قمة «بريكس».. أولويات تنشد الاستقرار وبصمة الإمارات تسبق اللقاء
من إرساء الأمن والاستقرار إلى تعزيز علاقات التعاون والشراكة، تتشكل عناوين قمة "بريكس" التي ستنعقد في مدينة قازان الروسية.
أولوياتٌ حددتها روسيا التي ترأس الدورة الحالية للتكتل الاقتصادي الواعد، الذي يلتئم الثلاثاء المقبل بحلة جديدة مع انضمام ست دول، هي الإمارات والسعودية ومصر وإثيوبيا وإيران والأرجنتين، للأعضاء المؤسسين للمجموعة.
وفي كلمته بالجلسة العامة لمنتدى أعمال "بريكس" في موسكو، أمس الجمعة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تعمل على خطط لتطوير الشركات في 3 اتجاهات، هي السياسة والأمن والاقتصاد.
ولفت إلى أن تعميق التعاون بين دول "بريكس" والسعي إلى النمو الاقتصادي والاستقرار يعطي نتائج ملموسة ويحسن من حياة المواطنين في الدول الأعضاء.
واستهلت الإمارات أسبوع القمة بالإعلان عن نجاحها في إتمام صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، أمس الجمعة، في إطار وساطتها التاسعة منذ بداية 2014، التي أسفرت في مجملها عن إطلاق سراح 2184 أسيرا من كلا الجانبين.
كما تنعقد القمة على وقع سياق إقليمي ودولي ملتهب يبحث عن تهدئة ملفات ساخنة في مقدمتها الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتصعيد بين حزب الله اللبناني وتل أبيب، إضافة إلى استمرار الحرب في أوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022.
ملفاتٌ من المقرر أن تفرض نفسها على طاولة "بريكس" هذا الأسبوع، بحضور دولة الإمارات حاملة مشعل السلام من الشرق الأوسط إلى أرجاء العالم.
ومن أوكرانيا مرورا بالسودان وما يجري في قطاع غزة، كثفت دولة الإمارات جهودها لإنهاء الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم، بما يسهم في دعم الأمن والاستقرار.
ولطالما، دعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ضبط النفس وتجنيب المنطقة التصعيد، مؤكدة ضرورة حل الخلافات بالحوار وعبر القنوات الدبلوماسية.
أولويات السياسة والأمن
وتسعى روسيا من خلال هذه القمة إلى دمج الأعضاء الجدد في الرابطة بسلاسة وانسجام في التفاعل في إطار صيغة "بريكس".
ومع تطوير أشكال التفاعل مع الدول الشريكة في المجموعة، تؤكد رئاسة "بريكس" ضرورة تعزيز التمسك بسيادة القانون الدولي ومبدأ المساواة السيادية بين الدول.
إضافة إلى إنشاء علاقات قوية بين مجموعة "بريكس" والدول النامية وجمعيات التكامل التابعة لها، وتكثيف التعاون لضمان الأمن الدولي والاستقرار الاستراتيجي على المستويين الإقليمي والعالمي.
مع تطوير القدرة على التعاون في مواجهة الإرهاب، ومكافحة غسل الأموال والجريمة، وتكثيف لحوار بشأن قضايا مكافحة الفساد.
أولويات تشمل أيضا تعزيز التعاون لإنشاء نظام لضمان أمن المعلومات الدولي من أجل منع وحل النزاعات في مجال المعلومات.
وفي معرض حديثه لرؤساء وسائل إعلام تابعة للمجموعة، أكد بوتين أن "بريكس" لم تنشأ ضد أي اتحاد أو مجموعة، مستحضرا ما قاله في هذا الصدد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي, بأن التكتل "ليس ضد الغرب وإنما هو فقط ليس غربيا".
التعاون في الاقتصاد والتمويل
ومن السياسة والأمن إلى الاقتصاد والتمويل تمتد أولويات رئاسة روسيا لقمة قازان، عبر توحيد الجهود ضد تفتت نظام التجارة المتعدد الأطراف وزيادة الحمائية.
كما تسعى موسكو إلى تعزيز التفاعل بين دول مجموعة "بريكس" على المنصات المتعددة الأطراف ذات الصلة، بما في ذلك منظمة التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، ومجموعة العشرين.
كذلك تعمل على زيادة حجم التجارة والاستثمار المباشر، وتعزيز الانتقال المتوازن والعادل إلى اقتصاد منخفض الكربون.
بالإضافة إلى تعزيز دور دول مجموعة "بريكس" في النظام النقدي والمالي الدولي، وتطوير التعاون بين البنوك، وتقديم المساعدة في تحويل نظام الدفع الدولي، وتوسيع استخدام العملات الوطنية لدول التكتل في التجارة المتبادلة.
إلى جانب ذلك، تضمنت أولويات الرئاسة الحالية لمجموعة "بريكس" تعزيز التعاون في استخدام أنظمة الدفع والتكنولوجيات المالية، وتكثيف الحوار بين الدول الأعضاء بشأن قضايا التنمية الصناعية التي تهدف إلى تعزيز زيادة إنتاجية العمل والرقمنة.
مع تعزيز التعاون في القطاع الزراعي، بما في ذلك تطوير التجارة المتبادلة، فضلا عن ضمان الأمن الغذائي، وتكثيف التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك المساعدة في ضمان أمن الطاقة.
وصولا إلى توسيع التعاون في قطاع النقل، وتعزيز القدرة على اكتشاف والاستجابة لتفشي الأمراض المعدية المثيرة للقلق الدولي، فضلا عن تكثيف التعاون لمواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية، وتعزيز التعاون في نقل التكنولوجيا باستخدام إمكانات شبكة مراكز "بريكس" ودعم الإنتاج التكنولوجي العالي المشترك بين الأعضاء.
وبلغ مجموع الناتج الإجمالي المحلي لدول المجموعة أكثر من 60 تريليون دولار، وهو ما يزيد على مجموعة السبع، وفق ما أعلنه بوتين في منتدى أعمال "بريكس".
ولفت بوتين إلى أنه في السنوات الأخيرة هناك توقعات بنمو مجموعة "بريكس" بنسبة 4%، وهو أعلى من دول مجموعة السبع 1.7% ونمو الاقتصاد العالمي 3.2%.
كما نوه إلى أن "بريكس" تستحوذ على ربع صادرات السلع في العالم، وأن دولها مهيمنة على عدد من الأسواق من بينها أسواق الطاقة.
وعن بنك بريكس الذي اتفق قادة المجموعة على تأسيسه في قمة جنوب أفريقيا المنعقدة عام 2013، أوضح بوتين أنه "يمثل بديلا لعدد من المؤسسات المالية الغربية".
والغرض من البنك هو تمويل مشاريع البنية التحتية ومشاريع التنمية المستدامة في دول "بريكس" والبلدان النامية.
المجالات الإنسانية والثقافية
ومن السياسة والأمن والاقتصاد تصل أولويات قمة قازان إلى المحطة الإنسانية والثقافية، إذ تسعى إلى تعزيز التعاون في مجال التعليم، وتكثيف التعاون بين ممثلي المجتمع العلمي والخبراء.
تعاونٌ يمتد إلى تعزيز التفاعل بين العلماء والمبتكرين الشباب، وتطوير التعاون في الشؤون الثقافية والرياضية وفي مجال السياحة والعمل التطوعي أيضا.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقائه مع رؤساء وكالات ووسائل إعلام تابعة لدول المجموعة إن "أهم شيء هو صياغة مراكز جديدة للتطور، مراكز من الخبراء التي أستمع لآرائهم والمرتبطة بالدرجة الأولى بدول "بريكس" ودول الجنوب العالمي".
وعشية انعقاد قمة قازان أعلن الرئيس الروسي أن خطة عمل بلاده خلال رئاستها مجموعة "بريكس" تم إنجازها بنسبة تزيد على 80%.
وفي هذا الصدد، ذكر أنه تم عقد أكثر من 200 حدث واجتماع ومؤتمر منذ ترؤس روسيا المجموعة، مشيرا إلى أن انعقاد منتدى الأعمال قبل القمة يؤكد أهمية الشراكة الاقتصادية الوثيقة بين بلدان المجموعة، ويشير إلى أهمية تعزيز التجارة والاستثمار وتعزيز علاقات التعاون.