لأن قمة عمّان تعني العرب جميعاً، فكان ضدها الإخوان وإيران، ولكن التقارب العربي سيبقى كابوساً يؤرق الأعداء وكل خطوة نحو لمّ الشمل هي كالمسمار في نعش أحلامهم ومطامعهم
انتهت القمة العربية في عمّان، ليكون الجميع على موعدٍ منتظر في القمة القادمة التي طلبت أبوظبي أن تستضيفها الرياض، ووافقت على ذلك الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وما هذا الطلب إلا لإدراك دولة الإمارات العربية المتحدة وإيمانها العميق بالثقل العربي السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تتمتع به المملكة العربية السعودية، ناهيك عن قِبلة المسلمين التي تقبع في قلبها، ولأن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى إلى ما يصبّ في مصلحة العرب والمسلمين، فإنها تسعى إلى تمتّع الأجندة القادمة للقمة المرتقبة في الرياض بالثقل الحقيقي والجاد، والمتوقع من جميع الدول أن تتعامل معها بجدية عبر الجلوس على طاولة الزعماء بقرارات لا تقبل القسمة على اثنين، وتكون خارطة طريق لقمم عربية أكثر حضوراً وتأثيراً على الساحة الدولية، لذا جاء الطلب الإماراتي نحو انتقال استضافة القمة القادمة من دولة الإمارات إلى المملكة العربية السعودية.
انتهت قمة البحر الميت بأجندتها وقراراتها، وخرجت بنتائجها الإيجابية، ولعل أبرزها هو انعقادها في المقام الأول، وبيانها الختامي كذلك الذي وجه رسالة للعالم مؤكداً على وحدة سوريا، وتأييد العراق في محاربة الإرهاب، ودعوة الليبيين إلى دحر جماعات التطرف والإجرام، وهناك نتائج أيضاً كان لها أثرها في ابتسامة صادقة جمعت بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه ﷲ وبين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في لقاء جمعهما وأكد على أهمية هذين البلدين في الوقوف في وجه المطامع الخارجية، وقد تداولا فيه شؤون المنطقة العربية وشجونها، وهذا الاجتماع الثنائي على هامش القمة العربية وتباشير التقارب العربي الذي تلوح في الأفق ملامح صحوته واستعادة قوته ونشاطه، قد أحرق كبد الحاقدين من أذناب إيران وجماعة الإخوان المتأسلمين أصحاب المخططات الشيطانية، والذين لا يألون جهداً في تحقيق المخطط المرسوم لهم نحو منطقة عربية مقسمة ومهشمة، وقد لاحظ الجميع ارتفاع درجة التأهب وحالة الطوارئ هناك وهناك بين صفوف تنظيم الإخوان المتأسلمين وعملاء إيران والمرتزقة العاملين بسعر الصرف اليومي على المنصات المأجورة والعميلة ووسائل التواصل الاجتماعي، في سبيل ضرب هذه القمة وتشويهها بشتى الطرق والطعن في كل ما ستؤول إليه.
فالتوجه كان واضحاً من خلال قنوات إعلامية يعلمها الجميع، كانت ولا تزال تحرّض ضد الأوطان والشعوب، قنوات تبث الخبث والخبائث في عقل العربي الشهم، الذي يميل أينما مالت الكلمات نحو النخوة والعروبة والدين، وكذلك من خلال منصات إعلامية ومرتزقة مأجورين، نحو ضرب القمة العربية ونشر التشاؤم بجدواها والتمني الخالص بألّا تنعقد، بل تنحل وتتفكك فوق الطاولة، وتتلاشى الوحدة العربية على الحدود، من خلال التشويه والتعييب والتغييب واستحقار القمة والضحك على القادة والزعماء وتصيّد الأخطاء وتجاهل كل ما هو إيجابي، والتركيز على توافه الأمور التي لا تسمن المتابع ولا تغنيه من جوع، ولكنها تعني لإيران الخطر الكبير، ولعرّابي الإعلام المأجور ولتنظيم الإخوان المتأسلمين الكثير، فتدمير الأوطان وتقسيمها لا يمكن أن يكون دون العبث والسيطرة على عقل المتابع العربي البسيط، وجعله ضمن دائرة الإحباط والتذمر وفقدان الثقة بقادته، وحصاره ضمن الأطلال المزيفة لرموز لم تجلب سوى الخراب والدمار لمنطقتنا، وتطويق قدراته ضمن دائرة التشاؤم والإنهاك من حال منطقتنا المزري والمخزي، ففي الوقت الذي ينتظر فيه هذا المتابع كلمة إيجابية تحفيزية توحد الصف وتعطيه أملاً بغدٍ مشرق، لم يجد في وجهه سوى قنوات ومرتزقة وعملاء يتملكهم التذمر والسخط، بذلوا قصارى جهدهم في سبيل إعدام القمة في عيون الشعوب ولم يكن لهم همٌّ في هذه القمة سوى إظهارها على أنها قمة تغطيها العيوب والمساوئ ولا تليق بالطموح العربي، ولم تتطرق إلى الإيجابيات بل انتقدت كل كلمة أو جلسة ذكر فيها أن القادة والزعماء اجتمعوا وتدارسوا وتناقشوا حالنا كعرب في مختلف القضايا، والأدهى والأمر أن الإخوان بالذات لا يتركون منبراً إلا ويستنكرون على القادة العرب تباعدهم وعدم اجتماعهم، ويمتعضون من عدم خروج بيانات مشتركة للمجتمع الدولي بشأن المنطقة وأوضاعها!!
حقيقة لا يمكن لنا أن نتوحد كعرب ونصطف صفاً واحداً في وجه الطامعين والحاقدين، وبين ظهرانينا من يطعن فينا ويبث السموم والشك والريبة، ويحقق مآرب إيران بتعزيز الشقاق بين الأخوة، ويحبط آمالنا ويقتل أحلامنا ويدمر أوطاننا ويساهم في تقسيمها لتكون لقمةً سائغة لأصحاب مخطط الشرق الأوسط الجديد، ولا يمكن أن تقوم لنا قائمة والعدو الذي يتصدر المشهد بالطائفية والتحريض ونشر الفتن، بشكل مباشر أو من خلال ميليشيات أو تنظيمات إرهابية مثل تنظيم الإخوان، ويدير قنوات وجهات إعلامية تنطق بالعربية وتحمل شعاراً عربياً بحتاً، من خلال التحريض الذي يتدرج شيئا فشيئاً فيبدأ بالإساءة لولاة الأمر والتقليل من شأنهم، وبالتالي التقليل من كل عمل إيجابي يصب في صالح شعوبهم، فتدمير الأوطان غايتهم التي تحل في سبيلها كل الوسائل، ووحدتنا وتكاتفنا يعني القضاء على مخططاتهم.
ولأن قمة عمّان ومثيلاتها تعني العرب جميعاً، لذلك كان ضدها الإخوان وإيران، وسيبقى التقارب العربي كابوساً يؤرق الأعداء بمختلف أشكالهم وأحجامهم ونواياهم، وكل خطوة نحو لمّ الشمل العربي هي كالمسمار في نعش أحلامهم ومطامعهم، ولذلك ومهما وظفوا أدواتهم الإعلامية ضد التماسك العربي والخليجي فإن عليهم أن يبذلوا المزيد من الجهد بعد أن أصبحت الشعوب تدرك خبثهم، وتدرك أن خلف الغمز واللمز إسقاط رمز.
وفي الأخير رسالة إلى من يدافع عن تنظيم الإخوان ويعتبرهم حزباً سياسياً لا متأسلماً إرهابياً:
أن تجعل منزلك جحراً للأفاعي والثعال فلا يعني ذلك أنك في منأى عن سمها وغدرها ومكرها، وحين يفوت الأوان سترى أنك أصبحت أسيراً لهم حتى فيما تنطق به شفتاك، وستنزع منك شعبك وتمزق مجتمعك وتسرق وطنك، وستجعل كل ما بنيت في بضع سنين هباءً منثوراً تذروه الرياح، وحينئذٍ ستدرك عن أي حزبٍ خبيث تدافع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة