عاصفة تضرب حكومة بريطانيا.. «فضيحة السفير » تشعل غضب السياسة

بين السياسة والأخلاق، أصبحت علاقة ماندلسون بإبستين محور تراشق المسؤولة في الحكومة البريطانية، كما لو كانت كرة متفجرة في ملعبها.
فوزيرة الخارجية المعينة حديثا إيفيت كوبر، تدفع بالكرة بعيدا عن وزارتها باتجاه مكتب رئيس الوزراء، في محاولة لتجنب الحروق السياسية، إثر تعيين بيتر ماندلسون سفيرا لدى الولايات المتحدة، بسبب صلته المثيرة للجدل برجل الأعمال الراحل والمدان بارتكاب جرائم جنسية جيفري إبستين، مع تصاعد الانتقادات لعدم الالتزام بالرقابة الأولية المناسبة.
ورغم إقالة ماندلسون من منصبه، الأسبوع الماضي، في أعقاب الكشف عن مراسلاته الوثيقة مع إبستين، فإن قرار تعيينه في الأصل، أثار الجدل في الأوساط السياسية البريطانية وأروقة الحكومة وحتى تحت قبة البرلمان.
كوبر تلقي باللوم على رئاسة الوزراء
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "تلغراف"، ألقيت كوبر، باللوم على مكتب رئيس الوزراء ومكتب مجلس الوزراء فيما يتعلق بتعيين ماندلسون في منصب السفير لدى واشنطن، وذلك في أعقاب الكشف عن مراسلاته الوثيقة مع إبستين".
كوبر أكدت أن وزارتها لم تشارك في التحقق من ملاءمة ماندلسون للدور قبل الإعلان عن تعيينه.
وأمام ذلك، نأى كل من كوبر وأوليفر روبنز، السكرتير الدائم لوزارة الخارجية، بأنفسهما عن الأمر، مما زاد الضغط على رئيس الوزراء كير ستارمر وحلفائه بشأن قرارهم بتعيين ماندلسون.
وفي رسالة إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، أوضحت كوبر وروبينز، أن "إدارة شؤون النزاهة والأخلاقيات في مكتب مجلس الوزراء هي التي أجرت عملية تقصي حقائق واجبة، قبل الإعلان عن التعيين في 20 ديسمبر (كانون الأول) 2024، بناء على طلب من مكتب رئيس الوزراء".
وأكدت الرسالة أن وزارة الخارجية "لم تُطلب للمساهمة أو المشاركة في تلك العملية"، ولم يتم إبلاغها بأية مشكلات ناتجة عنها.
وجاءت هذه التوضيحات ردا على استفسارات اللجنة بعد أن أجبر رئيس الوزراء، كير ستارمر، الأسبوع الماضي على إقالة ماندلسون من منصبه الذي شغله لمدة سبعة أشهر فقط، وذلك بعد الكشف عن رسائل إلكترونية طلب فيها ماندلسون من إبستين أن "يحارب من أجل إطلاق سراحه المبكر من السجن".
وأشارت الرسالة إلى أن عملية "التدقيق الأمني" التي تركز على مخاطر الابتزاز، أشرفت عليها الخارجية، ولكنها بدأت بعد الإعلان عن التعيين بالفعل.
كيف انقلبت"المغامرة"؟
وأواخر العام الماضي، قام رئيس الوزراء كير ستامر ومورغان ماكسويني، رئيس أركانه، بتعيين ماندلسون، من حزب العمال سفيرا لبريطانيا لدى الولايات المتحدة، مما أعاده إلى الواجهة السياسية.
ومع ذلك، تقول "التلغراف": "انقلبت هذه المغامرة رأسا على عقب الأسبوع الماضي عندما اضطر رئيس الوزراء إلى إقالة ماندلسون بعد أن كشفت رسائل بريد إلكتروني جديدة أنه حثّ إبستين على السعي لإطلاق سراحه مبكرا من السجن بعد إدانته بارتكاب جرائم جنسية ضد الأطفال".
نقاش محتدم تحت سقف البرلمان
يوم أمس، وخلال نقاش استمر ثلاث ساعات في مجلس العموم، أثاره حزب المحافظين، انتقد نواب من مختلف الأطياف السياسية القرار الأولي بإعادة ماندلسون.
واتهمت كيمي بادينوك، زعيم حزب المحافظين، كير وماكسويني، اللذين غابا عن مجلس العموم، بـ"الضغط" على تعيين ماندلسون، الذي كان قد قدّم لهما استشارات سياسية خاصة عندما كان حزب العمال في المعارضة.
وقالت: "نرى حليفا سياسيا يُدفع به إلى الأمام على حساب المرشحين المؤهلين، لأن رئيس الوزراء ومورغان ماكسويني أعجبا بموهبته في الاختلاط بالأثرياء والنافذين، على الرغم من صلاته المعروفة برجل عُرف علنا بأنه مدان بالاعتداء الجنسي على الأطفال والاتجار بالجنس".
وطالب أعضاء آخرون في البرلمان بالكشف عن الوثائق المتعلقة بما كان يعرفه ستارمر عن علاقة ماندلسون بإبستين قبل تعيينه، ودعا البعض إلى منح لجان البرلمان صلاحية عقد جلسات استماع لتعيينات السفراء قبل منحها رسميا.
من جانبه، قال رئيس الوزراء إنه لم يكن ليعين ماندلسون لو علم بما يعرفه الآن.
بينما عبّر ماندلسون عن ندمه على لقائه بإبستين وخداعه بأكاذيبه.