شكّل إعلان هيئة الانتخابات التونسية موافقة 94% من المشاركين في الاستفتاء على الدستور الجديد ولادة الجمهورية الثالثة وخروج الإخوان بقرار "التوانسة".
قرر الشعب التونسي مستقبله السياسي ورؤيته لتونس الغد، كما يريدها التونسيون بعيدة عن حالة الفوضى والفساد والتطرف، التي سادت في سنوات "العشرية السوداء" إبّان حكم الإخوان، ليستمر المسار الإصلاحي، الذي بدأ بتولي قيس سعيد رئاسة الدولة التونسية، ضمن مبادئ الدستور الجديد، والتركيز على ترميم الدولة وإعادة تموضع مسارها نحو طريق التنمية والازدهار.
سيترقب الشارع التونسي مراحل ما بعد الدستور الجديد، فالتحديات التي سيواجهها الرئيس قيس سعيد وحكومته كبيرة لاستكمال خارطة الطريق الإصلاحية، وأبرزها ملفات الإصلاح السياسي والملف الاقتصادي، والاستمرار في مكافحة الفساد، بالإضافة إلى تحسين منظومة الخدمات المقدمة للمواطنين، في توقيت دقيق تعاني فيه البلاد من ظروف اقتصادية صعبة، تصاعدت منذ حكم الإخوان وتأثرت للغاية بسبب تداعيات جائحة "كوفيد-19" وتبعات الأزمة الأوكرانية، ما زاد الوضع الاقتصادي والاجتماعي تعقيدًا، بسبب ارتفاع نسبة البطالة والتضخم وغلاء لطاقة والغذاء.
وعليه، يرتفع سقف المطالب الشعبية، ما سيضع الحكومة التونسية أمام تحد كبير، لوضع حلول عاجلة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة في تونس استمرارًا لطريق المحاسبة وإغلاق الملفات العالقة، وعلى رأسها ما يخص الاتهامات الموجهة لتنظيم الإخوان، المتمثل في حركة "النهضة"، وأبرزها قضايا الاغتيالات السياسية ومنظومة الفساد الإخواني وتهم الجرائم الإرهابية، واستكمال التحقيق في جرائم غسْل الأموال عبر ما يسمى بـ"جمعية نماء تونس الخيرية"، والتي تعد ذراع الإخوان المالية، والتي تعمل بغطاء من الأنشطة الخيرية، في دلالة على حقيقة تنظيم الإخوان، الذي يعمل لصالح أجندات خارجية مشبوهة، ليس لها علاقة بالمصالح الوطنية، ما يفسر خسارة التنظيم الإرهابي كل رصيد في الشارع التونسي، الرافض لعودته إلى الحياة السياسية مستقبلا.
استطاع الرئيس التونسي قيس سعيد تحقيق إنجازات إصلاحية استثنائية عبر تجميد البرلمان، الذي هيمن عليه تنظيم الإخوان، كما استطاع الحصول على دعم الشعب التونسي بالموافقة على الدستور الجديد، الذي حطم مشروع دستور الإخوان، الذي وُضع في عام 2014، وقضى على محاولات تقويض الإخوان سلطات الرئيس المنتخب، بحيث يمنحه الدستور الجديد المسؤولية الحقيقية لقيادة البلاد وضبط سياستها العامة، مُنهيًا حالة الفوضى البرلمانية، التي اتسمت بالمشاحنات عديمة الجدوى، والتي تجاهلت الأوضاع المعيشية الاجتماعية والاقتصادية للشعب التونسي، كما يُحسب للرئيس قيس سعيد كسبُه لدعم التونسيين، والتغلب على محاولات حركة "النهضة" الإخوانية تهميش دوره أو عزله من منصبه، ما سهّل من نجاح خارطة الطريق الإصلاحية التي وضعها، واستهلّها بتجميد البرلمان وتشكيل حكومة بعيدة عن الأحزاب، وصولا إلى الدستور الجديد، الذي أعاد النظام الرئاسي، وأنهى النظام شبه البرلماني، ليحصل الرئيس المنتخب على صلاحيات واسعة، في استجابة لمطالب الشعب التونسي.
ما بين يوليو 2021 ويوليو 2022 عامل مشترك، وهو الصدمة لتنظيم الإخوان، الذي صُدم العام الماضي بتجميد عمل البرلمان، وصُدم هذا العام بموافقة الشعب التونسي على الدستور الجديد، وكان وصول الرئيس قيس سعيد للسلطة عام 2019 بمثابة بداية النهاية لتنظيم الإخوان، لتنطلق في عام 2022 طموحات تونس الجديدة، وبداية عهد الترميم والبناء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة