الذاكرة الأميركية تحتاج دائماً إلى تذكير، فهي أضعف من ذاكرة سمكة، خصوصاً في ما يتعلق بالمواقف الخليجية الإيجابية، والقرارات الداعمة والمساندة لها في أوقات الشدة،
الذاكرة الأميركية تحتاج دائماً إلى تذكير، فهي أضعف من ذاكرة سمكة، خصوصاً في ما يتعلق بالمواقف الخليجية الإيجابية، والقرارات الداعمة والمساندة لها في أوقات الشدة، وفي الأزمات الكبيرة، ولعل الإدارة الأميركية، وكل مصانع وشركات الطيران في أميركا، تحتاج اليوم لمن يذكّرها بأن هُناك شخصية قيادية عربية إماراتية كان لها الفضل في إنقاذ هذه الصناعة بشكل عام، بل في إعادة إحيائها بعد أن كادت تموت!
إنه التاريخ الذي تحاول أن تتناساه شركات الطيران الأميركية، هذه الشركات التي تشنّ حرباً مفتوحة ومكشوفة ضد شركات الطيران الخليجية، تدعمها في ذلك بشكل واضح الإدارة الأميركية. والتاريخ سجّل أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أنقذ هذه الصناعة برمتها من السقوط، بعد أن كانت على حافة الهاوية في عام 2001، وبعد أحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، حين أحجم العالم عن ركوب الطائرات، فكيف بشرائها!
ربما تحتاج الذاكرة الأمريكية إلى من يذكّرها بصفقة «طيران الإمارات» شراء 150 طائرة بوينغ بقيمة 56 مليار دولار، قبل 3 أعوام
في ذلك الوقت ألغت معظم شركات الطيران عقودها مع مصانع الطائرات في أميركا وأوروبا، وكادت المصانع تُغلق أبوابها وتُسرّح موظفيها، وكانت تمرّ على الولايات ظروف صعبة للغاية، فهي في مرحلة من عدم التوازن.. حينها جاء موعد انعقاد معرض دبي للطيران، عقب انهيار برجَي التجارة في نيويورك بثلاثة أشهر فقط، وكان هناك تردد لدى الشركات العالمية والدول في المشاركة والحضور لمعرض طيران في توقيت حساس، ووسط عالم مصدوم بأحداث إرهابية استخدمت فيها طائرات، بل لم تكن متأكدة من إمكانية دبي تنظيم المعرض في موعده، فهو قرار لم يكن سهلاً، عندها سأل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، السفير الأميركي عن رأي الإدارة الأميركية في ذلك، فكان الجواب: نحن الآن في حالة انعدام توازن، ولم نفُق بعد من تداعيات الهجوم الإرهابي، ولا نملك جواباً، كما أن مصانع الطيران شبه متوقفة!
محمد بن راشد، وكعادته، اتخذ القرار الجريء الصعب، فقرر المضي قدماً في تنظيم المعرض، وانعقد في موعده، وجاءت الشركات من مختلف دول العالم إلى دبي، ولم يكتفِ بذلك، فتنظيم المعرض في ذلك الوقت هو ذاته إنجاز كبير، بل أعلنت فيه شركة «طيران الإمارات»، بأوامره المباشرة، شراء طلبيات طائرات بـ55.5 مليار درهم، وهي الصفقة الأضخم في تاريخ المعرض حينها، وبفضل هذا القرار الجريء، وبفضل هذه الصفقة تحديداً عادت الحياة إلى مصنع «بوينغ» الأميركي للطائرات، ودبت الحياة فيه، وضمن الموظفون لقمة عيشهم وعيش أبنائهم في وقت كانوا أقرب لعالم البطالة، وكان المصنع على مشارف التوقف!
هل مازالت الذاكرة الأميركية تحتفظ بهذا الموقف المشرّف من الإمارات؟ ربما تحتاج من يذكّرها، وتحتاج أيضاً من يذكّرها بصفقة «طيران الإمارات» شراء 150 طائرة بوينغ (777x9 و777x8) بقيمة 56 مليار دولار، قبل ثلاثة أعوام، في معرض دبي للطيران 2013، وتعتبر هذه الصفقة هي الأكبر في تاريخ الطيران المدني على مر السنين، وصفقة «الاتحاد للطيران» في التوقيت ذاته مع شركة «بوينغ» لشراء 56 طائرة بقيمة 25.2 مليار دولار، بينها 25 طائرة «بوينغ 777 إكس»، و30 طائرة دريملاينر787!
بعد هذا كله تخرج علينا السلطات الأميركية لتدعي أن شركاتنا ومطاراتنا ليست آمنة بما فيه الكفاية، وتفرض شروطاً بهدف إبعاد الركاب عنها بحجج ومسميات شتى، في حين لا نرى مثل هذه الشروط والإجراءات في دول تعاني خروقات أمنية واضحة، ولم تسهم يوماً في الاقتصاد الأميركي بربع ما أسهمت به دولة الإمارات!
نقلا عن "الإمارات اليوم"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة