تراس تقترب من رئاسة وزراء بريطانيا.. توترات وطريق وعرة
قال تحليل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إن بريطانيا المقبلة غدا على اختيار خليفة لبوريس جونسون، تقبل أيضا على توترات مع أقرب الحلفاء.
ويرى التحليل الذى كتبه "مارك لاندلر" أن وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس وهى الأوفر حظا فى الفوز بزعامة حزب المحافظين ومن ثم قيادة الحكومة.
كانت تراس قد أدلت بتصريحات بعد أسابيع قليلة من تعيينها وزيرة للخارجية عام ٢٠٢١، قالت فيها أمام مؤتمر لحزب المحافظين إن بلادها لا تحتاج إلى التنافس للفوز بعاطفة الولايات المتحدة.
وقالت أيضا إن على البريطانيين ألا يقلقوا "مثل فتاة مراهقة في حفلة إذا لم نعتبر أننا جيدين بما فيه الكفاية."
واعتبر الكاتب أن تصريحات تراس التى قوبلت بضحكات الحضور، قد تكون مؤشرا ودليلًا محتملاً لسياستها المستقبلية التى قد تكون وعرة بشكل خاص مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال إن التوترات اندلعت بالفعل بين لندن وبروكسل بشأن التشريع الذي قدمته تراس والذي من شأنه أن يقلب ترتيبات التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وذلك في أيرلندا الشمالية.
وقد تعهدت تراس بتمرير القانون الجديد من خلال البرلمان، مما أثار مخاوف من أنه قد يؤدي إلى حرب تجارية عبر القناة الإنجليزية، بل وأكثر من ذلك يهدد ربع قرن من السلام في أيرلندا الشمالية الذي يضمنه اتفاق الجمعة العظيمة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن طلب من مساعديه إيصال قلقه بشأن المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن قواعد التجارة.
"بريطانيا عالمية"
نقل الكاتب عن ليزلي فينجاموري، مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين في "تشاتام هاوس" (مؤسسة أبحاث بريطانية)، أن تراس تستعد لتقديم رؤيتها لـ"بريطانيا عالمية" (Global Britain) فى حال فوزها، وهى الرؤية التى سبق وتحدث عنها جونسون إبان خروج البلاد رسميا من الاتحاد الأوروبي.
وأشارت فينجامورى أن "هناك قطاع بريطاني لا يحب الاعتماد على الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي".
وقالت إن الخطاب الانتخابي الملئ بهذه المشاعر مكن تراس من تحقيق تقدم كبير في استطلاعات الرأي على خصمها، ريشي سوناك، لكن بعض التحديات ستبدو بغض النظر عن المرشح المنتصر.
أول هذه التحديات ما يتعلق بدور ومكانة المملكة المتحدة فى عالم اليوم، ووفقا للكاتب، فإن دور بريطانيا في العالم يرتبط بشكل كبير بقوى أخرى.
ويوضح أنه بعد أن تخلصت من الاتحاد الأوروبي، فإن بريطانيا تسعى لتطبيق الاستقلالية فى سياساتها وتحالفاتها، وتسعى إلى إقامة علاقات خاصة بها مع قوى عظمى مثل الصين مثلا. لكن البلاد - بعد بريكست- فقدت دورها كجسر بين الولايات المتحدة وأوروبا، وأصبحت لاعباً أقل تأثيراً في القضايا العالمية وبالتالى فمن المرجح أن تستمر بريطانيا في الانحياز إلى الولايات المتحدة.
وقد عمل جونسون كـ"رأس حربة" لبايدن في أوكرانيا، وشجعه على فرض عقوبات أشد على روسيا وشحن أسلحة أثقل للجيش الأوكراني.
وكان جونسون قد قدم نصيحة لخليفته فى أخر ظهور له لمجلس العموم فى يوليو/تموز الماضي حينما قال: "أبقى قريبا من الأمريكيين".
لكن تراس التى تبدو متشددة جدا تجاه روسيا والصين، لا يعتقد أنها تبدو بهذا القرب من واشنطن، فلا تُظهر تراس إلا قدرًا ضئيلاً من الاحترام "للعلاقة الخاصة" بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وقالت تراس في مؤتمر الحزب العام الماضي "إنه أمر خاص ولكن ليس حصريا"، مشيرة إلى أن بريطانيا لديها حلفاء مهمون آخرون مثل أستراليا والهند ودول أوروبية، لا سيما دول البلطيق.
كانت تراس، إبان توليها حقيبة التجارة، قادت مفاوضات من أجل اتفاقية تجارة عبر المحيط الأطلسي مع الممثل التجاري للرئيس السابق دونالد ترامب، لكن المحادثات تلاشت مع هزيمة ترامب في عام 2020، ولم يُظهر السيد بايدن اهتمامًا يُذكر بإحيائها. وهذا يعني أنه سيتعين على تراس إيجاد أرضية مشتركة أخرى معه، خارج أوكرانيا.
واختتم الكاتب بالقول إن المعضلة التي تواجه تراس، إذا فازت، هي أن صعودها السياسي كان مدعومًا بقضية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهذا سيجعل من الصعب عليها التنازل عن النزاع مع بروكسل. وعلاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي لا تنفصل عن علاقاتها مع الولايات المتحدة.