التنصل من الإخوان.. مسعى "الإغاثة الإسلامية" اليائس لترميم سمعتها
لم تشفع التغييرات الهيكلية في إدارة هيئة الإغاثة الإسلامية بألمانيا وتنصلها المعلن من الإخوان في ترميم سمعتها ووقف ربطها بالإرهاب.
وفق تقارير صحفية، فإن الإغاثة الإسلامية في ألمانيا تبذل محاولات يائسة لإنقاذ سمعتها وتهدئة مخاوف المؤسسات المانحة بعد أن تعرضت لضربات سياسية ومالية قوية خلال الأشهر الماضية.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية الألمانية "د ب أ" عن طارق عبدالعليم، مدير فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا قوله "إننا نأمل في أن يتسنى لنا في المستقبل تنفيذ مشروعات مجددا بدعم من وزارة الخارجية الألمانية، مثل المشروع الصحي في شمال غربي سوريا".
فيما تحدث نائب مدير المنظمة نوري كوسيلي إلى مراجعة داخلية تجريها الإغاثة الإسلامية في ألمانيا، وينتظر أن تظهر نتيجتها في يناير المقبل.
وبحسب كوسيلي، فإن هذه المراجعة تشمل فحصا أمنيا للمسؤولين في المنظمة، وتطبيقا لقواعد السلوك.
وعاد طارق عبدالعليم ليقول "نبذل كل جهدنا لتطبيق الشفافية، ونأمل في دعم الحكومة الفيدرالية"، مضيفا "على سبيل المثال، جرى انتخاب مجلس إدارة جديد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وتابع: "عضو مجلس إدارة سابق في المنظمة سبق ونشر تصريحات معادية للسامية على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، لكنه غادر المنظمة في الصيف".
وأضاف: "هناك عضو آخر نشر في 2017 محتوى معاديا للغرب على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثنى على محمد مرسي، ولم يعد موجودا أيضا في الإغاثة الإسلامية".
ومضى قائلا: "علمنا بالواقعتين السابقتين من الصحافة فقط، عدا ذلك.. نطبق قواعد السلوك على جميع موظفي المنظمة".
بالإضافة إلى ذلك، تقدمت الجمعية بطلب رسمي إلى هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا، لوقف ربطها بالإخوان، نافية تماما أي ارتباط بينها وبين الجماعة.
لا تجدي نفعا
لكن هذه المحاولات اليائسة لم تجد نفعا حتى اليوم، ولم تنقذ سمعة الإغاثة الإسلامية أو تنهي ارتباطها بالإخوان.
وقالت وزارة الداخلية الألمانية في رد على استجواب من الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط"، إن هيئة حماية الدستور ليست مقتنعة بتحركات الإغاثة الإسلامية للنأي بنفسها عن الإخوان.
ولفتت إلى أن ارتباط الإغاثة الإسلامية بالإخوان هو أحد أسباب انتهاء تمويل مشاريع المنظمة من قبل الحكومة الاتحادية في الوقت الحالي.
وتابع: "وفقا لمعلومات الوزارة، فإن المنظمة الأم وكذلك فرعها في ألمانيا لديهما حتى اليوم صلات شخصية ذات أهمية بجماعة الإخوان أو المنظمات ذات الصلة".
وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، ستيفان تومي إن "الحكومة لا تزال تفترض وجود روابط بين الإغاثة الإسلامية والإخوان"، مضيفة: "الإغاثة الإسلامية لا تزال في بداية طريق النأي بنفسها عن الجماعة ولابد من بذل الكثير من الجهود في هذا الاتجاه".
ضغوط سابقة
كانت "العين الإخبارية" نشرت في وقت سابق وثيقة برلمانية مؤرخة بـ٦ أكتوبر/تشرين الأول 2020، تفيد بأن ستيفان تومي، قدم طلبا إلى الحكومة الألمانية لوضع منظمة الإغاثة الإسلامية تحت رقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، بسبب ارتباط المنظمة بروابط شخصية ومؤسسية بالإخوان الإرهابية.
وعادة ما تخضع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.
وجاء طلب تومي بعد أيام قليلة من تقديم حزبه الديمقراطي الحر استجوابا، اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، يطلب إيضاحات من الحكومة حول ما اتخذته من إجراءات ضد منظمة الإغاثة الإسلامية بعد ثبوت علاقتها بالإخوان.
وجاءت هذه التحركات البرلمانية بعد نحو شهر من قرار اتحاد للمنظمات الخيرية في ألمانيا، تعليق جميع تعاملاته مع منظمة الإغاثة الإسلامية بسبب ارتباط الأخيرة مؤسسيا وشخصيا بالإخوان الإرهابية.
ونقلت صحيفة دي فيلت الألمانية في أوائل سبتمبر/أيلول الماضي عن متحدث باسم الاتحاد "لم تذكر اسمه" قوله: "أوقف اتحاد دويتشلاند هيلفت (ألمانيا تساعد) عضوية منظمة الإغاثة الإسلامية حتى إشعار آخر".
وفي عام 2019 جمع اتحاد "دويتشلاند هيلفت" تبرعات وصلت إلى 36 مليون يورو، ذهب 2.5 مليون يورو منها إلى الإغاثة الإسلامية.
ثم في أبريل/نيسان الماضي، جففت وزارة الخارجية الألمانية أحد أهم مصادر دخل منظمة الإغاثة الإسلامية، وهي المساعدات الحكومية.
وقالت الوزارة في إفادة لموقع "يونجل وورلد" الإخباري الألماني إن "منظمة الإغاثة الإسلامية لم تعد تتلقى تمويلا من الحكومة الألمانية، سواء لمشروع دعم الرعاية الطبية في سوريا، أو غيره".
وتابعت الوزارة: "أن تمويل هذه المنظمة توقف في مارس/آذار الماضي"، مؤكدة "لم تعد المنظمة تتلقى أي تمويل منا".
وأضافت أن "قرار وقف التمويل جاء بعد تولي مكتب التحقيق الفيدرالي مراجعة حسابات منظمة الإغاثة لمدة عام كامل".
لكن الوزارة رفضت نشر نتائج المراجعة وقالت "يمكن أن يكون التصريح بهذه المعلومات ضارا بمصالح جمهورية ألمانيا الاتحادية".
كانت منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا تلقت من وزارة الخارجية الألمانية مساعدات بلغت 1.5 مليون يورو في 2017، و2.5 مليون يورو في 2018.
ووفق الموقع "يونجل ورلد"، فإن حملات التبرعات التي تنظمها منظمة الإغاثة في ألمانيا، تأثرت سلبا، وكذلك تأثر دخل المنظمة في 2019 و2020، بإعلان الحكومة الألمانية بشكل رسمي في أبريل/نيسان 2019، اكتشافها صلات شخصية ومؤسسية بين المنظمة والإخوان.
علاقات وثيقة بالإخوان
وثيقة للبرلمان الألماني مؤرخة بـ15 أبريل/نيسان 2019 ذكرت كذلك أن "هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، ترى أن منظمات الإخوان في ألمانيا، ومنها منظمة الإغاثة الإسلامية، خطير للغاية".
وتابعت: "منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا التابعة للإخوان، ترتبط بصلات وثيقة بمنظمات أجنبية، خاصة حركة حماس الفلسطينية".
وأضافت: "وترتبط منظمة الإغاثة الإسلامية بالمنظمة الأساسية للإخوان في ألمانيا، وهي منظمة المجتمع الإسلامي، وتعد منظمة الإغاثة الممول الأساسي لأنشطة هذه المنظمة".
ووفق الوثيقة ذاتها، فإن الروابط بين منظمة الإغاثة الإسلامية، ومنظمة المجتمع الإسلامي ليست مؤسسية فقط، بل شخصية أيضا، فإبراهيم الزيات، عضو الهيئة العليا لمنظمة الإغاثة الإسلامية، هو أيضا رئيس مجلس الشورى التابع لمنظمة المجتمع الإسلامي، ورئيس هذه المنظمة سابقا، ومحرك خيوط وأنشطة الإخوان في ألمانيا.
فيما قالت وثيقة أخرى للبرلمان الألماني مؤرخة بـ10 يناير/كانون الثاني 2017، إن فرع منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا، أُسس بشكل رسمي في 1996، وسجل في سجل الجمعيات في مدينة كولونيا غربي البلاد في 25 مارس/أذار 1997، واتخذ من مبنى في نفس المدينة مقره الرئيسي.
لكن منظمة الإغاثة الإسلامية في ألمانيا تمتلك أيضا فروعا في برلين وفرانكفورت "وسط"، وإيسن "غرب"، وهامبورغ "وسط"، وفق الوثيقة ذاتها.
وتملك الإخوان الإرهابية وجودا ملحوظا في ألمانيا، عبر منظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد.
وتخضع هيئة حماية الدستور مؤسسات الإخوان وقياداتها في ألمانيا لرقابتها، وتصنفها بأنها تهديد للنظام الدستوري والديمقراطي.