ثمة سؤال بات يفرض نفسه بإلحاح في ظل تطورات المشهد السياسي الأردني: هل بدأت لحظة النهاية السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في المملكة؟
لا يبدو هذا الطرح بعيدًا عن الواقع، لا سيما في ضوء المؤشرات التي تتكثف تباعًا، وتشي بتوجه رسمي «محسوب» لإغلاق الملف الإخواني في الحياة الحزبية الأردنية.
وبحسب مصادر مقربة من مطبخ القرار السياسي في عمّان، فإن ثمة تفكيرًا جديًا في تفعيل قرار سابق صدر قبل خمس سنوات تقريبًا، يقضي بمنع «جبهة العمل الإسلامي»، الذراع السياسية للإخوان، من مزاولة النشاط السياسي في البلاد.
ورغم أن القرار ظل في أدراج الانتظار لأسباب تتعلق بتوازنات داخلية وخارجية، فإن التطورات الأخيرة قد تسرّع من تبنيه وتطبيقه بشكل عملي.
فبيان حركة «حماس» الذي صدر، وطالبت فيه بالإفراج عن أفراد الخلية المتهمة بتشكيل تنظيم إرهابي، والتي كشفت عنها دائرة المخابرات العامة قبل أيام، شكّل صدمة للأوساط السياسية والأمنية، وحرّك المياه الراكدة في ملف التنظيمات ذات المرجعيات الإخوانية؛ حيث بدا واضحًا أن هناك تماهياً غير مبرر – وربما غير محسوب – بين خطاب «حماس» وتنظيم الإخوان في الداخل الأردني، وهو ما أعاد إشعال الشكوك حول طبيعة العلاقة وتقاطعاتها.
إلى جانب ذلك، فإن حالة التعقيد التي ظهرت جلية في جلسات مجلس النواب، والتي شهدت مشاحنات حادة وتباينًا في المواقف، كشفت عن حجم تأثير الإخوان في البرلمان، حيث يُقدّر أن ثلث أعضائه يدينون بالولاء للجماعة أو يتحالفون معها.
لكن المفارقة أن هذا التأثير لم يعد محط إجماع شعبي، بل بات يُنظر إليه كمصدر تعطيل وإرباك للقرار السياسي، حتى من قبل أحزاب المعارضة الأخرى التي ترى في الإخوان خصمًا أكثر من كونهم شريكًا سياسيًا.
ما يمكن رصده بوضوح في المرحلة الراهنة هو نوع من «الذكاء السياسي» الذي تمارسه الدولة في تعاملها مع الإخوان؛ فالتوجه ليس إلى الصدام، بل إلى الإزاحة الناعمة والممنهجة، مستفيدة من حالة التوافق الشعبي خلف القيادة، ومن الانكشاف المتزايد لأجندات الجماعة.
هذا التوافق غير المسبوق، والذي شمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني والأحزاب، بما فيها تلك التي كانت حتى وقت قريب على تقاطع مع السياسات الرسمية، أضعف كثيرًا من الغطاء السياسي الذي لطالما احتمى به الإخوان.
الأيام المقبلة، كما تؤكد مصادر موثوقة، ستشهد تحولات حاسمة في مسار العلاقة بين الدولة وتنظيم الإخوان، وقد تكون هذه التحولات بمثابة «الضربة القاصمة» التي طال انتظارها، والتي ستنهي عقودًا من الجدل حول دور الجماعة في الحياة العامة الأردنية.
وما بين حسابات الأمن الوطني، وتحولات الرأي العام، وتبدل التحالفات السياسية، يبدو أن خروج الإخوان من المشهد السياسي لم يعد مسألة «هل»، بل مسألة «متى».
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة