عامان على الاتفاق الإبراهيمي.. كيف قادت الإمارات قاطرة السلام؟
خلال عامين فقط من توقيعه، نجح اتفاق السلام الإبراهيمي بين دولة الإمارات وإسرائيل في دعم أمن واستقرار المنطقة.. ولكن كيف تم ذلك؟
يتضح ذلك جليا باستعراض نتائج هذا الاتفاق الذي وقعته دولة الإمارات وإسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020، وتحل، اليوم الخميس، ذكرى مرور عامين على توقيعه.
توسيع مظلة السلام
إحدى أبرز وأهم نتائج هذا الاتفاق أن دولة الإمارات فتحت من خلاله الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث شجع الاتفاق انضمام البحرين والسودان والمغرب تباعا لقطار السلام، وبدء حقبة جديدة من التعاون بين تلك الدول وإسرائيل تقوم على التعاون والشراكة.
فعقب خطوة دولة الإمارات الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول 2020، وقعت المنامة في اليوم نفسه إعلان تأييد سلام مع تل أبيب، قبل أن تمضي قدما لتوقيع بيان تاريخي مشترك في 18 أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه بشأن "إقامة علاقات دبلوماسية إيذانا ببداية عهد جديد وواعد في العلاقات بين البلدين".
ويوما بعد يوم، بدأت تتسع مظلة السلام في خطوات متسارعة وتنتقل من دولة إلى أخرى ومن قارة إلى قارة، على نفس مسار السلام الإماراتي، لنشر السلام والتسامح وتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
وبعد نحو شهر من توقيع اتفاق السلام الإماراتي الإسرائيلي، أعلن السودان في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 الانضمام لمسار السلام، قبل أن يلحق المغرب بالمسار نفسه في 10 ديسمبر من العام نفسه.
وتشهد الآونة الأخيرة زيارات متبادلة ومباحثات متواصلة تؤكد أن شركاء السلام في الاتفاقيات الإبراهيمية، يمضون قدما في استثمار ثمار السلام الذي تحقق، والتأسيس عليه لتعزيز أمن واستقرار المنطقة.
أحد أهم تلك الاجتماعات في هذا الصدد "قمة النقب" التي عقدت نهاية مارس/آذار الماضي، بمشاركة وزراء خارجية دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ومصر والبحرين والمغرب وإسرائيل.
وأثبتت القمة أهمية التعاون بين شركاء السلام (الإمارات والمغرب والبحرين ومصر وأمريكا وإسرائيل)، في وضع خارطة طريق تقود لبيئة أمنية إقليمية مستقرة، تكون داعمة للحوار ونشر السلام من أجل النهوض بمستقبل المنطقة.
وفي هذا الصدد أجمع وزراء خارجية الإمارات ومصر والمغرب والبحرين والولايات المتحدة وإسرائيل، في ختام قمة النقب على نبذ الإرهاب، وتعزيز السلام.
ودعما لأهداف تلك القمة ومتابعة لمخرجاتها، استضافت البحرين 27 يونيو/ حزيران الماضي، الاجتماع الأول للجنة التنسيقية لـ"منتدى النقب" في خطوة هامة لتعزيز الحوار والتعاون والسلام في المنطقة.
وتواصل تلك البلدان تعميق الحوار الاستراتيجي الوثيق والتعاون الثنائي لمواجهة التحديات الإقليمية واغتنام الفرص، بما يوفر آلية فعالة لتعزيز القوة الإيجابية للسلام والنهوض بالمنطقة، وتقديم نموذج متفرد لأهمية السلام في تحسين حياة الشعوب.
رؤية تنموية شاملة
أيضا من أبرز نتائج هذا الاتفاق وما تبعه من اتفاقيات سلام مماثلة تعزيز العلاقات التنموية والاقتصادية والعلمية الثنائية بين الدول الأطراف في تلك الاتفاقيات ضمن رؤية تنموية شاملة تستهدف تحقيق الازدهار والتنمية لشعوب تلك الدول، ويدعم أمنها واستقرارها.
وشهد التعاون الثنائي بين الدول الموقعة على الاتفاقات الإبراهيمة للسلام تطورات ملحوظة خصوصاً في مجالات الاقتصاد والطاقة والبيئة والفضاء والتكنولوجيا المتقدمة والتعليم والبحوث وغيرها من القطاعات ذات الاهتمام المشترك.
اتفاقيات تؤكد أن منافع تلك الاتفاقيات تتجاوز الجانب السياسي، إلى تعاون لا تقتصر فائدته على مواطني تلك الدول فقط، بل يعود بالنفع على الإنسانية ككل.
وتحل ذكرى مرور عامين على اتفاق السلام، فيما تؤكد لغة الأرقام أن العلاقات التجارية بين إسرائيل والدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، فاقت التوقعات وامتدت لتصل إلى دول أخرى في المنطقة.
وبمرور عامين على اتفاقيات إبراهيم فقد قفزت التجارة بين إسرائيل والدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم بشكل كبير بالتزامن مع توقيع عشرات مذكرات التفاهم والاتفاقيات التجارية والمالية.
وقال معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام -في بيان تلقته "العين الإخبارية"-: "بلغت التجارة الثنائية بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة 1.407 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2022، متجاوزة 1.221 مليار دولار من التجارة المسجلة بين البلدين في عام 2021 بالكامل".
كما أشار المعهد في يونيو/حزيران الماضي إلى أن التجارة مع الأردن زادت بنسبة 54% عن العام الماضي وبلغت 55 مليون دولار، تليها مصر بنسبة 41% بقيمة 23.6 مليون دولار.
وقال: "وصل المغرب إلى 3.5 مليون دولار في صفقات تجارية مع إسرائيل في يونيو/حزيران 2022، انخفاضا من 9 ملايين في يونيو/حزيران 2021، وفي النصف الأول من 2022 وصلت التجارة الثنائية إلى 19.4 مليون دولار، وهو ما يوازي قيمة التجارة الثنائية في النصف الأول من عام 2021".
وأضاف: "زادت التجارة بين إسرائيل والبحرين إلى 0.8 مليون دولار في يونيو/حزيران 2022، ارتفاعا من 0 في يونيو/حزيران 2021، وفي النصف الأول من عام 2022 وصلت التجارة الثنائية بين البلدين إلى 5 ملايين دولار ارتفاعا من 0 في النصف الأول من عام 2021".
مسار جديد لدعم فلسطين
كذلك أسهم الاتفاق في توفير مسار جديد لدعم القضية الفلسطينية من دول داعمة للسلام، أصبح لها صوت مسموع ومؤثر، وأضحت لها القدرة على إيصاله لإسرائيل والعالم، وهو ما ترجمته دولة الإمارات في مناسبات عدة اتخذت خلالها مواقف قوية وصلت لاستدعاء سفير إسرائيل لديها (كما حدث في أبريل/ نيسان الماضي) احتجاجا على توترات شهدتها القدس آنذاك.
أيضا خلال القمة الإماراتية الأمريكية التي جمعت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات والرئيس الأمريكي جو بايدن في جدّة بالمملكة العربية السعودية 16 يوليو/تموز الماضي، ناقش الجانبان أهمية حماية آفاق "حل الدولتين" وضمان أن يعود "الاتفاق الإبراهيمي" بالفائدة على الفلسطينيين.
وأعرب بايدن عن تقديره للقيادة الشخصية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان في إلغاء الحواجز وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتعميق التعاون مع الدول الأخرى في المنطقة.
مواقف عدة تؤكد من خلالها دولة الإمارات مجددا دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف بأن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت.
أيضا تترجم دولة الإمارات من خلال تلك الموقف رؤيتها ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
نشر ثقافة التسامح
ومن النتائج الهامة لاتفاق السلام الإبراهيمي التي أسهمت في استقرار المنطقة، هو قيامه بتهيئة الأجواء لمناخ يشجع على ثقافة التسامح والتعايش والتعاون والأخوة بدلا من ثقافة العداء والإقصاء والكراهية، الأمر الذي شجع في تعزيز العلاقات بين الشعوب.
وخلال العامين الماضيين فقط، قام نحو 450 ألف سائح إسرائيلي بزيارة دولة الإمارات.
كما أعلنت طيران الإمارات في 27 يوليو/ تموز الماضي اعتزامها تعزيز خدماتها بين دبي وتل أبيب بإطلاق رحلة يومية ثانية اعتباراً من 30 أكتوبر/تشرين الأول المقبل لتعزز بذلك خيارات السفر المُتاحة للمسافرين بعد مرور ما يزيد قليلا على شهر من تدشين رحلات الناقلة بين المدينتين.
يأتي تشغيل الرحلة اليومية الإضافية بين دبي وتل أبيب استجابة للطلب المرتفع من المسافرين والبناء على نجاح الخدمة الحالية التي تسيرها "طيران الإمارات" إلى إسرائيل وذلك في ظل التزام الناقلة بتعزيز خدماتها بين البلدين.
وأسهم الاتفاق الإبراهيمي في إرساء دعائم السلام في المنطقة وفتح نوافذ أمل وفرص تواصل بين الشعوب، وهو ما يعكس نهج دولة الإمارات الراسخ القائم على التسامح وإعلاء القيم الإنسانية والتعايش والتضامن الإنساني.