كيف انتقلت الأفعال الفاضحة إلى أعلى الكوبري؟.. "العين الإخبارية" تضع يدها على طرق العلاج
ألقت الأجهزة الأمنية في مصر، القبض على شاب وفتاة مارسا فعلا فاضحا أعلى إحدى وصلات محور روض الفرج بالعاصمة القاهرة، بعد انتشار مقطع فيديو لهما على مواقع التواصل الاجتماعي تسبب في هجوم عنيف عليهما.
واعترف الشاب والفتاة خلال الإدلاء بأقوالهما بأنهما يعيشان قصة حب منذ سنوات، وتعددت لقاءاتهما العاطفية بعيدا عن عيون الأهل، وكانا خلالها يتبادلان الغرام، لكنهما مارسا الفعل الفاضح على الكوبري دون معرفتهما بالعواقب القانونية المترتبة على ذلك.
وكشفت التحقيقات أن الفتاة "ن ك" من مواليد عام 2004، وأن الشاب "ي م" من مواليد عام 2005، ويصغر الفتاة بعام، وأنهما ما زالا في المرحلة الثانوية ويقيمان في منطقة الشرابية شمالي القاهرة.
وأكد الشاب والفتاة أنهما قررا الخروج في نزهة والسير على كوبري الساحل القريب من منطقة إقامتهما، ومارسا الغرام حتى التقطتهما كاميرا هاتف أحد سكان العقارات المقامة بجوار الجسر والمطلة عليه.
من جهتها، أمرت النيابة باستدعاء أسرتي الشاب والفتاة تمهيدا لترحيلهما إلى نيابة الأحداث.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء عدد من الخبراء في مجالات علم النفس والاجتماع والدين، للإجابة عن السؤال الذي فرض نفسه: "كيف انتقلت الأفعال المنافية للآداب من أسفل الكوبري إلى أعلاه؟"، وكيف أصبح هناك مجاهرة بعد أن كان هناك محاولات من مرتكبيها للاستتار بعيدًا عن أعين الناس؟.
حادث فردي
يقول الشيخ طلعت مسلم، الداعية الإسلامي، إن هذه الواقعة تعد حادثا فرديا وليست ظاهرة، فلا يمكن أن نعتبر واقعة حدثت مرة أو اثنتين بأنها ظاهرة مجتمعية.
وأضاف مسلم، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن وجود هذه الأفعال شيء قميء، لأن بعض الحيوانات ترفض أن تمارسه في الشارع وعلى الملأ، فضلا أن يكون إنسانا كرمه الله تعالى.
وأضاف مسلم: "المصاب ببلوى المعصية يجب عليه أن يستتر، حتى لا يكون مجاهرا بها متحديا ما شرعه الله تعالى، فعدم الاستتار ذنب قد يكون أعظم من الذنب نفسه".
المجاهرة كبيرة
أما الدكتور سامي العسالة، مدير التفتيش الديني الأسبق بوزارة الأوقاف المصرية، فيؤكد أن المجاهرة بالمعصية هي من الكبائر التي تميت القلوب وتقضي على الحياء فتنتشر المعصية ويستهان بفعلها بين الأفراد.
ويوضح العسالة، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن المجاهرة هي إظهار ما ستر الله على العبد من فعله للمعصية كأن يحدث بها تفاخرا أو استهتارا بستر الله، مضيفا أن رسول الله (ص) قال: (كُلُّ أَمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ)، ويستكمل: "أعظم هذه الذنوب المجاهرة بها، ومعناها أن يرتكب الشخص الإثم علانية، أو يرتكبه سرا فيستره الله عز وجل ولكنه يخبر به بعد ذلك مستهينًا بستر الله له".
وينقل العسالة عن ابن بطال قوله: "في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله، وبصالح المؤمنين، وفيه ضرب من العناد لهم، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف".
ظاهرة ليست جديدة
أما الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فيقول إن هذه الحوادث موجودة منذ عقود، لكن لم يكن هناك هواتف أو كاميرات لتوثيقها.
ويستشهد صادق، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، بفيلم "الحب فوق هضبة الهرم"، وأنه عرض لمشكلة مشابهة.
أسباب الظاهرة
يؤكد العسالة أن من مسببات هذه الظاهرة رفاق السوء والتربية السيئة وغياب الاهتمام الأسري وتوتر العلاقات داخل الأسرة، وانتشار المواقع الإباحية والأفلام الهابطة وتخلي الوالدين في البيت والمعلمين في المدرسة عن دورهم التربوي.
ويضيف: "هذا بجانب قلة مراقبتهم لربهم العزيز، فلما ضعفت المراقبة في قلوبهم أو انعدمت، تجرأوا على بارئهم؛ فجاهروا بذنوبهم.. هذا بسبب ما نعيشه نحن المسلمون اليوم من بُعد عن الله".
في حين يرى صادق أن الأزمة في الزيادة السكانية، وعدم القدرة على تربية هذه الأعداد الكبيرة، بجانب ارتفاع تكاليف الزواج والفقر وقلة المال.
واعتبر صادق أن هذا التصرف "علامة واضحة على اليأس"، لأنهما لم يفكرا حتى في أن يقوما بهذا الفعل في منطقة مستترة أو مظلمة، وإنما قاما به في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من الجميع.
واعتبر صادق أن الشابين ضحايا للأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وليس لديهم أمل في المستقبل، مؤكدًا أن الطبقات العليا إذا أرادت أن تفرغ عن طاقاتها الجنسية تفرغها إما بالزواج أو في الأماكن المغلقة، أما الفقراء فالشارع خيارهم الأول.
تعصب المجتمع
ويأخذ الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي والإدمان، مسلكًا مغايرًا، حيث يبدي حزنه من تناول مواقع التواصل الاجتماعي للقضية، قائلاً: "أزعجني هتك الستر والخوض في الشابين، وتأثير ذلك على الشابين وأسرتيهما".
وقال الباسوسي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن تعامل "السوشيال ميديا" مع القضية عكس "ردود أفعال مجتمعية بدائية"، لأن هذه الحادثة "تحدث مئات المرات يوميًا في الكورنيش وفي المقطم".
وقال الباسوسي إن الشابين اختارا مكانًا منزويًا أعلى الكوبري، وما فعلاه سلوك مراهقين، يعكس واقع متردي وسيئ، واستنكر اعتبار البعض أنهم حراس العقيدة وحماة القيم بهجومهما على الشابين.
وأضاف الباسوسي: "القضية ببساطة ولد وبنت استغلوا الإضاءة الخافتة وإن المكان متواري عن الأنظار حيث تقل السيارات المارة عليه، لأن طبيعي محدش هيجاهر في مكان عام، حتى في أوروبا".
واعتبر الباسوسي أن التركيز على مثل هذه القضايا ملهاة عن الأوضاع الاقتصادية وأحوالنا المعيشية ومشاكلنا الاجتماعية والثقافية، وأضاف: "ازاي نعتبر إن اتنين صبيان مراهقين يكسروا المجتمع، دا معناه إننا مجتمع هش ثقافيًا واجتماعيًا، نحن نريد مجتمعًا قويًا ومستنيرًا يحل مشاكله".
كيفية العلاج
يرى صادق أنه علينا حل أزمة الزيادة السكانية، لأن بحلها سيكون الزواج ميسرًا، لأن الزواج هو المكان الطبيعي لتفريغ هذه الطاقات الجنسية، ويؤكد على ضرورة حماية الشباب من الشعور باليأس.
في حين يرى العسالة أن العلاج يكمن في الرجوع إلى مكارم الأخلاق، قائلا: "نحن نعاني من أزمة أخلاقية، ولابد من عودة البيت والمدرسة وجميع مؤسسات التنشئة إلى دورها المنوط بها في التربية والتوجيه قبل التعليم، وأركز على دور الوالدين واهتمامهما بأولادهما، فليسَ اليتيمُ من انتهى أبواه من همِّ الحياةِ وخلّفاهُ ذليلا، إن اليتيمَ هو الذي تَلْقَى له أُمَّا تَخَلَّتْ أو أبًا مشغولا".
أما مسلم، فيرى أن العلاج يكون ببث روح الإيمان فى قلوب الشباب وكما فعل رسول الله (ص) مع الشاب الذى جاء يطلب منه رخصة للزنا، فعالجه المصطفى علاجات نفسيا فقال له: أترضاه لأمك؟ أترضاه لأختك؟ أترضاه لخالتك؟ أترضاه لعمتك؟.. والشاب يقول: لا، حتى بغض الزنا.
ويؤكد أن من العلاج وجود حملة إعلامية كبيرة على كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وبرعاية الدولة لتيسير الزواج للشباب، يكون الهدف منها القضاء على مظاهر الانحراف الأخلاقي.
aXA6IDMuMTQ1LjM0LjUxIA==
جزيرة ام اند امز