أمريكا تترقب حكومة تراس.. هل ينتهي "عصر الرضا"؟
يوما تلو الآخر، تزداد فرص المرشحة لزعامة حزب المحافظين في بريطانيا ليز تراس في الفوز برئاسة الحكومة خلفا لبوريس جونسون، لتكون المرأة الثالثة التي تتقلد هذا المنصب في تاريخ البلاد.
وتترقب الأوساط السياسية الدولية بالفعل للتعامل مع حكومة تراس وعلى رأسها واشنطن لكن التحالف بين البلدين الذي بدا في أفضل حالاته خلال الفترة الأخيرة إبان حكومة رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون، ليس كله اتفاقا وتوافقا.
ما ينغصه بالأساس هو علاقة لندن ببروكسل بحسب مراقبين، وهو الأمر الذي لا يتوقع من تراس إلا أن تزيده سوءا.
وتشعر إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وأعضاء الكونغرس بالإحباط، بسبب رعاية تراس لتشريع في البرلمان هدفه إعادة كتابة بروتوكول إيرلندا الشمالية من جانب واحد، وهو المحور القانوني الذي يتعامل مع الحدود والمصالح الإيرلندية وعلاقات بريطانيا الأوسع مع الاتحاد الأوروبي بعد مغادرتها الكتلة، الأمر الذي يثير القلق في واشنطن، لأنه يضر بمصالحها مع أوروبا.
وأعرب بايدن ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، مراراً عن مخاوفهما من أن سياسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستقضي على السلام، الذي جرى تحقيقه بشق الأنفس في إيرلندا الشمالية.
ووفق محللين، فإنه بينما يفضلها المحافظون بشدة، ويرون فيها نسخة حديثة من مارجريت تاتشر، فإن الديمقراطيين المعارضين لبريكست يتشككون ويعتبرون أن تحسن علاقة لندن مع أوروبا شرط مهم لازدهار العلاقة مع واشنطن.
وتراس لها شبكات علاقات واسعة في واشنطن بين أوساط نشطاء ومفكرين جمهوريين وقد نسجت تلك العلاقات عبر زياراتها الرسمية المتكررة لمراكز الأبحاث في واشنطن كوزيرة للخارجية، وقبلها كوزيرة للتجارة الدولية، وخبيرة اقتصادية.
وتولت تراس ستة مناصب بوزارات مختلفة، وكانت زائرة منتظمة لواشنطن منذ انضمامها إلى فريق رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عام 2014، حينما كانت تبلغ من العمر 38 عاماً.
ووفقا للتقارير، فإن تراس تراهن على دعم الجمهوريين، لتمرير صفقة تجارية تنتظرها بفارغ الصبر، بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تحت قيادة بايدن، لتعويض خسارة المزايا التي فقدتها بريطانيا نتيجة "بريكست"، خاصة أنها كانت حريصة على إبرام اتفاق للتجارة الحرة بصفتها وزيرة التجارة خلال إدارة ترامب، لكنها تعاملت مع الأمر باعتباره مسألة من الدرجة الثانية منذ أن وافق الكونغرس على مسار سريع للتوصل إلى اتفاق.
علاقة خاصة ذات مسارين
ويعتقد بعض المحللين السياسيين في واشنطن أنه طالما استمر بايدن في البيت الأبيض، فإن علاقة بريطانيا الخاصة مع الولايات المتحدة، سوف تستمر في العمل على مسارين، الأول هو العمل مع تراس على أنها موالية لبوريس جونسون.
ومن المرجح أن تستمر في سياسات ونبرة حكومة جونسون، وهذا يعني أن المسار الأول للعلاقة سيبقى دافئاً ولن يتغير، بغض النظر عمن يتولى المنصب في داونينج ستريت، لأن التعاون الدفاعي يوفر الاستقرار للعلاقة الخاصة، كما ستحافظ التحديات الإقليمية والاقتصادية من الصين وروسيا على إبقاء تحالف لندن وواشنطن الجيوسياسي قائما.
لكن الأمر الذي يثير حفيظة واشنطن هو المتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فسوف يكون أكثر برودة، حيث يتوقع دبلوماسيون أن يكون تعامل حكومة تراس مع البروتوكول، هو أول اختبار رئيسي للعلاقات بين البلدين، بخاصة مع عدم وجود علاقة سابقة مع بايدن يمكن الرجوع إليها، لكن إذا أصبحت تراس رئيسة للوزراء، فمن المحتمل أن تلتقي بايدن في سبتمبر/أيلول المقبل، عندما تزور الولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
عصر الرضا
ويعتقد محللون أن التحدي الذي يواجه تراس هو بناء محادثة بناءة مع الاتحاد الأوروبي بشأن بروتوكول إيرلندا الشمالية ومسائل أخرى، فإذا لم تصلح تراس العلاقات مع التكتل، فإن الصداقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لن تزدهر.
ونقلت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن أحد أعضاء فريق حملة تراس أن ليز تراس تتمتع بعلاقة جيدة مع نظرائها الأمريكيين، وأنهم عملوا معاً بشكل جيد خلال فترة عملها كوزيرة للخارجية، لا سيما خلال الرد على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ولهذا ستواصل تراس كرئيسة للوزراء، العمل بشكل وثيق مع الحلفاء الأمريكيين.
وما قد يساعد تراس في توثيق علاقتها مع واشنطن، مواقفها الحازمة في الشؤون الدولية، ففي خطاب ألقته في المجلس الأطلسي في مارس/أذار الماضي تحت عنوان "انتهى عصر الرضا"، أشادت تراس بالعقوبات غير المسبوقة ضد الأفراد والمنظمات الروسية.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4yMzEg
جزيرة ام اند امز