اعتادت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الإرهابية، التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" تنفيذ هجماتها دون انقطاع.
كما تمرست في التوسّع الدائم بمنطقة الساحل، عبر تحديث خطط هجماتها، لذلك وجب على المحلل مراجعتها بانتظام وعدم الاسترشاد بالمعلومات القديمة.
نسمع دائمًا أن مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا هي مناطق نشاط الإرهابيين في غرب القارة، لكن هذا لا يعني أن هذه الجماعات الإرهابية ليست لها مصلحة في توسيع نفوذها إلى مناطق أخرى. وهي لم تفعل ذلك فقط لأنه ببساطة لم يحن الوقت المناسب لكي تتحرك صوب وُجهات جديدة.. ضمن استراتيجية "القاعدة" في منطقة الساحل، إذ يُتوقع أن يتوسّع التنظيم نحو الساحل الأطلسي، لكن كل المؤشرات توحي بأن ذلك قد لا يكون وشيكًا.
وعندما يتم تحليل هذه المعطيات عادة ما يتم ارتكاب خطأ التحدث عن دولة بمفردها، بينما بالنسبة للإرهابيين لا توجد حدود، وعبورها يخضع لمصالحها الخاصة. فمنذ عام 2020 تقوم خلايا "القاعدة" أو كتائبها بتنفيذ هجمات ضد بعض البلدان الساحلية، مثل كوت ديفوار وتوجو وبنين، لكن عدم تنفيذ هجمات في غينيا كوناكري أو غانا لا يعني أنها ليست هدفا للإرهابيين.
فبالنسبة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي من المنطقي أنه إذا أراد التوسّع فإنه سيفعل ذلك في المكان صاحب المقاومة الأقل، وفي هذه الحالة ستكون الوجهة نحو توجو وبنين، فيما كانت في السابق كوت ديفوار أكثر المتضررين من الهجمات الإرهابية، لكن يبدو أن تحسين قدراتها الأمنية أوقف تقدمهم حاليا.
وبين كوت ديفوار وتوجو تقع دولة غانا، التي لم تتعرض حتى الآن لهجمات مثل جيرانها.. فهل يعني ذلك أنها بعيدة عن الخطر؟
الجواب هو "لا".. فوفقا للخبير الغاني في شؤون الإرهاب، الحاج غبانغبانكو "يمكننا العثور على مقاتلين غانيين في صفوف القاعدة، وفي داعش أيضًا. لقد عملت الجماعتان منذ عام 2019 على تجنيد مقاتلين من غانا وتم تدريبهم في منطقة الحدود الثلاثية لمالي مع بوركينا فاسو والنيجر".
ونجح التنظيمان في تجنيد ما يقرب من 200 غاني، معظمهم من كتائب جماعة "أنصار الإسلام" التابعة لتنظيم "القاعدة" الإرهابي وكتيبة "سرما" وكتيبة "ماسينا" و"أنصار الدين".
إلا أن هناك حقيقة مهمة، وهي أن قوات الأمن وجدت أن هواتف الإرهابيين المقبوض عليهم تحمل الرمز الدولي 233+، الذي يرمز لدولة غانا.. إذ تشير التقديرات إلى وجود 40 عنصرًا غانيا ينشطون في صفوف "داعش في منطقة الساحل".
وبحسب بعض المحللين، فإن الإرهابيين ينوون الوصول إلى الساحل، لكن هذا الأمر ليس دقيقًا.
ففي الساحل توجد معظم النقاط التجارية، والقرب منها يُدر دخلاً للإرهابيين.. ولا يوجد ضمن خطط الإرهابيين احتلال المدن الكبيرة، وهو الدرس الذي تعلموه جيدًا من التجربة السورية.. لذا فهم مهتمون بالسيطرة على مناطق التعدين الحرفي والطرق عند المعابر الحدودية المؤدية إلى الساحل، حيث يمكنهم فرض عمولات بكل سهولة.
ولا يتم تجنيد المقاتلين في غانا على الحدود فقط، ولكن الإرهابيين يتوغلون لأكثر من 200 كم داخل الحدود للقيام بذلك.
وعاد بعض الإرهابيين الغانيين من منطقة الساحل إلى مناجم الذهب في بلادهم وهم يسعون لفرض سيطرتهم عليها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: متى سيتحرك الإرهابيون؟
والإجابة: الإرهابيون يتصرفون ويتحركون بالفعل منذ عام 2020.
يجب أن ندرك أن الحرب ضد الإرهابيين في أفريقيا ليست دائمًا بالأسلحة ولا تعترف بالحدود، بل بمصالح محددة.. فالكثير من الحروب صامتة ويتم تنفيذها من خلال نشر الأفكار المتطرفة، والاستفادة من الوضع الاجتماعي والمعيشي المُزري للسكان الذين ليس لديهم أي أمل في تحسين أوضاعهم، مع احتمال مضاعفة عدد السكان في فترة زمنية قصيرة، وهو ما يؤكد أن الحل الأجدى لمكافحة الإرهاب في أفريقيا يجب أن يكون اجتماعيا وليس عسكريا فقط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة