رغم حصار منصات الإخوان.. هل "تراوغ" أنقرة للتنصل من شروط القاهرة؟
لا تبدو تحركات أنقرة نحو كبح جماح المنصات الإخوانية كافية تماما لاستئناف العلاقات بشكل طبيعي مع القاهرة بعد قطيعة دامت لـ8 أعوام.
واعتبر محللون سياسيون ومراقبون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن تحركات أنقرة ضد المنظومة الإعلامية الإخوانية التي دأبت على التحريض ضد مصر "إيجابية"، لكنها مجرد إبداء لـ"حسن النوايا".
وطالبوا بضرورة ترجمة هذه النوايا بإجراءات أكثر وضوحا؛ أبرزها تسليم مطلوبين من التنظيم الإرهابي لمصر، وسحب المرتزقة من ليبيا.
وقال هؤلاء المحللون إن تحركات أنقرة تستهدف "محاولة المضي في مسار تطبيع العلاقات مع مصر بخطى أسرع، بعد أن شهدت تعثرا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية".
وأعلن المذيع الإخواني الهارب في تركيا محمد ناصر أمس، عبر قناته على موقع "يوتيوب" وقف بث برنامجه كافة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ساعات من إعلان المذيع الإخواني معتز مطر وقف بث برنامجه عبر كافة المنصات وذلك بأوامر من سلطات أنقرة.
وقال "ناصر": "أعلنها واضحة بأنني سأغيب عن كافة مواقع التواصل ليس برغبة مني ولكنها الظروف التي لم تعد خافية على أحد فهو ليس انسحاب ولا هزيمة وإنما هي جولة وبعدها جولات (إنه ثأر يطول).. ولذلك لا أقول وداعا ولكن أقول إلى لقاء (قل عسى أن يكون قريبا)".
هل تراوغ أنقرة؟
وفي قراءته للتحركات التركية تجاه المنصات الإعلامية الإخوانية، والتجاوب المصري نحوها، قال الدكتور بشير عبدالفتاح الخبير في الشؤون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن ما حدث "خطوة إيجابية وجيدة لكنها ليست كافية" لاستئناف العلاقات بشكل طبيعي بين البلدين.
وأعرب "عبد الفتاح" عن خشيته من أن تراوغ أنقرة في محاولة لأن تستعيض بهذه الخطوة عن خطوات أخرى هامة ينبغي القيام بها، بينها: تسليم قيادات الإخوان المطلوبين على ذمة قضايا عنف وإرهاب، وسحب قواتها من ليبيا، وتغيير سياستها الخارجية في سوريا والعراق.
وتابع: "المشكلة أن تكتفي أنقرة بإبعاد إعلاميي الإخوان معتز مطر ومحمد ناصر، بينما تبقى على قيادات الإخوان المتهمين بقضايا إرهاب، أو تحتفظ بالقوات والمرتزقة فى ليبيا".
ونبه الخبير المصري إلى أن "الخطوة التركية جيدة، لكن على الأخيرة إدراك أن مطالب القاهرة للتطبيع أوسع بكثير من المسألة الإعلامية".
بدوره، قال الدكتور طه عودة أوغلو المحلل السياسي التركي والباحث بالعلاقات الدولية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن السلطات التركية وضعت إعلاميي القنوات الإخوانية التي تعمل من اسطنبول أمام خيارين؛ إما التوقف تماما عن بث برامجهم التي تنتقد القاهرة ودول خليجية أو الرحيل عن تركيا في خطوة مفاجئة لكنها كانت متوقعة.
وأضاف: "بدا واضحا أن التعليمات المشددة الجديدة من تركيا لإعلام الإخوان استهدف تأكيد التزام أنقرة بالمضي في جهود تحسين العلاقات مع مصر وتجنب أي عراقيل تؤثر عليها".
ليست كافية
المحلل السياسي التركي أكد أيضا أن "القرار يتزامن مع الخطوات المتسارعة لتطبيع العلاقات بين تركيا ومصر والتي شهدت تعثرا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية، والهدف إمكانية المضي في مسار التطبيع بخطى أسرع.
واتفق عودة أوغلو مع ما ذهب إليه الخبير بمركز الأهرام بأن تحركات أنقرة الأخيرة ليست كافية من أجل استنئاف العلاقات بين البلدين.
وقال إن: هناك الكثير من الملفات تحتاج إلى وقت من أجل معالجتها؛ وفي مقدمتها الملف الليبي الذي عاد للواجهة من جديد بعد مؤتمر برلين 2، وملف شرق المتوسط أيضًا.
ما بين هذا وذاك، يرى الدكتور جواد غوك المحلل السياسي التركي أن خطوة أنقرة الأخيرة يمكن اعتبارها بادرة حسن نوايا ضد القاهرة من قبل حكومة أنقرة.
لكن "غوك" عاد ليؤكد على ضرورة اتخاذ أنقرة خطوات أخرى لاستئناف العلاقات مع الشقيقة مصر، أبرزها وقف بث القنوات التي تبث من اسطنبول فورا، وترحيل قيادات الإخوان إلى بلد ثالث، والاعتراف بثورة 30 يونيو/حزيران وشرعية النظام الحالي.
وقال : بعض قادة نظام الرئيس رجب طيب أردوغان يرددون حتى الآن في مناسبات مختلفة "انقلاب" في حديثهم عن ثورة 30 يونيو قبل 8 أعوام.
يشار إلى أن مستشار أردوغان ياسين أقطاي واصل إطلاق تصريحات ضد القاهرة، حيث وصف خلال حديث سابق مع فضائية "فرانس 24" ما شهدته مصر عام 2013 بالانقلاب المرفوض من قبل بلاده.
ولفت جواد غوك أيضا إلى أهمية أن تسارع أنقرة الخطى بخطوات عملية من أجل استنئاف العلاقات المباشرة والدبلوماسية من جديد عبر تبادل السفراء بين البلدين.
وبدأت تركيا في الآونة الأخيرة في تغيير لهجتها حيال علاقاتها مع مصر، بعد كانت ذات نبرة متوترة، وتحدثت عن وجود اتصالات استخبارية ودبلوماسية مع مصر.
فيما تحدثت تقارير إعلامية عن تعثر هذه المحادثات، وتعليقها بشكل مؤقت.
وقبل نحو شهر، كررت تركيا محاولات التودد إلى مصر، أكثر من مرة، برسائل مغازلة وجهها مسؤولون أتراك بهدف إعادة العلاقات بين البلدين.
غير أن مصر قابلت هذه المحاولات بشروط حددها وزير الخارجية سامح شكري في كلمته في وقت سابق، خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري.
حينها قال شكري: إنه "إذا ما وجدنا أفعالا حقيقية من تركيا وأهدافا تتسق مع الأهداف والسياسات المصرية التي تسعى للاستقرار في المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول والاحترام المتبادل.
صفحة ربما تغلقها أنقرة للأبد - إن أرادت - بعد جولة استكشافية عقدها فريقان مصري وتركي بدأت في 5 مايو/أيار الماضي كمحاولة لإنهاء قطيعة دامت لأكثر من 8 أعوام.
aXA6IDE4LjExNy4xMDYuMjMg جزيرة ام اند امز