"المكر" في مواجهة "التكفير".. مناورات الإخوان تعمق انقسامهم
أساليب جديدة تشكل الملجأ الأخير لجبهتي الإخوان المتناحرتين في مناورات تضع المكر بمواجهة التكفير أملا بحسم سريع للحرب المستعرة.
صراع على السلطة والنفوذ تتخلله حرب البيانات مشتعلة بين الجبهتين المتناحرتين داخل التنظيم الإرهابي، وسط اللجوء لأساليب جديدة لحسم الصراع، بعد أن استخدمت جبهة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين مناورة جديدة بادعاء "المرونة" والحرص على وحدة الصف، بوجه "سلاح التكفير" الذي أشهرته جبهة إبراهيم منير المضادة.
وفي تطور للحرب المستعرة بين جبهة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد تنظيم الإخوان، المطعون في شرعيته، ومعسكر محمود حسين، رفضت الأخيرة قرار جبهة لندن بعزل مصطفى طلبة القائم بعمل مرشد التنظيم، وجددت بيعتها لمحمد بديع مرشد الجماعة المسجون في مصر.
واشتعل الصراع بين "جبهة لندن" بقيادة إبراهيم منير، وجبهة إسطنبول في المقابل التي يتزعمها محمود حسين، عقب إعلان الأخير مؤخرا تشكيل "لجنة للقيام بأعمال المرشد"، واختيار القيادي مصطفى طلبة ممثلا عنها بمنصب مرشد الجماعة لمدة 6 أشهر.
وقال بيان رسمي لجبهة إسطنبول إن "مجلس شورى الجماعة الإرهابية اجتمع وقرر تشكيل لجنة مؤقتة باسم اللجنة القائمة بأعمال المرشد العام، واختيار مصطفى طلبة ممثلا عنها".
مكر
وفي أحدث فصول الصراع داخل قمة هرم التنظيم الإرهابي، وبعد ساعات من إعلان جبهة منير في بيان حمل عنوان "ليسوا منا ولسنا منهم"، عزل مصطفى طلبة إضافة إلى فصل قيادات جبهة الأمين العام السابق، ردت جبهة حسين ببيان أصدرته مساء الثلاثاء، برفض تلك القرارات.
وشددت جبهة حسين على بقاء مصطفى طلبة القائم بعمل المرشد في منصبه، زاعمة أن "اللجنة القائمة بعمل المرشد العام هي الجهة الإدارية الأعلى في الجماعة بموجب قرار مجلس الشورى العام للجماعة، وإن مجلس الشورى يأخذ كافة قراراته بشكل مؤسسي، وليس في جماعة الإخوان ولن يكون أحد فوق مؤسسات الجماعة".
وفي مناورة جديدة من معسكر إسطنبول لخطب ود صف الجماعة، وجهت حديثها لجبهة منير بالقول: "أنتم منا ونحن منكم، وإذا افترقنا تظل أخوة الإسلام تجمعنا، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، لكننا افترقنا عندما تم تهميش المؤسسات والخروج على قرارات مجلس الشورى العام أعلى هيئة في الجماعة".
ورغم انشطار الجماعة لتنظيمين لكل منهما متحدث رسمي، ومجلس شورى في لندن وآخر في إسطنبول، ادعت جبهة حسين في بيانها، أن "الإخوان جماعة واحدة في داخل مصر وخارجها، وأن هيكلها الأساسي ما زال موجودا في داخل مصر، ممثلاً في المرشد العام وأعضاء مكتب الإرشاد".
وأكد البيان "الالتزام الكامل بقرارات مجلس الشورى العام للجماعة، واحترامها"، مشيرا إلى أن مجلس الشورى العام هو المرجعية الأعلى للجماعة في كل شؤونها، ومطالبا كل عناصر الجماعة الالتزام بقرارات المؤسسات الشورية وتقديمها على رأيه الخاص".
تكفير
وقبل ساعات، من هذا البيان، لم يتوان منير في إشهار "سلاح التكفير"، معلنا التبرؤ من جبهة الأمين العام السابق للجماعة والمعاونين له.
وأصدرت الجبهة بيانا تحت عنوان "ليسوا منا ولسنا منهم"، أعلن خلاله فصل مصطفى طلبة القائم بأعمال المرشد الذي أصدرت جبهة محمود حسين قرارا مؤخرا بتعيينه، إضافة إلى فصل قيادات جبهة الأمين العام السابق، وبينهم مدحت الحداد، ومحمد عبدالوهاب، وهمام علي يوسف، ورجب البنا، وممدوح مبروك.
وقال البيان الذي نشره موقع "إخوان سايت" التابع لجبهة منير: "ليس منا ولسنا منه، كل من خرج عن الصف، وكل من ساهم في شق الجماعة، وترديد الافتراءات الكاذبة".
كما أعلن البيان "بطلان ما يسمى بـ(اللجنة القائمة بعمل المرشد) التي قام البعض بالإعلان عنها"، واعتبر أن "كل من شارك فيها اختار لنفسه الخروج عن الجماعة وذلك بمخالفته لوائحها وأدبياتها ورفض كل محاولات لم الشمل وتوحيد الصف".
وزعم البيان أن القرارات يأتي لـ"استعادة حيوية العمل وانضباطه بما تفرضه حقوق هذه الدعوة".
وفي قراءته للبيان الأخير لجبهة حسين، (أنتم منا ونحن منكم)، قال هشام النجار الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" إن معسكر إسطنبول يناور باستخدام أسلوب المرونة الماكر الذي يظهرها كما لو كانت هي الجهة التي تحرص على وحدة الصف، وأن الأخرى هي من تنحاز للاختيارات الحادة التي تفكك الجماعة.
وقال النجار إن "هذا يتضح في أسلوب صياغة البيان الذي امتلأ بعبارات الأخوة في الإسلام، وهذا يدفع على الفور للمقارنة مع ما ورد في بيان جبهة منير الأخير الذي اتسم بالحدة ونبذ المختلف وطرده من الجماعة وفصله منها".
وتر البنا
وأضاف النجار أن بيان حسين "يلعب على وتر عبارات مؤسس التنظيم (حسن البنا) الشهيرة؛ فإذا كانت جبهة منير قد استلهمت مقولته إنهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، قائلة (ليسوا منا ولسنا منهم)، استدعت جبهة إسطنبول مقولة البنا نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
وأردف : "ما سعى لتحقيقه منير من خلال بيان طرد رموز جبهة حسين من الجماعة بزعم أنهم يسببون الفتنة والانقسام داخلها، سعت لتحقيقه الجبهة المناوئة باستخدام أسلوب مختلف عبر الظهور بمظهر الحرص على وحدة الصف، وعلى عدم إقصاء أحد، ومغازلة مختلف الأجنحة في مصر وخارجها والجنوح للصلح والأخوة في الدين".
وأكد النجار الباحث في شئون حركات الإسلام السياسي، أن معسكر الأمين العام السابق للجماعة يحرص على أن "يبدو أنه الأكثر هدوءا ورزانة وثقة بالنفس، وهذا يمنحها بعض القوة، ويعوض بعض عناصر القوة التي تفتقدها لصالح جبهة منير".
انقسام
أما عن مآل الصراع الحالي بين الجبهتين المتناحرتين، فقال النجار: "يبدو أن الانقسام سيستمر؛ لأن أسبابه حاضرة ودوافعه موجودة، خاصة في ما يتعلق بالخلاف على الهيمنة على الملف المالي".
لكنه يرى أيضا أن "لهجة ولغة بيان محمود حسين التصالحية وغيرها من الممكن أن تؤسس لمسار وسط يكرس لسيناريو يتوقعه البعض ويتعلق بتقسيم القسمة بينهما وانتهاج خط وسط للخروج من الأزمة".
وكان منير أديب الخبير في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أكد في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، أن "قرار جبهة منير بفصل القائم بأعمال المرشد مصطفى طلبة، والمتعاونين معه، يكرس انقسام الجماعة".
وأردف: "نتحدث عن انهيار التنظيم فعليا وليس انهيار الفكرة"، معتبرا أن "القرارات تشير إلى أن جبهة حسين حسمت تقريبا المعركة لصالحها، ما دفع منير إلى اتخاذ قراراته ووصف الجبهة المناوئة بأنها تعدت على شرعية التنظيم وخالفت المبادئ".
aXA6IDMuMTcuMTU1LjE0MiA= جزيرة ام اند امز