سياسة
انقسام واندثار ومناورة.. الإخوان في سيناريوهات 2022
بين انقسام شطر رأس الإخوان لجبهتين وصراع داخلي على المال والسلطة وصولا لضربات أمنية وأحكام قضائية حاسمة، مر 2021 عاما صعبا على التنظيم.
أزمات وصراعات شهدها الإخوان في 2021 تضع التنظيم في العام الجديد على طريق اختفاء وتلاش تفرضه إحداثيات واقع صعب يبدو عاجزا عن التوصل لحل يوحّد رأس التنظيم ويعيد إليه ثقة الفروع والقواعد.
محللون وخبراء سياسيون استشرفوا، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، 3 سيناريوهات للإخوان في عام 2022، وتتمثل في استمرار التشظي والانقسام، أو التعرض للموت والتلاشي كتنظيم، أو التحول إلى تيار، والطرح الثالث سيكون -حال تجسده- مناورة التنظيم في محاولة للإفلات من المواجهة والحساب.
لكن هؤلاء الخبراء حذروا في الوقت ذاته من تحول التنظيم إلى "تيار"، معتبرين أنه أمر خطير؛ لأنه سيصعب كثيرا من مواجهته.
وتعيش جماعة الإخوان الإرهابية حالة تدمير ذاتية جراء الحرب المشتعلة والدائرة في "رأسه" بين معسكري تركيا وبريطانيا.
وانشطر تنظيم الإخوان بشكل غير مسبوق حاليا إلى جبهتين متناحرتين، لكل منهما مرشد عام، ومجلس شورى ومتحدث رسمي، فيما لا يعترف أي طرف بالآخر، ضمن أزمة شرعية واتهامات متبادلة باختطاف القيادة.
انشطار الإخوان ظهرت أبرز تجلياته في تنصيب جبهة تركيا بقيادة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين "المجمد" -وفق قرارات صدرت عن الجانب الآخر- القيادي الإخواني مصطفى طلبة مرشدا عاما مؤقتا كبديل لإبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد، والمعزول هو الآخر بقرار من الجبهة المناوئة.
3 سيناريوهات
الدكتور أحمد الشوربجي، المحلل السياسي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، يرى أنه "مع استمرار الضربات الأمنية، وتضييق الخناق على الإخوان من بعض الحكومات العربية والإقليمية واستمرار الضغط التركي، وإنهاء الملفات العالقة مع قطر، فإن مستقبل التنظيم في العام الجديد لن يخرج عن 3 سيناريوهات".
وقال الشوربجي إن السيناريو الأول يتمثل في استمرار حالة التشظي والانقسام، أما الثاني فهو التعرض لحالة من الموت والتلاشي كتنظيم، فيما يشمل السيناريو الثالث التحول إلى تيار.
وأضاف أن "التحول إلى تيار سيكون أخطر بكثير من فكرة التنظيم، وستكون له تداعيات خطيرة بعد أن خضنا حربا ضد التنظيم وقدمت البلاد تضحيات كبيرة".
وأوضح قائلا: "حين يتحول (التنظيم) إلى تيار فسيصعب إخضاعه للحساب، علاوة على أنه من السهل حصر أفراد التنظيم ومعرفة القوى الفاعلة معه، وأجندته المستقبلية وإجهاضها وتوجيه ضربات ضدها، بعكس التيار".
ولفت إلى أن إبراهيم منير يدفع بقوة فى اتجاه تحول الجماعة من تنظيم داخل مصر إلى تيار، مشيرا في الآن نفسه إلى أن "جسم التنظيم الأساسي باق ولم يتعرض لضربة حقيقية، وأفراده موجودون في المجتمع، حيث إن الجسم الأكبر له في مصر خارج السجون".
بات جسدا واهيا
وفي توصيفه لواقع الإخوان في 2021، قال الشوربجي إن "التنظيم أصبح جسدا واهيا بعد تسديد ضربات أمنية عديدة ضده، وانكشافه من الناحية الفكرية، إضافة إلى أنه تلقى من الناحية التنظيمية طعنات مؤثرة له".
وأردف: "العامل الأيديولوجي الذي يعتبر العمود الفقري للتنظيم ويعطي له وللأعضاء قوة وثباتا، تعرض أيضا لضربات قاسية".
وتابع أنه "خلال الأعوام السابقة، مر تنظيم الإخوان بمرحلة ربيع لم تستمر طويلا، ثم خريف، ونستطيع الآن القول بأننا بدأنا مرحلة الشتاء القارس للتنظيم".
وحول مستقبل فروع الإخوان على المستوى العربي والإقليمي، قال الخبير إن "التنظيم يتخذ الشكل المناسب لكل قطر من الأقطار للعمل بها"، معتبرا أنها "مثل ثعابين الأرض يتلونون حسب لون الأرض التى يقطنونها".
ولفت إلى أن اللائحة الأساسية للتنظيم الدولي لتنظيم الإخوان تنص على أن كل تنظيم داخل كل بلد يتخذ اسما مغايرا لفكرة الجماعة الأم، وأن يتشكل حسب الظروف التي يتواجد فيها ويتحرك وفقها.
كما أكد أن "الإخفاق السياسي للتنظيم عربيا سيستمر وسيزداد الوضع سوءا".
أزمات وانحسار
رؤية استشرافية لم تختلف في عمقها عما يراه الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذي يعتبر أنه من المبكر القول باختفاء التنظيم، لكنه قال إن الأخير سيشهد في 2022 عدة أزمات متلاحقة استكمالا للانشقاقات المستمرة رأسيا وأفقيا.
وقال فهمي إن "الجماعة الأم ستشهد المزيد من الانشقاقات بالتزامن مع انحسار مشهد الجماعات الفرعية فى الإقليم".
وشدد الخبير المصري على "عدم وجود آليات محددة لجماعة الإخوان للتعامل مع الأزمة الحالية، وستبقى فكرة طرح أي مقاربات جديدة للجماعة تفتقد للمركزية، مشيرا إلى أن "تحركات التنظيم باتت تقتصر على منصاتها الإعلامية دون أن يكون لها تواجد على الأرض".
وبالنسبة لـ"فهمي"، فإن "الجماعة ستبقى فى موقف رد الفعل، ولن تُسقط فكرة المواجهة أو العنف التي اتبعتها ولم تتخل عنها حتى هذه اللحظة".
أفق قاتم
وفي شكل آخر لمعاناة التنظيم دوليا، قال: "هناك أزمة تتعلق بالتحركات الرسمية ضد التنظيم ستتصاعد في العام الجديد، حيث تتعرض الجماعة لمراجعات تجري في بريطانيا عقب حظر حركة حماس".
وأكد أنه "من غير المستبعد فتح ملفات الإخوان فى بريطانيا وألمانيا مما سيؤثر على مسارات التنظيم ومستقبله بالفترة المقبلة؛ لذلك نحن أمام واقع جديد يتشكل وستبنى عليه قواعد جديدة".
وخلص إلى أن مستقبل التنظيم "أمام سيناريوهات مفتوحة ومشاهد متعددة، لكنها جميعها لا تصب فى صالح الجماعة ومستقبلها".
من جانبه، يرى فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت، أن النشاط الإخواني على الصعيد السياسي سيشهد انحسارا كبيرا في العام الجديد، وسيكون خطابهم تصالحيا.
وقال إن "الخطاب الإعلامي الإخواني سيتراجع، وسيعمل التنظيم على تخفيف حدة الهجوم على الحكومات وبينها مصر".
ولفت الشليمي إلى أن تنظيم الإخوان بات يدرك تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط بشكل تدريجي، وعدم وجود دعم كالسابق من قبل الكونجرس أو الجماعات الليبرالية الأمريكية.
aXA6IDUyLjE0LjYuNDEg
جزيرة ام اند امز