سيناريو 97.. هل يكتب 4 يوليو شهادة وفاة حزب المحافظين البريطاني؟
بينما تستعد بريطانيا لإجراء انتخابات عامة الشهر المقبل، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى «هزيمة دراماتيكية» متوقعة للحزب الحاكم، إلى حد أنه قد لا يتمكن من البقاء.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قد دعا إلى إجراء انتخابات عامة في الرابع من يوليو/تموز في تصويت من المتوقع على نطاق واسع أن يخسره حزب المحافظين أمام حزب العمال المعارض، بعد 14 عاما في السلطة.
هزيمة متوقعة قد تعيد للأذهان سيناريو عام 1997، الذي شهد فوزا ساحقًا لحزب العمال في الانتخابات، مما دفع زعيم حزب المحافظين في المملكة المتحدة ويليام هيج إلى عقد اجتماع لكبار فريقه -آنذاك- لدراسة ما يجب على المحافظين اختياره لمناقشتهم القادمة التي تقودها المعارضة في مجلس العموم.
وضع قال عنه مايكل هيسلتين – نائب رئيس الوزراء -آنذاك- قبل الهزيمة في الانتخابات: «أعتقد أنه يتعين علينا جميعا أن نهدأ ونتعامل مع الأمر ببطء. لأننا سنبقى هنا لفترة طويلة جدًا».
الأمر نفسه يبدو أنه يتكرر حاليًا؛ بحسب صحيفة «بوليتيكو»، التي قالت إن هناك إدراكًا مماثلا يلوح في أذهان المحافظين في المملكة المتحدة اليوم وهم يواجهون احتمال ليس فقط الهزيمة في الانتخابات العامة المقرر انعقادها في الرابع من يوليو/تموز، بل وأيضاً احتمال تعرضهم لضربة انتخابية شديدة إلى الحد الذي قد يؤدي إلى تغيير تركيبة الحزب بشكل جذري.
ويخشى داني فينكلستين، أحد أقران حزب المحافظين الذي قدم المشورة لكل من هيج وسلفه رئيس الوزراء جون ميجور في التسعينيات، أن انعكاسًا طويل المدى لحظوظ حزب المحافظين يلوح في الأفق.
وقال: «بما أننا كنا لمدة قرن من الزمان الحزب الطبيعي للحكومة، مع فترات عرضية من البديل التقدمي، فقد نكون في وضع حيث لدينا فترات طويلة من حزب العمال مع فترات عرضية من حكومات المحافظين».
وكان نايجل فاراج الذي أسهم بدور قيادي في الدفاع عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) أكثر صراحة، حينما قال: «لقد قتلوا أنفسهم. انتهى الأمر».
لعبة الأرقام
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هزيمة المحافظين في هذه الانتخابات أمر مرجح، لكون حزب العمال المعارض يتقدم بنحو 20 نقطة على حزب المحافظين في استطلاعات الرأي.
وتراجعت شعبية الحزب مع فضيحة «بارتي جيت» لبوريس جونسون، وتدنت أكثر خلال إدارة ليز تروس الكارثية، فيما لم تتعاف خلال الأشهر الـ19 التي قضاها ريشي سوناك في رئاسة الوزراء.
والآن يتبلور حجم الخسائر المحتملة لحزب المحافظين، بحسب ويل جينينغز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ساوثهامبتون، الذي قال إنه حتى وقت قريب «لم يكن الضمير الجماعي في وستمنستر يستوعب بشكل كامل أن تقدمًا بهذا الحجم قد يترجم إلى دمار انتخابي».
وقد وضعت استطلاعات الرأي واسعة النطاق الأخيرة، التي تحاول التنبؤ بنتيجة الانتخابات على مستوى الدوائر الانتخابية، المحافظين في طريقهم للفوز بما بين 71 و 180 مقعدًا في 4 يوليو/تموز المقبل - أي أقل من نصف الـ 365 مقعدًا التي فاز بها جونسون في الانتخابات الأخيرة في عام 2019.
والآن دخل فاراج المعركة مع حزبه الإصلاح، مهددا بتآكل أصوات المحافظين بهجوم من اليمين الشعبوي.
ووفقاً لجينينغز، فإن زيادة دعم الإصلاح ــ مع بقاء فاراج كرئيسه الجديد ــ يعني ضمناً «انخفاضات هائلة في الدعم» في الدوائر الانتخابية المحافظة، ما من شأنه أن يجعل حزب المحافظين «ضعيفاً انتخابياً».
تهديد وجودي
ويتوقع فاراج أن يتفوق حزب الإصلاح في المملكة المتحدة على حزب المحافظين في غضون أيام، ما من شأنه أن يدفع الحزب الحاكم إلى المركز الثالث من حيث الأصوات المدلى بها (إن لم يكن الفوز بالمقاعد)، ما يعني أن التهديد الذي يواجه حزب المحافظين بات وجودياً.
وقال تيم بيل، الأكاديمي ومؤلف كتاب «حزب المحافظين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي»: «يبدو كما لو أن أداءهم سيكون سيئا للغاية - ربما بنفس السوء الذي فعلوه في القرنين العشرين والحادي والعشرين».
ويستشهد بيل بالانتصارات الساحقة التي حققها حزب العمال في الانتخابات عامي 1945 و1997، عندما انخفض عدد مقاعد المحافظين إلى حوالي 180 نائبا، مشيرًا إلى أنه يتعين على المؤرخين العودة إلى عام 1906 حتى يتراجع حزب المحافظين إلى أقل من 160 مقعدًا.
وأي خسارة للمحافظين في الرابع من يوليو/تموز ستدفع الحزب إلى معركة حول اتجاهه المستقبلي، بغض النظر عن حجمه، لكن إذا تعرض الحزب للهزيمة، فإن ذلك يغير الحسابات حول كيفية التكيف، حيث يتوقع العديد من المطلعين على بواطن الأمور تحولاً جذرياً نحو اليمين، بحسب الصحيفة الأمريكية.
ويتوقع أندرو كوبر، مدير الاستراتيجية السابق لديفيد كاميرون والذي يجلس الآن في مجلس اللوردات كنظير غير منتسب، أنه سيكون من «المغري لحزب المحافظين أن يتحرك أكثر في اتجاه الإصلاح في مواقفه بشأن القضايا الثقافية، وخاصة الهجرة».
وقال أحد مستشاري حزب المحافظين الحاليين، الذي رفض الكشف عن هويته، إن الاحتفاظ بـ150 يعد بمثابة «نقطة بقاء - وفوق ذلك، يجعل الحزب على قيد الحياة».
وأضاف أن «الناس يفكرون بالفعل في بدائل لحزب المحافظين»، سواء كان ذلك من خلال الانشقاق إلى الإصلاح أو حتى إيجاد دور لفاراج داخل حزب المحافظين الشعبوي الذي سيعاد تشكيله بعد الانتخابات.
وقال تيم مونتجمري، وهو صوت محافظ مؤثر آخر، وكاتب خطابات سابق لاثنين من زعماء حزب المحافظين، إن وجهة النظر المشتركة بين أصدقائه هي «أننا لم نعد نثق في حزب المحافظين»، مشيرًا إلى أن ذلك يرجع إلى سلسلة متتالية من القادة «النابليونيين الذين ركزوا على العرض».
هل الصورة قاتمة؟
ورغم ذلك، يظل كبار المحافظين متفائلين بشأن الانتخابات؛ فأندرو باوي، وزير الطاقة ومرشح حزب المحافظين، قال لصحيفة بوليتيكو إنه «ليس قلقًا على الإطلاق بشأن توغل الإصلاح»، مشيرًا إلى ترشح فاراج وخسارته في عدد من الانتخابات العامة التي جرت.
وأصر وزير سابق في الحكومة من يمين الحزب، على أن «الأمر لا يمثل تهديدا وجوديا - فنحن حزب مرن للغاية».
ورغم أن التقارير حول وفاة الحزب قد يكون مبالغا فيها، إلا أن القليل من الناس يشككون في أن الطريق قد يكون طويلاً للعودة إلى السلطة..
يتذكر كوبر أنه «في عام 1997، بينما كنا نجلس هناك بين الأنقاض، كنا نقول لبعضنا البعض: كم عدد الهزائم التي سيحتاجها حزب المحافظين حتى يصبح مؤهلاً للانتخابات مرة أخرى؟» وتبين أن الجواب هو ثلاثة. ثلاث هزائم ثقيلة وثلاث دورات انتخابية وثلاثة تغييرات في الزعيم. وأضاف: «في الأساس، إنه نفس السؤال مرة أخرى. هذا صعب».
aXA6IDMuMTQ3Ljc1LjQ2IA== جزيرة ام اند امز