ضربات تلاحق الإخوان.. من أمريكا اللاتينية لأفريقيا والبقية تأتي
لم تفق جماعة الإخوان من ضربة دولة بارغواي بعد تصنيفها كمنظمة إرهابية، حتى تلقت صفعة جديدة.
الصفعة هذه المرة جاءت من دولة جرز القمر، والتي قامت بتصنيف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ككيان إرهابي.
جاء ذلك وفق مرسوم وزارة الداخلية في جزر القمر صدر في 9 فبراير/ شباط الجاري، ووقعه وزير الداخلية فقر الدين محمود، حسبما نقله موقع "لا ريفيرونس باريس".
وجاء في المرسوم أنه: "وفقا لأحكام المادتين 1 و27 من القانون AU 004-21 المؤرخ في 29 يونيو/ حزيران 2021 المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، ومكافحة تبييض الأموال والمنظمات الإرهابية وكافة الجماعات التي تغطي هذه الحركات، سواء كانت تتحرك بأوامرها أو بالمشاركة معها، تُحظر أهدافها ووسائلها في الهياكل المذكورة، وتشمل هذه القائمة إضافة لجماعة الإخوان، تنظيم داعش وتنظيم القاعدة وجماعة بوكو حرام وكل الحركات المنضوية تحت لواء الشبكة الشيعية مثل مليشيات الحوثي في اليمن والهياكل المرتبطة بحزب الله والتي تعمل في اليمن".
ويظهر المرسوم أن جزر القمر ترسل إشارة قوية حول استعدادها لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله وتمويله، وكذا جميع الهياكل المتخصصة في تمويل الأنشطة الإجرامية".
ومؤخرا تم إطلاق مشاورات حول التطبيق السريع لقانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال بموروني تحت رئاسة وزير الداخلية القمري.
وشددت جزر القمر على رغبتها في محاربة الإرهاب بجميع أشكاله وتمويله ومهاجمة جميع الهياكل التي تكرس نفسها لتمويل الأنشطة الإجرامية.
تصحيح مسار
حول أهمية هذا القرار في مكافحة الإرهاب ومدى تأثيره على تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية يرى عمرو عبد المنعم، الكاتب والباحث المتخصص في الإسلام السياسي، أن قرار تصنيف جرز القمر لتنظيم الإخوان ومعها 68 منظمة أخرة ككيانات إرهابية هي خطوة نحو تصحيح مسار الدولة في علاقتها بالجماعات الارهابية والمتطرفة.
ويرى عبدالمنعم في حديث لـ"العين الاخبارية" أن هذه الخطوة غاية في الأهمية في معركة العالم مع جماعات التطرف والإرهاب الدولي وعلى رأسهم جماعة الإخوان.
وعلى الرغم من أن الدولة القمرية ليس بها تنظيم معلن إلا أنها تمثل أحد أهم الملاذات الآمنة التي كان يختبئ بها عناصر الإخوان وغيرهم من الجماعات الإرهابية والمتطرفة وكذلك يمارسون فيها اقتصادهم غير المشروع،
ويشير الباحث إلى وجود العديد من القتلى في صفوف داعش والقاعدة في الصومال وسوريا والعراق يحملون جوزات سفر لدولة جزر القمر، مدللا بذلك على أن جزر القمر في السابق كانت تتعامل بشكل مختلف مع هذه الكيانات وعناصرها، أما اليوم وبعد هذه القرار فهي تصحح مسار علاقتها بتلك التنظيمات وعلاقتها بالمجتمع الدولي ".
ويؤكد عبد المنعم أن كافة الدول المنعزلة والبعيدة عن مسرح عمليات الجماعات المتطرفة ومنهم الإخوان تعد حظيرة خلفية لأنشطة هذه الكيانات الإرهابية
وأردف: لعل ما تشهده منطقة المحيط الهندي من زيادة في أعمال تهريب الأسلحة والاتجار بها والأعمال غير المشروعة المرتبطة بالجماعات الإرهابية دليل على استغلالهم لأحوال تلك البلاد ومنهم دولة جزر القمر، وقد استغل التنظيم الدولي للإخوان حالة الفساد السابقة في أروقة الدولة وتمكن من شراء جوازات سفر قمرية لبعض أتباعهم.
مؤشر دولي بخطورة الإخوان
من جانبه يرى منير أديب، الكاتب والباحث المختص في جماعات الإرهاب الدولي، أن إدراج جزر القمر للإخوان منظمة إرهابية بعد أيام من قيام دولة براغواي بنفس الخطة، يعد مؤشرًا إيجابيًا، قائلا إنه "من الواضح أن العالم بات يرى الإخوان كإرهابيين".
وأضاف أديب في حديث لـ"العين الإخبارية" إن تزايد عدد الدول التي ترى الإخوان جماعة إرهابية سيضيق الخناق على الجماعة، فقد بدأ التحرك من أمريكا اللاتينية واليوم من شرق أفريقيا، وغدًا في شرق آسيا، مما يعني أننا أمام تحول مجتمعي يسير نحو تقليص نفوذ الجماعة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي".
ويتوقع أديب أن تتسع رقة مواجهة الإرهاب في العالم، فهو يرى أن المجتمع الدولي في طريقة إلى مواجهة شاملة مع الإخوان وغيرها من الجماعات المتطرفة، وستتشجع دول أخرى على تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
اتفاقية دولية ضد الإخوان والإرهاب
ويدعو الباحث المتخصص في الإرهاب الدولي إلى ضرورة تكاتف المجتمع الدولي بإصدار تشريعات عالمية لمواجهة ظاهرة الإسلام السياسي وجماعة التطرف الديني فهي ضد الإنسانية والبشرية وتنشر الفساد والكراهية.
واعتبر أديب أن التذبذب الدولي في التعامل مع الجماعات الإرهابية، بحسب أديب، هو ما سمح لهم بالتمدد في أرجاء العالم، فالتعامل مع تلك الكيانات كان يخضع لأهواء ومصالح كل دولة بشكل مستقل.
ويقول: وجدنا دولا ترعى الإرهاب والإرهابيين ودولا تحاربهم بمفردها وتتحمل الفاتورة وحدها، لذا أدعو لعقد اتفاقية دولية عامة ملزمة لجميع أعضاء هيئة الأمم المتحدة، تحارب وتمنع غسل الأموال وضد الكيانات الإرهابية، وكذا استثماراتهم الاقتصادية المشروعة منها وغير المشروعة، وأن يترتب على أي مخالفة لأحكام هذه الاتفاقية اتخاذ تدابير من طرف الهيئة بحسب جسامة هذه المخالفة.
العالم يستفيق
أما عمرو فاروق الكاتب والباحث في الإسلام السياسي فيرى أن توالي الدول في تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية مثل بارغواي وجزر القمر بعد السويد والدنمارك وفرنسا وألمانيا، وقبلهم مصر والسعودية والإمارات والبحرين يعني أننا أمام تزايد مستمر في معركة الإنسانية مع الإرهاب والتطرف.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" يقول فاروق: "نحن نشهد خطوة مهمة وإن تأخرت كثيرًا، فكثير من قرارات بعض الدول كانت تستهدف تحجيم قدرات ونفوذ وتوغل تلك الجماعات في المجتمعات العالمية".
ويستكمل: ما نشهده الآن من استفاقة دولية من دول أفريقية ولاتينية وأوروبية سيوقف إلى حد بعد نشاطات الجماعة الاقتصادية التي كانت تبقيهم على قيد الحياة.
ويوضح فاروق أن العالم أيقن مؤخرا بصحة وصوابية اجراءات الدولة المصرية في التعامل مع كافة التيارات الدينية المتشددة، وكذب ادعاءات تلك الجماعة بأنهم يتعرضون لمظلومية واضطهاد وأن الدولة تعتدي على حقوقهم الإنسانية فالتجربة أثبتت أنهم خطر على السلام العالمي والمجتمعي.
خطر على الدولة الحديثة
بدوره يرى الباحث المختص في شؤون حركات الإسلام السياسي مصطفى زهران أن تصنيف الإخوان وكثير من الجماعات الدينية المتطرفة كمنظمات إرهابية في العديد من دول العالم؛ يعني أننا أمام نمو وعي دولي قادر على فهم خطورة تلك الجماعات على تماسك الدولة الوطنية الحديثة.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" يرى زهران أن المشكلة ليست في الإخوان أو في داعش أو القاعدة، فهؤلاء يسعون لتحقيق أهداف تنظيماتهم التي يؤمنون بها سواء سراً أو علنًا، بل المشكلة كانت في النخب السياسية السابقة في دول العالم الثالث، التي تعاملت مع تلك الجماعات وسمحت لها بالاستثمار في أراضيها، وتوفير حماية لهم.
ويضيف: "هذه النخب لم تكن تدرك بالقدر الكافي حجم خطورة تلك الجماعات على المجتمع والدولة".
وأوضح أن كل التيارات الأصولية المتشددة هي خطر في حقيقتها على سلامة وتماسك الدولة، وأغلبهم يؤمن بالدولة الدينية مقابل الدولة الحديثة ويسعى لتحقيق ذلك بشتى السبل، لا فرق في هذا بين داعش والإخوان والقاعدة أو حتى بعض التيارات السلفية، لهذا لم يكن من المنطقي أن ترفض بعض النخب داعش وتقبل الإخوان.
وأكد أن "هذه الازدواجية هي التي سمحت بنمو الجماعات التي تعد الخطر الأول على المجتمعات والدول".
ويرى زهران أن قرار جزر القمر يشير لنضج ووعي سياسي واجتماعي بخطورة كافة الجماعات الإرهابية فقد أدركت الصفوة في العديد من الدول خطورة وجود هذه الجماعات سواء بوجود فرع لها أو بجمعيات تابعة لها أو حتى بوجود مسار اقتصادي مستفيد من قوانينها.
لماذا جزر القمر؟
جزر القُمر دولة عربية أفريقية انضمت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1993 إلى جامعة الدول العربية، وهي آخر الدول المُنضمّة.
مكونة من ثلاث جزر تقع في المحيط الهندي على مقربة من الساحل الشرقي لأفريقيا على النهاية الشمالية لقناة موزمبيق بين شمالي مدغشقر وشمال شرق موزمبيق.
أقرب الدول إلى جزر القمر هي موزمبيق ، وتنزانيا، ومدغشقر، مما سمح لها أن تكون بعيدة عن أعين الرقابة العالمية، فأصبحت ملاذاً للعديد من الجماعات الإرهابية ولقراصنة البحر ولتجار الأسلحة والمخدرات.