وصل كلاجئ وتوغل في أجهزة حساسة.. «C2» جاسوس روسي «خدع» بريطانيا
في جلسة شبه سرية، استمعت محكمة مكونة من ثلاثة قضاة إلى شهادة حول جاسوس روسي مزعوم، قد يكون توغل في وكالات الاستخبارات الكبرى في بريطانيا.
الجاسوس المزعوم الذي حُجب اسمه في وثائق المحكمة المتاحة للجمهور، عرفته أجهزة الأمن البريطانية بـ«C2»، مشيرة إلى أنه وصل إلى وثائق سرية واجتمع مع رؤساء وزراء ومسؤولين بريطانيين.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإن الرجل الذي وصل إلى المملكة المتحدة في عام 2000 كلاجئ أفغاني يطلب اللجوء، زعمت أجهزة الأمن البريطانية، أنه ربما كان بمثابة جاسوس لمديرية المخابرات الرئيسية أو جهاز الاستخبارات العسكرية الخارجية في روسيا المعروف اختصارًا باسم «GRU».
ومديرية المخابرات الرئيسية الروسية، هي وكالة تجسس روسية معروفة لا سيما بتنظيم هجمات إلكترونية في جميع أنحاء العالم وكذلك تصفية العملاء الروس السابقين الذين خانوا موسكو، وإشراك وحدات النخبة «سبيتسناز» في النزاعات الخارجية التي تعتبر حاسمة بالنسبة لروسيا.
ورغم أنه لم يتم توجيه اتهامات جنائية إلى C2، الذي شغل أدوارًا متعددة في الحكومة البريطانية، لكنه يسعى إلى استعادة جنسيته البريطانية، التي تم سحبها في عام 2019.
ونفى العميل الروسي المزعوم «C2» وهو رجل في منتصف العمر ذو مظهر قوي، وله لحية مشذبة، ويرتدي سترة جلدية، أمام المحكمة أي اتهامات له، بعمله كعميل روسي، مشيرًا إلى أنه «خدم بريطانيا بشرف. لقد نجوت من عدة محاولات اغتيال».
وبينما قدمت أجهزة الأمن البريطانية أدلة على أن C2 كان جاسوسًا، بينها أنه حضر اجتماعات مع اثنين من الملحقين العسكريين الروس وهما بوريس وديمتري في كابول، يزعم محامو الجاسوس المزعوم، أنها كانت مجرد لقاءات ودية.
إحراج للحكومة
وبحسب «واشنطن بوست»، فإن تأكيد بريطانيا بأن C2 ربما كان جاسوساً روسياً أمر محرج للحكومة وأجهزة استخباراتها، لسببين؛ أولهما: أنه كان جاسوسًا يعمل في قلب المخابرات البريطانية، أو أنهم أخطؤوا في قراءة الأدلة بحصولهم على معلومات غير دقيقة.
ويتم الاستماع إلى هذه القضية من قبل لجنة استئناف الهجرة الخاصة، المعروفة باسم SIAC، المكلفة بالتعامل مع الأدلة السرية، أو ما تسميه «المواد المغلقة».
وفي العام الماضي، استمعت اللجنة الخاصة لشؤون الهجرة إلى نداء من الشابة البريطانية شاميما بيجوم، «العروس الجهادية» التي ذهبت إلى سوريا للزواج من أحد عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي. وبعد العثور عليها في مخيم للاجئين في سوريا، جردها وزير الداخلية البريطاني آنذاك ساجد جاويد من جنسيتها البريطانية. ورفضت SIAC استئنافها.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن القضاة يتمتعون في مثل هذه القضايا، بإمكانية الوصول إلى «المواد المغلقة» التي لا يُسمح بها للجمهور فحسب، أو حتى لمحاميي المتهمين.
وتقول «واشنطن بوست»، إن أجهزة الأمن الحكومية قدرت أن «C2» ربما كان بمثابة جاسوس روسي وأنه يشكل خطرًا مستقبليًا على الأمن القومي، لذا أسقطت جنسيته البريطانية، مشيرة إلى أنه رغم ذلك، جرى إجلاء «C2» من أفغانستان، على متن واحدة من رحلات الإجلاء البريطانية قبل سقوط كابول في أيدي طالبان.
ماذا نعرف عن C2؟
ولد C2 ونشأ في أفغانستان، حيث كان والده ضابطًا عسكريًا محترفًا. وذكرت صحيفة «التايمز» اللندنية، التي تتابع القضية عن كثب، في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه في يوم شهادته، قال C2 في المحكمة إن وكالة الاستخبارات والأمن المحلية في المملكة المتحدة (MI5)، اتهمته بأنه تم إعداده من قبل الروس منذ سن الخامسة.
وقال «C2»، إنه سافر في التسعينيات إلى موسكو، وعبر إلى روسيا من أفغانستان بمساعدة أحد المهربين. وعاش في موسكو لمدة ست سنوات، والتحق بالجامعة هناك وتزوج من روسية.
وفي عام 2000، وبمساعدة مهرب آخر، قال إنه حصل على جواز سفر روسي مزور واستقل طائرة لقضاء عطلة في منطقة البحر الكاريبي، مع توقف في لندن. وفي مطار هيثرو، طلب اللجوء قائلا إنه فر من طالبان. واعترف بأنه كذب على السلطات.
وبحسب «واشنطن بوست»، فإن «C2» عمل مترجماً في بريطانيا، والتحق بجامعة برونيل وحصل على الماجستير في الدراسات الاستخباراتية والأمنية.
وعلى الرغم من أصوله الروسية المزعومة، فقد ارتقى C2 في صفوف المخابرات البريطانية، حيث عمل في مقر الاتصالات الحكومية، وكالة الاستخبارات والأمن والإنترنت في البلاد، في لندن.
ووفقًا لموجز الحكومة، عاد C2 إلى أفغانستان، حيث تم تعيينه في وزارة الخارجية البريطانية، كمستشار للشؤون الثقافية في فريق إعادة الإعمار في هلمند، بأفغانستان.
وفي هذا المنصب التقى بالأمير تشارلز، الملك الآن، والأمير ويليام، ورئيسي الوزراء السابقين ديفيد كاميرون وجوردون براون. وقد أشادت وزارة الدفاع البريطانية في بيان سابق بعمله.
وأظهرت أوراق المحكمة أيضًا أن C2 قضى وقتًا في العمل لدى الناتو في كابول. وذهب للعمل كمسؤول في وزارة التجارة الأفغانية. وفي وقت لاحق شارك في صفقات النفط.
وقال محاميه، روبرت بالمر، للقضاة إن الروس كانوا شركاء تجاريين رئيسيين مع أفغانستان، مشيرًا إلى أن موكله يتحدث لغات متعددة، بما في ذلك الروسية.
aXA6IDE4LjE4OC42OC4xMTUg جزيرة ام اند امز