سرطان الانقسام يتفشى في «إخوان لندن».. إرث التنظيم يتداعى
من تشظ لآخر ومن محطة انهيار لأخرى، يسير تنظيم الإخوان المُصنف «إرهابيًا» في مصر في طريق عنوانه «الزوال»، وخاصة بعد أن خبا أثره، على وقع الانقسام بين قياداته.
ذلك الانقسام الذي حول جسد الإخوان «المهترئ» إلى جبهات، تفشت عدواه إلى الجبهات نفسها، فباتت هي الأخرى تتصارع على إرثٍ مُشوه المعالم والأفكار، مُتخبطة في قراراتها وأطروحاتها حول ما إذا كان اعتزال العمل السياسي ضروريًا، لترميم الأوضاع الداخلية، وبدء صفحة جديدة تتوقع أن تقبل بها القيادة السياسية في مصر.
فماذا حدث؟
قبل أيام، طرح القيادي الإخواني في جبهة لندن مراد علي، مبادرة عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أكد فيها جاهزية التنظيم لترك العمل السياسي، والتركيز على العمل الدعوي، وإصلاح المجتمع من خلال الأنشطة الاجتماعية والدعوية.
وشملت المبادرة التي أعلن عنها المستشار الإعلامي السابق لحزب الحرية والعدالة المنحل (الذراع السياسية للإخوان)، إجراء مراجعة شاملة وتقييم ذاتي لأهداف جماعة الإخوان وممارساتها على مدى الأعوام الماضية، مع تبنّي رؤية جديدة تتوافق مع العصر الحديث، تكون مرنة وقابلة للتكيف مع المستجدات.
المبادرة تتضمن:
- التركيز على قضايا المجتمع بدلاً من الأيديولوجيا فقط.
- تقديم قيادة شابة قادرة على مواجهة التحديات
- تقديم طرح جديد ومبتكر
- وضع آليات شفافة للمساءلة داخل التنظيم
إلا أن تلك المبادرة سرعان ما خبا أثرها، بعد أن خرج رئيس القسم السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين حلمي الجزار، في تصريحات تلفزيونية، نافيًا الطرح الذي تحدث عنه علي، ما يشير إلى تفشي الانقسام داخل جبهة لندن نفسها.
ورغم أن الجزار زعم أن «الإخوان لن تصارع على السلطة، إلا أنه أكد أن ذلك لا يعني اعتزال السياسة برمتها، كون العمل السياسي من أدبيات التنظيم الراسخة».
فماذا يعني ذلك؟
يقول الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي هشام النجار، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن إعلان المبادرة ونفيها، يكشفان «وجود انقسامات شديدة وارتباك داخل جبهة لندن، ما يعكس عدم وجود رؤية واضحة ومحددة للتعامل مع الواقع والمتغيرات داخل الإخوان».
وأوضح النجار، أن ذلك المشهد المتناقض موجه إلى الداخل الإخواني بهدف احتواء أجنحته في ضوء الصراعات الداخلية، وخاصة وأن هناك من يرى ضرورة اعتزال التنظيم السياسة، والعودة للعمل الدعوي، فيما يرى آخرون ضرورة الاستمرار في العمل السياسي.
لكن ما هدف مبادرة مراد علي؟
يقول عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن تلك المبادرة تهدف إلى «جس نبض التنظيم الأم، وجس نبض المجتمع العربي في ظل تحديات يمر بها التنظيم محليا وإقليميا وعالميا».
لماذا نفى الجزار؟
يقول عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن نفي الجزار، محاولة لتهدئة الأوضاع وإعادة ترتيب الأوراق داخل تنظيم الإخوان، وخاصة وأن مبادرة مراد علي، عكست الانقسامات العميقة التي تعصف بالتنظيم الإرهابي.
ورغم تأكيده على أن الانقسام موجود داخل التنظيم الأم وجبهاته، إلا أنه أشار إلى أن محاولات الجزار تهدف إلى رأب الصدع داخل التنظيم بجبهاته الثلاث.
وانقسم تنظيم الإخوان إلى ثلاث جبهات تتصارع على المال والسلطة ومقاليد السيطرة على الجماعة؛ الأولى هي: جبهة إسطنبول التي يقودها محمود حسين الأمين العام السابق، والثانية: جبهة لندن؛ أما الثالثة فهي جبهة المكتب العام أو ما يعرف بـ«تيار التغيير».
وأشار إلى أن هناك اختلافات داخل تيارات الإخوان، بين من يتمسك بالنهج القديم، وأولئك الذين يسعون إلى تبني استراتيجيات أكثر انفتاحاً.
واعتبر تصريحات الجزار، محاولة للابتعاد عن الصورة النمطية القديمة التي ارتبطت بالتنظيم، والتي كانت تُظهره كتنظيم يسعى للسيطرة على الحكم بأي ثمن.
هل تنجح تلك المساعي؟
يقول النجار، إن محاولات جبهة لندن، عبر مبادرة مراد علي، مخاطبة الطيف المصري المعارض، «محكوم عليها بالفشل، فهناك فارق كبير جدا بين من يعارض تحت السقف الوطني المصري، وعينه على المصلحة العليا للبلاد بدون انتماءات أيديولوجية أو طائفية أو تبعية لمحاور خارجية، وبين جماعات طائفية تتوسل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافها وتتبع محاور خارجية، وتتلقى الدعم من جهات أجنبية».
وأشار إلى أنه ليس هناك داخل مصر من يقبل التعاون أو التنسيق أو أن تتماهى أنشطته وتحركاته وأطروحاته مع ما يقوم به تنظيم الإخوان الذي له أهدافه الخاصة بها خارج السياق الوطني.
فكيف تتعاطى القاهرة مع تلك المبادرات؟
بحسب هشام النجار، فإن الدولة المصرية لا تتعاطى مع مبادرات قادة جبهة لندن، ورسائلهم التي لا تعنيها في شيء، مشيرًا إلى أن القاهرة لا تتعامل مع جماعات مصنفة إرهابية سواء كانت موحدة أم منقسمة.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز