الانقلاب يمثل ركيزة أساسية في فكر جماعة الإخوان الإرهابية، فالإخوان دعاة فوضى وأعداء للاستقرار، ودائما ضد الدولة الوطنية بحكم انحيازاتهم الفوضوية والأيديولوجية.
هذا هو الواقع، الذي يعيشه تنظيمهم الإرهابي حاليًّا، فقد انقلب من قبل على نفسه، وقد أظهر أسوأ ما لديه، حيث اتهمت الجبهات المتناحرة داخله بعضها بعضا بالفساد المالي والإداري والتنظيمي والأخلاقي.
انقلاب الإخوان مؤخرا على أنفسهم لم يكن استثناءً، فتاريخ جماعتهم مليء بالتقلبات، فكما مارسوا العنف ضد المختلفين معهم، سواء كان عنفًا لفظيا أو سياسيا أو جنائيا، فعلوا كل أنواع العنف ضد أنفسهم، بما يؤكد الفرضية التي ذهبنا إليها.
فقديمًا قتل ما يُسمى بـ"النظام الخاص" -ذراع الإخوان المسلحة- واحدا من قياداته، السيد فايز، لمجرد أن قائد التنظيم، عبد الرحمن السندي، استباح دمه بسبب تواصله مع مرشد التنظيم آنذاك حسن الهضيبي.. إذ أرسلوا له هدية من الحلوى بمناسبة المولد النبوي، وعندما فتحها الرجل انفجر فيه البارود، فقتله وأهل بيته، ولم يكشف الإخوان عن ذلك، رغم اتهامهم أمام القضاء بأنهم يقتلون بعضهم بعضًا.
إذًا ليس الإخوان بأسوياء من الناحية النفسية، فالتنظيم لا يسمح بالانضمام إلى صفوفه إلا للمنحرفين، يمرون بدورات تأهيلية تأخذ وقتها، حتى إذا ما اطمأن التنظيم إلى العضو ينضم بصورة رسمية ويتدرج داخل الهياكل التنظيمية.. وهنا لا بد أن تطمئن القيادة أن عنصرها الجديد تشرّب مفهوم الانقلاب بداخله وبات جزءًا من تكوينه النفسي والفكري.
الإخوان لديهم مشكلة مع الدولة الوطنية، لذلك يصبّون جُل أفكارهم ومجمل نشاطهم على هدمها، ولا يجدون في ذلك أي أزمة أخلاقية، فأعضاء التنظيم مؤهلون للانقلاب على هذه الدولة، التي يُفترض أنهم ينتمون إليها وتربَّوا على أرضها وفي خيراتها، بل لديهم رغبة في التمرد على تقاليد وقوانين الدولة، طالما كان ذلك يخدم أفكار جماعتهم الضيقة.
الأفكار، التي تؤمن بها جماعة الإخوان الإرهابية، هي الانقلاب على الوسطية والاعتدال في الدين والسياسة، لذلك فإن وجود الإخوان في أي مكان هو بمثابة تهديد للدولة، وأيضا تهديد للدين، الذي يشوهونه بدعوتهم الخبيثة، وأي محاولة خارجية لتغيير هذه العقلية الإخوانية المشوهة هو من قبيل الحرث في الماء.
الإخوان هم من أطلقوا الرصاصة الأولى لمشروع الفوضى بالمنطقة العربية عام 2011، وربما سحبوا وراءهم كل الفوضويين، وربما وجدت تنظيمات إرهابية، مثل القاعدة وداعش، بيئة مناسبة لها في ظل الفوضى التي دعت إليها الجماعة على مدار تاريخها، حتى أرادت أن تحصدها عنفًا ودماءً عبر محاولتها الانقلاب على أي شرعية في أي مكان داخل الوطن العربي، ولنا في اليمن وتونس ومصر أمثلة حية على هذا المسلك الإخواني الدائم.
تبدو خطورة الجماعة الإرهابية في الأفكار، وأسوأ ما أفكارهم فكر الانقلاب، الذي يعشش في عقل التنظيم ويُحرك أعضاءه يمينًا ويسارًا، وهنا تبدو خطورة التنظيم في أفكاره الملتوية عن الدين، وهذا ما وجب أن تتم محاربته بكل قوة.
لقد انقلب الإخوان على كل حلفائهم على مدار تاريخ الجماعة، فما من نظام سياسي عربي سمح لهم بالعمل إلا وانقلبوا عليه وحرّضوا ضده، وغالبًا يحدث ذلك عندما تشعر الجماعة بقوتها وقدرتها! مع العلم أن مشروعها قائم على هدم كل الأنظمة السياسية بلا استثناء، فلا حبيب يدوم ولا عدو يسلم من شرها.
ويبدو ذلك واضحًا أيضًا في موقف التنظيم من دول الغرب، فرغم أن خطابه "يُكفّر" هذه الدول ويرى ضرورة "إزالتها" من الكون، فإن أفراد الإخوان يستعْدون هذا الغرب ضد أوطانهم، ويقيمون عَلاقات معه، تمهيدًا للانقلاب على أوطانهم وشعوبهم، إنها المكيافيللية بوجهها القبيح عبر مبدأ "الغاية تُبرر الوسيلة"، والانقلاب هنا هو وسيلة تنظيم الإخوان الإرهابي ضد الخصوم والحلفاء على حد سواء.
الإخوان ليسوا شريكًا سياسيا ولا وطنيا، فلا يمكن التعامل معهم على هذه الخلفية، فالتنظيم تحكمه قيم أيديولوجية فاسدة تدعوه لطعن حلفائه قبل خصومه في ظهورهم في أي وقت ودون أي مبرر، فقد تربَّت عناصره على هذه الأفكار وباتت تمثل نقطة الانطلاق نحو السلوك المتطرف في العموم.
جزء من فساد الإخوان مرتبط بأنهم لا يؤمنون إلا بأنفسهم والأفكار، التي تُشكل التنظيم رغم فسادها، ولا يؤمنون بالمشاركة السياسية أيضًا، فرغم أنهم كثيرًا ما رفعوا شعارات مثل "مشاركة لا مغالبة"، فإنهم انقلبوا عليها، لأنهم لا يؤمنون فعليا بهذه الأفكار، بل ليس لديهم مشكلة في أن ينقلبوا على مَن ادعَوا أنه حليف لهم!
الإخوان شركاء الخيانة والدم والفوضى، ولا يمكن أن يكونوا شركاء في وطن، لأنهم ينتمون إلى جماعتهم الإرهابية، ولا يقبلون أي آخر ولا يعترفون بأي من أبناء هذا الوطن، لذلك سوف تظل الشعوب تلفظهم، كما ستبقى أنظمة الحكم الوطنية بعيدة عنهم وعن أغراضهم المدمرة للأوطان إلى الأبد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة