فقد المكانة والنمو.. بريطانيا تخسر في حرب جذب المواهب عالميا
كثير من الناس الذين غادروا المملكة المتحدة على مر السنين لم يشعروا أبدا بالندم، منجذبين في الغالب إلى تكاليف المعيشة المنخفضة وأسلوب الحياة الأفضل.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "تليغراف" قال تشارلي بارون رجل الأعمال في مجال التكنولوجيا العام الماضي، بعد انتقاله من لندن إلى لشبونة "إن جودة الحياة، والتوازن بين العمل والحياة، أسهل كثيرا في البرتغال".
وأضاف أستطيع أن أكون على الشاطئ في 20 دقيقة، أستطيع أن أكون في ملعب الغولف في 20 دقيقة، من الأسهل كثيرا أن تكون في الطبيعة مقارنة بلندن.
- لتمكين المواهب.. قمة المليار متابع تشهد إطلاق «إكسبوزد» في الإمارات
- بريطانيا بعد سنوات من «البريكست».. هل تعود عقارب الساعة للوراء؟
وفي وقت سابق، قالت راشيل ريفز وزيرة المالية البريطانية، إنها مقتنعة بأنها أيضا قادرة على جذب أذكى المتخصصين في التكنولوجيا الأجانب في سباقها نحو النمو.
وعلى الرغم من أن التركيز في بريطانيا كان لفترة طويلة على الحد من الهجرة، فقد أخبرت ريفز قادة الأعمال في دافوس الأسبوع الماضي أنها ستجعل من الأسهل على العقول المدبرة العاملة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي "الانتقال إلى هنا".
تعهدت قائلة "سننظر مرة أخرى في طرق للأشخاص الأكثر مهارة والتأشيرات، خاصة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة، لأن بريطانيا مفتوحة للأعمال التجارية".
أضافت "لدينا بعض من أفضل الجامعات، وبعض من أفضل رواد الأعمال في العالم، لكن نريد أيضا جلب المواهب العالمية إلى بريطانيا".
واعتبر التقرير أن ثمة عقبة أمام ذلك تتعلق بحقيقة أن المملكة المتحدة لم تعد مكانا يرغب فيه العمال ذوو المهارات العالية، ومن ثم فإن بريطانيا تخسر حرب جذب المواهب الحقيقية، حيث قال شخص من حزب العمال إنه يجب أن يكون هناك المزيد من الحوافز للمهنيين الأجانب المهرة للانتقال إلى بريطانيا.
وبينما يوجد في المملكة المتحدة بعض من أفضل فرص العمل في العالم مع مدنها الرائعة، لكن تكاليف المعيشة الهائلة، خاصة السكن ورعاية الأطفال، والرواتب المتوسطة من أبرز العراقيل. ويشعر البعض بالإحباط من حكايات حزب العمال عن البؤس الاقتصادي، وعدد الشركات البريطانية التي تتحدث حاليا عن خفض الوظائف ونقص الشركات الناشئة.
يختار أصحاب المواهب المتميزة بالفعل الدول المجاورة بدلاً من المملكة المتحدة، في المقابل يرتفع الاهتمام بالانتقال إلى بريطانيا بين أولئك الذين يعملون في وظائف منخفضة الأجر.
وحذرت دراسة نشرت في أواخر العام الماضي بواسطة موقع الوظائف Indeed من أن الأجانب ذوي الدخل المرتفع يرفضون المملكة المتحدة لصالح دول مثل فرنسا أو هولندا.
فقد المكانة وتهديد النمو
وهجرة المواهب أو عدم استقطابها من الأساس يعني أن بريطانيا تفقد مكافآت ضخمة، ففي الولايات المتحدة أسس المهاجرون أو شاركوا في تأسيس ما يقرب من ثلثي شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى، وفقا لتقرير نُشر في عام 2023 من قبل المؤسسة الوطنية للسياسة الأمريكية.
وقال باول أدريان من إنديد: "إن البلاد تتخلف عن الدول الغربية الأخرى في جذب العمال ذوي المهارات العالية، وهو ما يتعارض مع سياسة الهجرة الحالية للحكومة".
وفي سعيها لتحقيق النمو لا تريد المملكة المتحدة جذب العمال ذوي الأجور المنخفضة، إذ يكلفون دافعي الضرائب أكثر من 150 ألف جنيه استرليني (186.3 ألف دولار) لكل منهم بحلول الوقت الذي يبلغون فيه سن التقاعد الحكومي، بحسب مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) في أواخر العام الماضي.
بالمقارنة، فإن العمال الأجانب ذوي الأجور المرتفعة والمهارات التي تفتقر إليها المملكة المتحدة غالبا قد وضعوا ما يقرب من مليون جنيه استرليني (1.24 مليون دولار) وعاء الضرائب أكثر مما أخذوه بحلول الوقت الذي يبلغون فيه سن 55 عاما، وفقا للجنة الاستشارية للهجرة (MAC).
ولا يبدأ الشخص المولود في المملكة المتحدة في المساهمة في الخزانة العامة أكثر مما يسحبه حتى يبلغ 46 عاما، حيث يكلف كل طفل يولد في المملكة المتحدة دافعي الضرائب ما يقرب من 350 ألف جنيه استرليني (434.7 ألف دولار) بين الإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية بحلول سن 16 عاما.
ومن المقرر أن تبدأ الاجتماعات بين الوزراء وقادة الصناعة خلال الأسابيع المقبلة لمناقشة طرق جذب المزيد من المهنيين المهرة. والهدف هو إقناع العمال الأكثر طلبا بأن هذا هو المكان الذي يمكنهم فيه الازدهار، والتوقيت حيوي لأن عدم اليقين بشأن الهجرة في أمريكا في ظل ولاية الرئيس دونالد ترامب قد يرسل العمال الأجانب ذوي المهارات العالية للبحث في مكان آخر.
سيكون لذلك عواقب وخيمة، لأن أكثر من نصف حاملي الدكتوراه الذين يعملون علماء أو مهندسين في مجال الكمبيوتر أو الرياضيات في أمريكا هم من مواليد الخارج، وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة العلوم الوطنية عام 2021.
aXA6IDE4LjExOC4yNi4xMjgg جزيرة ام اند امز