بريطانيا ترفض مسودة أوروبية لاتفاق "بريكست"
رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي ترفض مسودة اتفاق لبريكست كشفها الاتحاد الأوروبي في وقت سابق.. لماذا؟
رفضت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، الأربعاء، مسودة اتفاق لبريكست كشفها الاتحاد الأوروبي في وقت سابق، مؤكدة أنها لن تسمح للكتلة الأوروبية "بتقويض السيادة الدستورية" لبلادها.
وشنت ماي هجوماً لاذعاً على مقترح ينص على بقاء أيرلندا الشمالية الخاضعة لحكم بريطانيا ضمن اتحاد جمركي في حال عدم التوصل إلى حل أفضل، لتجنب قيام حدود فعلية مع أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.
وشدد كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه على أن الخطة لا تسعى "للاستفزاز"، ونفى أن تكون تهديداً لسيادة المملكة المتحدة.
وتتضمن مسودة اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد تفاصيل اتفاق مبدئي تم التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي بين ماي ورئيس المفوضية الأوروبية جان-كلود يونكر، تجنب بشكل كبير المسألة الأيرلندية.
وقالت ماي أمام البرلمان "إن المسودة القانونية للاتفاق في حال تطبيقها ستقوض السوق المشتركة للمملكة المتحدة وتهدد السيادة الدستورية للمملكة المتحدة بإقامة حدود جمركية وتنظيمية عند البحر الأيرلندي، وليس هناك رئيس وزراء بريطاني يمكنه الموافقة على ذلك أبداً".
وأضافت أنها "ستوضح تماماً للرئيس يونكر وآخرين أنها لن توافق على أن يكون لأيرلندا الشمالية قوانين جمركية مختلفة عن بقية المملكة المتحدة".
وكررت ماي أن حكومتها "ملتزمة بضمان ألا تكون هناك حدود فعلية" لكن رسالة سابقة تلقتها من وزير الخارجية بوريس جونسون كشفت عن المأزق الذي يواجهها.
وقال جونسون، وهو من كبار مؤيدي الخروج من الاتحاد الأوروبي، إن "المشكلة المحددة المتعلقة بالحدود الأيرلندية يتم استخدامها سياسياً للتأثير على مفاوضات بريكست، والسعي بشكل فاعل لإحباط بريكست".
وقال في الرسالة المسربة "من الخطأ اعتبار المهمة بأنها ضمان عدم إقامة حدود". مضيفاً أن الحكومة عوضاً عن ذلك يجب أن "تمنع تلك الحدود من أن تصبح واقعية بشكل أكبر".
وحسب مسودة الاتفاق المكونة من 120 صفحة فإنه في غياب خطة أخرى، تتم إقامة "منطقة تنظيمية مشتركة تضم الاتحاد والمملكة المتحدة فيما يخص أيرلندا الشمالية".
ويشرح الاتفاق أن ذلك سيتضمن "منطقة دون حدود داخلية تضمن حرية حركة البضائع وحماية التعاون بين الشمال والجنوب".
لا أسعى للاستفزاز
قال بارنييه إن ذلك ليس سوى "خطة بديلة" في حال عدم الاتفاق على أي من الخيارين المفضلين لدى بريطانيا، أي حدود مزودة بأنظمة تكنولوجيا عالية ودون نقاط تفتيش، أو حل متعلق باتفاق تجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وقال الوزير الفرنسي السابق "برأي الشخصي أن هذا المقترح لا يشكك في النظام الدستوري أو المؤسساتي في المملكة المتحدة".
وأضاف "لا أسعى للاستفزاز، لا أحاول إثارة صدمة" وحض بريطانيا على "الحفاظ على الهدوء والبراغماتية".
وكانت أيرلندا والاتحاد الأوروبي طالبتا بأن يتجنب أي اتفاق لبريكست إقامة حدود فعلية تشمل حواجز جمركية، حفاظاً على اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية عام 1998، المعروف باتفاق الجمعة العظيمة، والذي أنهى 3 عقود من العنف الطائفي الدامي.
ونبه بارنييه من ناحية أخرى إلى ضرورة تسريع محادثات خروج بريطانيا في مارس/آذار 2019، لضمان نجاح تلك المحادثات.
وقال "إذا أردنا لتلك المفاوضات أن تنجح، وإنني بالتأكيد أريد ذلك، علينا تسريع الوتيرة".
ونبه إلى أنه لا يزال من غير المؤكد التوصل لاتفاق حول الفترة الانتقالية لما بعد بريكست، عندما تستمر بريطانيا في تطبيق قوانين الاتحاد الأوروبي مقابل الوصول إلى السوق الموحدة الأوروبية، في قمة الشهر المقبل.
وقال بارنييه، الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي يستبعد مرحلة انتقالية "مفتوحة" طرحتها بريطانيا، ويريد فترة انتقالية "قصيرة" تنتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020.
غير مقبولة دستوريا
تتضمن المسودة أيضاً مسائل تم الاتفاق عليها في ديسمبر/كانون الأول وتتضمن حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا وتسوية مالية بقيمة 35-39 مليار جنيه استرليني (40-45 مليار يورو، 47-52 مليار دولار) هي الفاتورة التي ستدفعها بريطانيا لدى خروجها الاتحاد الأوروبي.
لكن المسألة الأيرلندية تبقى الأكثر حساسية، فحكومة ماي المحافظة الهشة يدعمها نواب مؤيدون لبريطانيا في أيرلندا الشمالية.
وقالت ارلين فوستر، زعيمة الحزب الديمقراطي الوحدوي والتي سيلتقيها بارنييه الأسبوع المقبل، إن مسودة الاتحاد الأوروبي "غير مقبولة دستورياً، وستكون كارثة من الناحية الاقتصادية على أيرلندا الشمالية". وعلى ماي أيضاً أن تبقي المشككين بالاتحاد الأوروبي في حكومتها إلى جانبها.
وتلقي ماي الجمعة خطاباً مهماً تحدد فيه أخيراً رؤيتها للعلاقات ما بعد بريسكت، فيما يحدد الاتحاد الأوروبي خطوطه الحمر في قمة مارس/آذار.
وتزايدت الضغوط على ماي هذا الأسبوع عندما أعلن زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن تغيراً في السياسة لصالح البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي.