مراوغة وهجمات مضادة.. تكتيكات إخوانية للالتفاف على التحركات البريطانية
ضجة أثيرت حول الإجراءات التي تعتزم بريطانيا اتخاذها ضد الجماعات التي تروج لأيديولوجية تقوم على «العنف أو الكراهية»، والتي يعد تنظيم الإخوان في القلب منها.
إلا أنه رغم تلك الضجة فإن «الإخوان» يبدو أنه استعد جيدا لتلك الخطوة بتكتيكات، قد تجعل الإجراءات البريطانية المُرتقبة غير مؤثرة بالشكل الكافي على التنظيم، الذي يعتبر لندن العاصمة الثانية له.
قبل أيام، كشفت بريطانيا عن تعريف جديد للتطرف ستُحرم بموجبه هيئات معينة من التمويل الحكومي والاجتماع بالمسؤولين، ورغم أنه لم يزح الستار بعد عن الجماعات أو المنظمات التي تنوي الحكومة تصنيفها بالتطرف، لكن الأخيرة وعدت بنشر قائمة في الأسابيع المقبلة، تستهدف «الإسلاميين» والنازيين الجدد.
فكيف استعد الإخوان؟
في أحاديث منفصلة لـ«العين الإخبارية» قال خبراء أمن ومحللون سياسيون إن التنظيم يعيد منذ سنوات إنشاء منظمات جديدة، بأسماء جديدة لا تشير أو يفهم منها أنها تابعة للإخوان، مشيرين إلى أنه يتعمد التعتيم وإخفاء شبكاته التنظيمية، عبر الاستعانة بشخصيات ربما ليست من أصول عربية لإدارة هذه المنظمات.
ووفقا لهؤلاء الخبراء، فإن تنظيم الإخوان الذي لم يستبعد شروع بريطانيا في التضييق على نشاطه وتحركاته، أنشأ شبكة منظمة من الجمعيات الخيرية والمشاريع الاقتصادية في بريطانيا، حاول من خلالها الحفاظ على «حاضنته البديلة» في البلاد، بعد أن لفظتهم العديد من دول العالم.
وينصّ التعريف الجديد الذي وضعته بريطانيا، على أن التطرف «هو ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصّب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج».
ويهدف التعريف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بأنه «سم» للديمقراطية، محذّرا من «زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام، تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء».
فهل نجح الإخوان في وضع تكتيكات مضادة؟
قال الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن تنظيم الإخوان لجأ إلى مجموعة من الخطوات الاحترازية والتدابير والتكتيكات، للتخفي والتمويه، منذ الحملة التي قادتها الحكومة البريطانية في 2017 للتدقيق والتحقق من أنشطته في البلاد.
وأوضح أن التنظيم يعيد منذ هذا التاريخ إنشاء منظمات بأسماء جديدة لا تشير أو يفهم منها أنها تابعة له، إضافة إلى تحركاته المكثفة للتوغل في بريطانيا ودول أوروبية، عبر مؤسسات خيرية ومنظمات اجتماعية.
وأشار إلى أن التنظيم كان يعلن عن المنظمات التابعة له التي كان لها هيكل إداري وقادة معروفون للجميع، لكنه منذ سنوات بدأ في التعتيم وإخفاء شبكاته التنظيمية، بل إنه استعان بشخصيات ربما ليست من أصول عربية لإدارتها، إضافة إلى إجرائه تغييرات على البنى الهيكلية للمنظمات التابعة له حتى لا يتم تعقبها.
ودلل المختص بالإسلام السياسي على تصريحاته بقوله: بنظرة متفحصة للرابطة الإسلامية في بريطانيا، أو مؤسسات قرطبة أو غيرها من المؤسسات التابعة للإخوان يتبين أن هناك تغييرات إدارية جرت على البناء الهيكلي لهذه المنظمات وغيرها.
وتابع: «في مؤسسة قرطبة اختفى مثلا أنس التكريتي (من القيادات المؤسسة للرابطة الإسلامية)، من بينهم نجله، حيث لم يعد هناك إفصاح عن المعلومات الموجودة الخاصة بإدارة هذه المؤسسات والمراكز الإسلامية كما كان من قبل».
وبحسب سلطان، فإنه تم تغيير أسماء هذه القيادات، بمعنى أنه بدلا من استخدام الاسم المشهور مثل «أنس التكريني»، أصبح يُستخدم اسم آخر، مشيرا إلى أن عدم نشر صور القيادات تكتيك آخر للتشتيت والتعتيم عليهم.
من بين التكتيكات الإخوانية كذلك كانت «الهجمات المضادة» بحسب الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي عمرو عبدالمنعم، الذي قال في حديث لـ«العين الإخبارية» إن التنظيم يستعد لعمل هجمات مضادة سواء على الصعيد الحقوقي أو الإعلامي.
فهل يفضي التعريف الجديد إلى حظر الإخوان؟
يقول سلطان إن إعادة تعريف التطرف في بريطانيا لن يفضي في الوقت الحالي إلى حظر التنظيم، لكنه سيكون له تداعيات نوعا ما على وضع التنظيم في الداخل.
وأوضح أن القرار البريطاني سيكون له تداعيات آنية على وضع التنظيم في الداخل البريطاني، عبر التضييق فقط على بعض أنشطة الجمعيات التابعة للإخوان، وحظر فعاليات معينة له، ووقف تراخيص جديدة لبعض الجمعيات.
الأمر نفسه أشار إليه رئيس المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات الدكتور جاسم محمد، قائلا إن وضع الإخوان على قائمة التطرف سيترتب عليه تشديد الخناق على التنظيم، بعد أن كانت لندن ملاذا بديلا لهم عقب مغادرتهم تركيا.
وتوقع في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن تقوم بريطانيا خلال الفترة المقبلة بالعمل على تضييق مساحة العمل والحرية التي كان يتمتع بها الإخوان، إضافة إلى القيود التي ستفرض على حصولهم على تمويلات مختلفة، أو ما يتعلق بمشاركتهم في المناسبات الرسمية المختلفة.
ولم يستبعد خبير الأمن الدولي استغلال الإخوان «الإسلاموفوبيا» والعنصرية بشكل مكثف، ومحاولة لصق تهمة كراهية الإسلام ضد من يستهدفها، مشيرا إلى أن التنظيم دأب على استخدام كراهية الإسلام في استقطاب وتجنيد عناصر جديدة له.
وأشار إلى أنه على بريطانيا إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب، متسائلا: «لماذا لم تراجع الحكومة البريطانية ملف الإخوان في بريطانيا وبنيتها الاقتصادية والتنظيمية منذ 2017 وحتى الآن، على الرغم من أن التنظيم يحمل تهديدا مباشرا للهوية الأوروبية والبريطانية؟
aXA6IDE4LjIyNC4zMC4xMTMg جزيرة ام اند امز