مناورة بديع.. «العين الإخبارية» تتقصى حقيقة رسالة مرشد الإخوان

ألقى القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان، صلاح عبدالحق، قنبلة دخان في ميدان معركة شرسة حول قيادة تنظيم متصدع.
لكن بعد انفجار القنبلة، لم يعد السؤال يتعلق بما إذا كان عبدالحق قد حسّن موقعه في المعركة، إنما بمن وضع القنبلة في يده، وهل كانت مناورة من المرشد الحالي المسجون، محمد بديع، لإنقاذ نفوذه والبقاء في موقع السلطة المطلقة؟
ما القصة؟
نشر القائم بأعمال المرشد رسالة موجهة إلى الصف الإخواني، يزعم فيها أنه تأكد من أن المرشد العام للجماعة، محمد بديع، المسجون في مصر لإدانته في قضايا إرهاب، أقرّه قائمًا بأعمال المرشد، وأرسل بذلك رسالة إلى محمود حسين، القائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول، المتناحرة مع الجبهة الأولى.
ووفقًا لما ورد في رسالة صلاح عبدالحق، التي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة حصرية منها، فإن القائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول، محمود حسين (الأمين العام السابق في الإخوان)، الذي يتصارع وجبهته مع صلاح عبدالحق وجبهة لندن على شرعية تمثيل الجماعة والسيطرة على ما بقي منها، رفض الإقرار بالرسالة التي وصلت إليه من رسول مرشد الإخوان.
واشترط حسين أن يأتيه تأكيد من ثلاث جهات مختلفة، وهي جهات مسؤولة عن عملية التواصل المعقدة التي تتم بين "إخوان الداخل" و"إخوان الخارج".
وتقول رسالة عبد الحق إن ردّ حسين وصل إلى المرشد العام وإلى نائبيه، محمود عزت وخيرت الشاطر، وهو ما أثار استياءهم، على حد تعبيره.
سياق الأحداث
ويتنازع حسين وعبد الحق على قيادة تنظيم الإخوان، وقد أصدر الطرفان قرارات بعزل الطرف الآخر من الجسم التنظيمي للجماعة.
وتسبب الصراع في تصدّع طولي في جسد التنظيم، الذي تلقى ضربات أمنية في مصر وعدد من الأقطار العربية، ما أدى إلى أزمة عميقة في تنظيم يعتمد على مبدأ السمع والطاعة لمرشد التنظيم.
وخلقت الرسالة حالة من الجدل في صفوف جماعة الإخوان؛ فالفريق أو الجبهة المحسوبة على صلاح عبد الحق اعتبرت أن الرسالة إقرار بشرعيته وأحقيته في قيادة الجماعة في الوقت الحالي، أما الجبهة الأخرى، وهي جبهة محمود حسين، فردّت بأن الرسالة مكذوبة على المرشد العام، محمد بديع، مضيفةً أن القائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول لم يتلقَّ أي رسالة بهذه الصيغة.
وفي محاولة لحسم ملف قيادة التنظيم، كانت "العين الإخبارية" قد كشفت في وقت سابق عن محاولات جبهة لندن تنصيب عبد الحق مرشدًا للإخوان عبر إنشاء لجنة للفتوى الشرعية لعزل المرشد بديع بحكم كونه سجينًا، ولا يمكنه قيادة الجماعة.
ومنصب المرشد له خصوصية في الإخوان، كما أن لائحة التنظيم تمنع إزالة عضوية القادة في مؤسسات التنظيم بسبب السجن، وعلى سبيل المثال، احتفظ نائب المرشد، خيرت الشاطر، بموقعه القيادي في مكتب الإرشاد طوال سنوات سجنه التي سبقت أحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011.
هل في الأمر خدعة؟
يعتقد المراقبون أن محاولة عبد الحق إقصاء المرشد، حتى وإن كانت بقرار من لجنة شرعية، محكوم عليها بالفشل، كونها عرضة للتشكيك من جبهة إسطنبول، حيث يمكن لمحمود حسين الاتكاء على الخطوة لزعزعة شرعية جبهة لندن.
لكن إقصاء بديع سيخلق أزمة أخرى، بحسب المراقبين، وهي دخول بديع نفسه في خضم الحرب على زعامة التنظيم.
وكان أطراف النزاع حتى اللحظة يقرّون بشرعية القيادة في السجن، لكن عزل بديع سيضعه في قلب النزاع على الشرعية.
وردًّا على الرسالة المزعومة، نشر المتحدث الرسمي باسم جبهة إسطنبول، حسن صالح، بيانًا إعلاميًا، قال فيه إن جماعة الإخوان داخل وخارج مصر موحدة خلف محمود حسين، باعتبار أنه يتولى منصب القائم بأعمال المرشد، تفعيلاً للمادة الخامسة من لائحة الجماعة، وهي مادة تنظم عملية نقل مهام المرشد إلى نوابه، ثم إلى أقدم أعضاء مكتب الإرشاد، في حال غاب المرشد العام لأي ظرف قاهر حال بينه وبين مباشرة مهامه.
وأضاف حسن صالح أن المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع، ونوابه، محمود عزت وخيرت الشاطر، لم تصلهم أي رسائل عن طريقة إدارة الجماعة، لأنهم يخضعون للسجن في ظروف أمنية مشددة تحول بينهم وبين التواصل مع محاميهم أو أسرهم.
وأشار إلى أن الحديث عن وصول أي رسائل للقائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول، محمود حسين، بشأن إدارة الجماعة أو الإجراءات الإدارية الخاصة بها من قبل المرشد العام أو نوابه هو محض افتراء، وفق تعبيره.
وبحسب أحد المصادر المطلعة، التي تحدثت لـ"العين الإخبارية"، فإن الرسالة الأخيرة التي ذكرها صلاح عبد الحق، نقلت له عن طريق أحد المحامين في القاهرة.
حقيقة أم زيف؟
وتقول مصادر "العين الإخبارية" إن جبهة لندن سعت إلى الحصول على حسم من المرشد بديع لمنع عبد الحق من استقالة لوّح بها في وقت سابق.
وأوضحت المصادر أن أزمة نشبت في صفوف جبهة لندن على خلفية خلاف بين الأمين العام للتنظيم الدولي في جبهة لندن، محمود الإبياري، وبين السعدني أحمد، مسؤول رابطة الإخوان المصريين في الخارج في نفس الجبهة، وهي أزمة دفعت، مع غيرها من الأزمات، القائم بأعمال المرشد في جبهة لندن، صلاح عبد الحق، للتلويح بالاستقالة.
وأثار التلويح باستقالة عبد الحق قلقًا في جبهة لندن من فقدان الشرعية التي استندوا إليها، ما دفعهم لمحاولة نقل الرسالة الحديثة المنسوبة للمرشد العام للإخوان، بإقرار عبد الحق قائمًا بأعمال المرشد، ومخاطبة محمود حسين، القائم بالأعمال في جبهة إسطنبول، للانضمام إلى جبهة لندن.
الوضع الحالي
وبانفجار قنبلة عبد الحق، عاد الوضع إلى ما كان عليه قبلًا؛ إذ ثبتت الرسالة مكانة جبهة لندن التي تفتقر لدعم إخوان الداخل، كما سمحت لجبهة إسطنبول بالتشكيك فيها، لكن المستفيد الأبرز، على ما يبدو، هو المرشد العام، محمد بديع، الذي نجح في إجبار جبهة لندن على تأسيس شرعيتها على وجوده على رأس التنظيم وإفشال مشروعها لعزله
aXA6IDEzLjU4LjI0NC4xNjAg جزيرة ام اند امز