اعتاد تنظيم الإخوان الإرهابي المتاجرة بأي شيء، وأول ما يتاجر به الإخوان مبادئ حقوق الإنسان، التي هي أبعد ما تكون عن مفاهيمهم.
فرغم أن الإخوان ينتهكون حقوق الإنسان صباح مساء، وأولها حقه في الحياة أصلا، فإنهم يطلون علينا في البؤر التي يوجدون بها وهم يتغنون بأنهم "واحة الحقوق والدعم الإنساني"!
هكذا يقدم الإخوان أنفسهم للبسطاء، لكن عند التدقيق تلحظ أنهم يستخدمون هذا الخطاب الناعم في تجنيد أعضاء جدد ليس إلا، وذلك باستغلال حاجة هؤلاء وفقرهم، بعد أن يصوّروا لهم التنظيم على أنه "المدينة الفاضلة"، لكن سريعا ما تنكشف لعبتهم وتلفظهم الشعوب.
انتهاك الإخوان لحقوق الإنسان له وجهان، وجه يرتبط بانتهاك داخل الأطر التنظيمية، وآخر يتم خارج التنظيم، إلا أن الاثنين أمام قادة التنظيم سواء، لأنه لا فرق بين أعضاء التنظيم وبين خصومه ومعارضيه، فالكل تحت سيف الانتهاك الإخواني سواء إذا ما تم المساس بفكرة من أفكار التنظيم وأسياده.
انتهاك الإخوان حقوق الإنسان يرتبط بمفاهيمهم عن الإنسان والدين، وهي مفاهيم توصف بـ"الإخوانية" أساسا، قبل أن يمكن وصفها بأنها "تتمسّح بالدين"، فأمام الفهم والتأويل الخاطئ الملتوي للإخوان لمحتوى النص الديني لا حق للإنسان، الحق كله لتنظيم الجماعة، إذ إن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد فيها، حسب مفهومهم، هنا لا مكان للحديث عن حقوق إنسان، إذا ما كان الإنسان ذاته تحت رحمة ورغبات التنظيم وهوسه بالحكم ومبدأ الطاعة المطلقة.. لكن عندما يريد الإخوان أن يستميلوا ضحايا جُددا لضمهم إلى بنية التنظيم كأدوات تنفيذ فقط لما يرغبه كبار الإخوان، يعودون فورا إلى لغة الشعارات المزيفة إياها، والتي تستهدف دغدغة المشاعر وجلب أفراد لصفوف الإخوان بعماء تام، والتي من بينها طبعا ما يسمى "حقوق الإنسان" حسبما يفهمونها، حتى إذا ما وقع هؤلاء البسطاء في براثن التجنيد الإخواني كُشف لهم أنهم كانوا مجرد حطب لنار الجماعة، ولا وجود لهم ولا حقوق إلا ما تقول به الجماعة وتنظيمها السري.
هنا أقولها صراحة، إن تنظيم "الإخوان المسلمين" من أكثر التنظيمات المتطرفة، التي لا تؤمن أصلا بأي حق من حقوق الإنسان، هي لا تؤمن إلا بحق السمع والطاعة للمرشد وقادة التنظيم بترتيب هرمي، حتى لو كان في ذلك مخالفة تعاليم دينية صريحة، عندئذ تعمل آلة التأويلات المزيفة للإخوان لتطويع أي نص حسب أهوائهم من أجل تثبيت طاعة مخلوق يسمونه "مرشد الجماعة".. فأي إنسان وأي حقوق إذًا يتغنى بها الإخوان؟!
لقد أثبت تاريخ هذه الجماعة، قديما وحديثا، أنها هي الجماعة الأم لكل تيارات الإرهاب والعنف، لأنها كانت منشأ فكرة العنف وتأصيله، علاوة على أنها كانت على الدوام الأكثر استغلالًا لقضية حقوق الإنسان والترويج لها، فيما هي الأكثر انتهاكا لهذه المفاهيم الإنسانية، فهي تستغل مثلا الأطفال في نشاطات تخالف المبادئ الأساسية للطفولة، سواء بالتجنيد أو إقحامهم في أعمال كالقتل والتفجير، كما يستخدم التنظيم الأطفال في المراسلات حتى يهرب القادة من المراقبة الأمنية، فضلا عن استخدامهم الأطفال كدروع بشرية إذا ما احتدمت المواجهات مع مؤسسات دولهم، وما مشهد استغلال الأطفال في اعتصام رابعة المسلح في عام 2013 في مصر، والذي أقامته الجماعة الإرهابية ردًا على ثورة المصريين ضد تنظيمهم في 30 يونيو، إلا خير دليل على صورة الإخوان الحقيقية، حيث قام الإخوان حينها باستغلال أطفال بين الخامسة والسادسة وألبسوهم "الأكفان"، فقط لمحاولة كسب تعاطف الرأي العام على حساب جثث هؤلاء الأطفال.
نعم.. الإخوان يفعلون هذا ثم يتغنون بحقوق الإنسان!!
لا يقتصر مسلسل استغلال الإخوان على الأطفال، بل يمتد الأمر للمرأة داخل التنظيم، فهي من ناحية لا حق لها، يُنظر إليها على أنها جسدٌ، وليست شريكا للرجل في هذه الحياة بحسب كل عقل نابه، ومن جهة ثانية إذا ما اضطر رجال التنظيم أن يتخفّوا يلجؤون إلى نسائهم كحيلة تموية وهرب من المراقبة، فضلا عن استخدام العنصر النسائي في نقل الرسائل وأدوات القتل.. ها هنا انتُهك حق الأنثى مرتين، مرة حين لم يعطوها حقها في أن تعيش كإنسان متساوي في الحقوق والواجبات مع الرجل، والثانية عندما أقحموها في ممارسة الإرهاب الإخواني.
أما عن تعذيب معارضيهم وقتلهم، فحدّث ولا حرج، فللإخوان رصيد ضخم في هذه الانتهاكات، التي ترقى إلى تسميتها بـ"ما فوق الأعمال الإرهابية"، وهنا صرنا لا نتحدث مع الإخوان عن انتهاك حق الإنسان، ولكن انتهاك الإنسان نفسه، إذ ليس هناك جريمة أبشع من تعذيب إنسان حتى الموت وسلبه حياته لمجرد اختلافه عن التنظيم في الرأي.
هناك أيضا خلط تعمّدته تنظيمات الإسلام السياسي، وفي مقدمتها الإخوان، بين مفهوم حقوق الإنسان ومفهوم العنف، إذ جرى ذلك منذ نشأة التنظيم الإخواني منذ نحو قرن، حيث أسس الإخوان، الذي ادّعوا أنهم "حركة إصلاح ديني"، ذراعا مسلحة للاغتيالات السياسية!
كيف يمكن أن نصدق هذه الجماعة وهي ترفع السلاح بيد وبالأخرى ترفع لافتات كذب تتستر بها وراء دين هو منها براء؟!
على أي حال، لم تعد أكاذيب الإخوان تنطلي على الشعوب العربية، التي باتت أكثر وعيّا بخطر التنظيمات المتطرفة، التي خرجت جميعها من رحم الإخوان، والتي ما رأت منها المنطقة إلا الفوضى خلال السنوات العشر الماضية.. حتى انقلب السحر على الساحر بأن رأينا هذه الجماعة تتفتت وتتقاتل أجنحتها على المال والسلطة فيما بينها.
هؤلاء هم الإخوان.. جوع دائم إلى السلطة والدم والمال.. ولا شيء آخر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة