بعد الحظر.. هل يلجأ «إخوان الأردن» إلى العمل السري؟

بمجرد صدور قرار حظر الإخوان بالأردن، بدأت أسئلة جديدة تظهر على السطح حول كيفية تعاطي الجماعة مع الوضع الحالي، واحتمالية العمل سرا.
وجاء قرار حظر الإخوان الذي أعلنته وزارة الداخلية أمس، بعد الكشف عن "خلية الصواريخ" المتهم فيها عدد من كوادر الجماعة، والتي كانت تهدد الأمن في البلاد.
وبعد إعلان دائرة المخابرات العامة الأردنية القبض على "خلية الصواريخ" الأسبوع الماضي، لم تُدِن جماعة الإخوان الأنشطة التي انخرط فيها منتسبوها، واكتفت بالقول إنها "أعمال فردية".
ومع أن الإخوان منحلة رسميًّا بموجب أحكام أصدرها القضاء الأردني في عام 2020، إلا أنها ظلت تعمل فعليًّا على الأرض في المملكة الأردنية، واستطاعت خلال العام الماضي إجراء انتخابات تنظيمية أدت إلى اختيار مراقب عام جديد هو مراد العضايلة، المقرّب من التيار المحسوب على حركة "حماس" الفلسطينية داخل الجماعة، ومكتب تنفيذي ومجلس شورى جديدين.
من المرونة إلى المواجهة
وعند تلك المرحلة، كانت السلطات الأردنية تُبدي نوعًا من المرونة تجاه الإخوان، كجزء من مخرجات عملية التحديث السياسي التي انخرطت فيها المملكة قبل سنوات، برعاية العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وفقًا لمراقبين.
بيد أن جماعة الإخوان وجدت في حرب غزة فرصة سانحة لتتمدد على الأرض، ظنًّا منها أنها تستطيع أن تقود الشارع الأردني للضغط على السلطات، وزاد هذا الشعور عندما حصلت على عدد كبير من المقاعد في مجلس النواب الأردني (31 نائبًا من أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لها).
لكنها في نهاية المطاف أدركت أن حساباتها كانت خاطئة تمامًا، وانتهى الأمر بالحظر.
ويرى محللون أن اللجوء إلى العمل السري هو تكتيك الإخوان في مثل هذه الحالات، فالجماعة في الأردن واصلت العمل السري طوال سنوات على وقع الضغط الأمني الذي واجهته، كما أنها تخلّصت من أوراق وملفات تنظيمية عديدة منذ الكشف عن خلية الصواريخ لأنها تدرك أن حملات التفتيش والتحقيقات يمكن أن تكشف المزيد عن أنشطتها السرية.
وفي إشارة على أن الجماعة تفكر جديًّا في التحول إلى نهج العمل السري، حذف مراد العضايلة صفته التنظيمية من حسابه الرسمي على موقع "إكس" (تويتر سابقًا)، عقب الإيجاز الصحفي لوزير الداخلية الأردني، بعدما كان يُعرّف نفسه بمراقب عام جماعة الإخوان قبل التطورات الأخيرة.
ورطة حقيقية
بدوره، قال صلاح ملكاوي، الباحث الأردني والخبير في الشؤون السياسية، إن جماعة الإخوان "أثبتت أنها الأكثر غباءً على الساحة السياسية العربية، وأنها تعض الأيدي الممدودة لها، وأنها لم تتوقف يومًا عن التآمر على الدولة الأردنية".
ولم يستبعد ملكاوي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن تلجأ الإخوان في الأردن إلى العمل السري، مضيفًا أن "هناك اتجاهًا داخل الدولة الأردنية يرى ضرورة استئصال جماعة الإخوان وعدم تركها تعمل في المملكة، وهذا التيار يرى ضرورة ممارسة الضغط الأقصى على الجماعة، والذي قد يصل إلى حل الذراع السياسية (حزب جبهة العمل الإسلامي) وفصل نوابه الـ31 من البرلمان، في حال ظلت الأمور في مسارها الحالي".
واعتبر الباحث الأردني، أن "جماعة الإخوان وحزبها في ورطة حقيقية، فيما تتعامل الدولة الأردنية بحساسية مع الملف، في ظل وضع إقليمي معقد تزيد من تعقيداته الحرب الحالية في قطاع غزة".
مشيرًا إلى أن الجماعة "تسعى في الوقت الراهن إلى تجاوز هذه الأزمة بأي طريقة، من أجل تلافي حل حزب جبهة العمل الإسلامي وإلغاء عضوية النواب المنتمين له".
خيارات محدودة
وعلى ذات الصعيد، قال مصطفى كمال، الباحث في الأمن الإقليمي، إن القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الأردنية "تُعد محطة فارقة في العلاقة بين الدولة الأردنية والجماعة، فالدولة انتقلت من سياسة الاحتواء المرن التي اتبعتها لعقود، إلى نهج قانوني حازم لا يقبل المواربة".
موضحًا أن "هذه الخطوة لم تأتِ بمعزل عن السياق الإقليمي المتوتر، ولا عن التجارب السابقة للدولة مع الجماعة، بل عكست قناعة متنامية لدى صانع القرار الأردني بأن الصبر السياسي بلغ مداه، وأن الحفاظ على الأمن القومي الأردني يتطلب وضوحًا وحسمًا، خصوصًا في ظل المخاطر الأمنية المحيطة بالمملكة".
وأضاف كمال في حديث لـ"العين الإخبارية" أن نظرة الدولة الأردنية للجماعة "تحولت إلى مسألة أمن وطني، بعد إعلان الأجهزة الأمنية إحباط مخططات عسكرية خطيرة، وهذه القفزة في التصنيف الأمني للجماعة مثّلت تحولًا جذريًّا في طريقة التعامل معها، خاصة مع ورود أسماء أبناء لقادة الجماعة في التحقيقات".
ومن ثم، يقول الباحث في الأمن الإقليمي، إن "التطورات الأخيرة تقلّص الخيارات أمام جماعة الإخوان، التي من المرجح أن تنكفئ على ذاتها وتدخل في مرحلة انزواء وتفكك داخلي، وقد يلجأ بعض أعضائها إلى العمل السري أو إعادة التموقع تحت مسميات جديدة، لكن من دون الغطاء السياسي أو الاجتماعي الذي كان متاحًا سابقًا".
كما أن القيود القانونية الجديدة "تجعل أي محاولة للعودة إلى الساحة السياسية محفوفة بالمخاطر، في وقت باتت فيه الأولوية المطلقة للدولة الأردنية هي تثبيت الاستقرار في البلاد"، وفقًا للمصدر ذاته.