إخوان ليبيا والانتخابات.. محاولات عرقلة تشوه مسار الحل
أتت محاولات إخوانية في ليبيا لإفشال خارطة الطريق أكلها مؤقتًا إلا أنها أثمرت غضبًا في الشارع ضد التنظيم الإرهابي.
محاولات ما فتئت جذوتها تنطفئ، تبلورت في شكل أوجه مختلفة تخفى تنظيم الإخوان الليبي تحت عباءتها، محاولا إنجاح أي من خططه التي ستؤدي جميعها إلى نتيجة واحدة وهي تمكين عناصره من مفاصل ليبيا، وإطالة أمد المرحلة الانتقالية، إلا أن تلك الخطط، قوبلت بغضب شعبي عارم وبسعي دولي حثيث ضدها.
عرقلة مؤقتة
وقبل أيام، تعثرت جهود ملتقى الحوار الليبي في التوصل إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في موعدها، بعد محاولات من تنظيم الإخوان وحلفائه لعرقلة العملية، ووضع عقبات في طريق إجراء الاستحقاق.
وفي مسعى من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لتجاوز "العرقلة المؤقتة" التي سببها فشل ملتقى الحوار في إرساء القاعدة الدستورية، أرجأت المفوضية خططها إلى الأول من أغسطس/آب المقبل، وهو الموعد الأخير الذي ستتمكن من خلاله المفوضية من تنظيم الانتخابات بموعدها.
إلا أن عامل الوقت ليس في صالح أحد، حتى المعرقلين، بحسب محللين ليبيين استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، مؤكدين أن ليبيا ستواجه أزمة كبيرة حال عدم إجراء الانتخابات، ممثلة في فراغ سياسي بسبب انتهاء عمر السلطة الحالية (الرئاسي والحكومة) في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ما يعيد البلاد مجددًا إلى مشهد الحرب.
المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، قال في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن تأجيل الانتخابات أمر مرفوض سواء محليًا أو دوليًا؛ فمحليا توجد شريحة كبيرة من الشعب الليبي ضرورة إجراء الانتخابات أواخر العام الجاري، فيما أبدى المجتمع الدولي رغبته الكبيرة في إجراء الانتخابات من خلال "برلين 2" أو من خلال قرارات مجلس الأمن التالية له.
وأكد المحلل السياسي الليبي أن تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان كشف عن وجهه الحقيقي عبر محاولة عرقلة الانتخابات من خلال مسارات، أولها محاولة تقديم الدستور المعيب والجدلي كقاعدة دستورية وهو يمثله رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" خالد المشري وأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في ملتقى الحوار الليبي.
أما التيار الثاني –بحسب المسلاتي - فيحاول أن تكون الانتخابات فقط برلمانية وليست رئاسية، وهو الذي يقوده عبدالرحمن السويحلي رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، فيما تجسدت رغبة التيار الثالث التي وصفها بـ"الأكثر خطورة"، في تأجيل الانتخابات بشكل عام، وهو الذي يقوده علي الدبيبة أحد قادة تنظيم الإخوان.
وأوضح الخبير أن الوقت هو التحدي الأكبر أمام إجراء الانتخابات في موعددها؛ فالوقت قد لا يسعف المفوضية لإجراء الانتخابات في موعدها، وهو ما دفعها لتغيير خطتها لإجراء الانتخابات من الأول من يوليو/تموز الجاري إلى الأول من أغسطس/آب المقبل.
وحذر من أنه إذا تعطل خروج القاعدة الدستورية لما بعد الأول من أغسطس/آب، فستواجه ليبيا الفشل في إجراء الانتخابات بموعدها، ما يؤدي إلى تحقق هدف وغاية تنظيم الإخوان.
فراغ سياسي
الخبير حذر من أن عدم إجراء الانتخابات في موعدها سيدفع ليبيا إلى حالة من الفراغ السياسي؛ كون عمر السلطة الحالية سينتهي في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو الموعد المحدد في خارطة الطريق لإجراء الانتخابات.
وناشد المسلاتي الشعب الليبي الخروج للشارع في مظاهرات عارمة للضغط على المعرقلين، فيما طالب المجتمع الدولي بتوحيد كلمته، خاصة مع الرغبة الكبيرة في ضرورة إجراء الانتخابات بموعدها، وفرض عقوبات على المعرقلين.
من جانبه، يؤيد المحلل السياسي الليبي محمد يسري المسلاتي في طرحه، مؤكدًا أنه "رغم العرقلة"، إلا أنه يمكن إجراء الانتخابات في موعدها، بضمان وحيد وهو ضغط دولي يجب أن يستمر لمنع كل التيارات التي تحاول عرقلة الانتخابات، وآخر شعبي، ممثلا في مطالبات المواطنين المستمرة بالذهاب نحو الانتخابات.
الأمم المتحدة تنشد "القاعدة الدستورية" بليبيا وترحب بتسجيل الناخبين
وأكد يسري، لـ"العين الإخبارية"، أن الشعب الليبي والقوى السياسية يجب أن يكونا أكثر وعيا خلال هذه المرحلة، فيما يجب أن تترجم رغبتها بإجراء الانتخابات في إجراء الملتقيات والندوات، وتنظيم مظاهرات كتعبير سلمي، لقطع الطريق على كل المعرقلين للعملية السياسية.
وحذر من محاولات تنظيم الإخوان التي لن تخبو جذوتها، لتوجيه ضربة موجعة جديدة لملتقى الحوار الليبي المزمع عقده خلال الفترة المقبلة، لتعطيل قطار العملية السياسية في ليبيا، ووقف عجلة إجراء الانتخابات التي ستدفع بهم خارج المشهد السياسي المحلي.
المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، كان له رأي مغاير بعض الشيء، معتبرا أن التعثر في جنيف تسبب في إرباك عام بالمشهد ونسف الأرضية التي ستجرى عليها الانتخابات، ما قد يحتم على الأطراف الدولية الفاعلة اللجوء لتأجيل الاستحقاق الانتخابي إلى حين اتمام الاجراءات القانونية اللازمة للانتخابات.
بدء تحديث سجل ناخبي ليبيا وتعهدات حكومية بإجرائها في موعدها
وحول إمكانية إجراء الانتخابات في المدة المتبقية من العام الجاري، قال الأوجلي إن المشكلة الأساسية والمتمثلة في فشل ملتقى الحوار السياسي في الإيفاء بالتزام الذي وضعه المبعوث الأممي يان كوبيش شرطا لنجاح العملية الانتخابية، بالإضافة إلى عدم وجود أية مؤشرات إيجابية بشأن الوصول للقاعدة الدستورية في وقت قريب، ما سيهدد مستقبل انتخابات ديسمبر، رغم إعلان مفوضية الانتخابات جاهزيتها الكاملة لهذا الاستحقاق.
فشل وسيناريو الحرب
وبالنسبة لـ"الأوجلي"، فإن الاخوان يسعون -وسيظلون- بكل السبل الممكنة، لإفشال أي توافق سياسي لا يخدم مصالحه الخاصة، وهو ما حدث من أعضاء ملتقى الحوار المحسوبين على التنظيم والذين أعلنوا صراحة عن إفشال التوافق على القاعدة الدستورية التي لا تتماشى مع أهوائهم، فضلا عن محاولة تغيير بنود الاتفاق السياسي.
مختار الجدال، المحلل السياسي الليبي، يعتبر من جهته، أنه منذ البداية وبعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هناك من يريد لجنيف أن تتعثر وخاصة المستفيدين من الوضع الراهن.
إلا أنه عبر، لـ"العين الإخبارية، عن اعتقاده بأن لجنة الـ75 لملتقى الحوار ستعاود الكرة من جديد وتجتمع في جنيف أو ربما في مكان آخر لمحاولة وضع قاعدة دستورية، لأن المجتمع الدولي، وخصوصا واشنطن، تدفع باتجاه المحافظة على موعد الانتخابات وإجرائها بكل الوسائل الممكنة.
وأشار إلى أن مفوضية الانتخابات باشرت بالإجراءات التي لا تحكمها القاعدة الدستورية، فيما صرح رئيسها عماد السايح بأنه يمكن أن ينتظر حتى أغسطس/آب المقبل، وهي فرصة لمجلس النواب ولجنة الـ75 لوضع حلول، بضغط من المجتمع الدولي.
وحول موقف الجيش الليبي، قال الجدال إن الجيش الليبي أكد رغبته الواضحة في دعم الديمقراطية عبر صناديق الانتخابات، إلا أنه سينتظر حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسيكون رده رادعًا وقويًا في حال أفشلت جماعة الإسلام السياسي تنظيم الانتخابات، فيما لم يستبعد أن تتجدد الحرب مجددًا، لتضع الكلمة الفصل.
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز