول الأضرار الناتجة عن الصيد بشباك الجر في القاع، منها:
1- ضعف الإنتاجية
يتسبب الصيد بشباك الجر في القاع في ضعف الإنتاجية السمكية على مستوى الصناعة؛ إذ يقل تنوع الأسماك ووفرتها وحجمها، ما يؤثر على صناعة الأسماك ويُضعف إنتاجيتها؛ خاصة في الاتحاد الأوروبي.
2- بصمة كربونية أعلى
هناك نوعان من الصيد بشباك الجر في القاع. إحداهما تعتمد على سفن شحن ضخمة مجهزة بكل الأدوات اللازمة، وهذه تستهلك الكثير من الطاقة والوقود، ما يؤدي إلى إطلاق انبعاثات دفيئة يصعب التصدي لها. النوع الثاني هي طريقة الصيد التي لا تعتمد على سفن الشحن الضخمة المجهزة، ولكنها تكون أبسط، مع ذلك تتسبب في إطلاق انبعاثات للغازات الدفيئة، لكنها أقل مقارنة بسفن الشحن الضخمة المجهزة بالأدوات.
3- الإضرار بالكائنات البحرية
من المفترض أنّ الغرض الرئيسي من الصيد بشباك الجر في القاع هو استهداف الأسماك والكائنات البحرية للطعام، لكنّ الشباك لا تُفرق بين الأسماك المستهدفة والكائنات البحرية الأخرى مثل السلحفاة، الفقمات، الطيور البحرية، المرجان، وغيرهم من أشكال التنوع البيولوجي في النظام البيئي البحري؛ فطريقة هذا الصيد هو جر شبكة بعضها ضخم يتسع لعشر طائرات 747 على طول قاع البحر لصيد الأسماك.
لكن التكاليف باهظة!
على الرغم من أنّ الصيد بشباك الجر في القاع لها العديد من الفوائد المتمثلة في توفير الغذاء والبروتين والعناصر الغذائية اللازمة لحياة الإنسان، إلا أنّ التكاليف الاقتصادية باهظة؛ مثلما ذكرت الدراسة الحديثة، وتأتي هذه الدراسة في الوقت الذي تدعو فيه العديد من منظمات المجتمع المدني في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى حظر صيد الأسماك بشباك الجر في القاع في المناطق البحرية المحمية، والتي من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للحياة البحرية، لكن يبدو أنه يتم انتهاكها؛ فهناك 60% من المناطق البحرية المحمية الأوروبية تمارس الصيد بشباك الجر في القاع. هذا يعني أنّ هذا الصيد غير المستدام يُمارس في أكثر من نصف المناطق التي من المفترض أن تكون محمية بموجب القانون.
ولحساب التكاليف والأضرار الاقتصادية، استخدم الباحثون بيانات من (Global Fishing Watch)؛ لتتبع نشاط الصيد العالمي، بين عامي 2016 إلى 2021. بعد ذلك، قاموا بحساب قيمة ممارسات هذا الصيد في المجتمع الأوروبي من خلال عدة محاور: إيرادات الصيد، فرص العمل، وإمدادات البروتين. ثم طرحوا منها التكاليف التي تشمل: النفايات المرتجعة، الدعم، انبعاثات الكربون، وتكاليف التشغيل. وقد استندوا أيضًا إلى بعض الأبحاث الحديثة التي تحسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون السنوية الناتجة عن الصيد بشباك الجر في القاع ووصولها للغلاف الجوي.
وخلصت الدراسة إلى أنّ الحد من صيد الأسماك بشباك الجر في القاع بجميع أنحاء أوروبا بمقدار الثلث، من شأنها أن تُعظم الفوائد الصافية، وتقلل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
aXA6IDE4LjIyMi4yMjYuMTUg جزيرة ام اند امز