محاولة إخوانية للعبث بخارطة طريق ليبيا.. سيناريوهات المرحلة المقبلة
ما إن مر 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 دون انتخابات حتى ابتهج تنظيم الإخوان بتحقيق هدفه، إلا أنه ما زال يمني نفسه بتنفيذ مخططه كاملا.
فالتنظيم الإرهابي الذي لطالما سعى لإرجاء الانتخابات، والدفع نحو الاستفتاء على الدستور أولا، متخذا أهدافًا غير مشروعة، للوصول إلى مآربه، سُرت أساريره، بالإرجاء الوجيز لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، وبدأ يضع خططًا للمرحلة المقبلة، واهمًا بأنه قادر على تحقيقها.
وقال عبدالقادر احويلي عضو ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان، إن المجلس سيضغط باتجاه الاستفتاء على الدستور أو إجراء انتخابات برلمانية، مشيرًا إلى أنهم سيضغطون عبر رفع دعوى جنائية قضائية ضد المفوضية العليا للانتخابات لتعطيلها الاستفتاء على الدستور.
إلا أن تصريحات احويلي، سبقتها تصريحات أخرى لرئيس المجلس نفسه، القيادي الإخواني خالد المشري، أكد فيها أنه لا انتخابات جديدة في 24 يناير/كانون الثاني المقبل، وهو الموعد الذي اقترحته مفوضية الانتخابات بديلا عن 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري، الذي تعذر إجراء الاستحقاق فيه، متحديا بذلك آلاف الليبيين الذين خرجوا في مظاهرات إلى الشوارع والميادين رفضا للتأجيل.
تعقيد الأزمة
وفيما كشفت تصريحات قادة تنظيم الإخوان، عن نوايا وصفها مراقبون بـ"الخبيثة"، ضد مشروع الدولة، أكدوا أن التنظيم يحاول لملمة صفوفه، وإعادة تجميع شتات نفسه، خوفًا من إقصائه في آخر معاقله في المغرب العربي، بعد خسارته الفادحة في المغرب وتونس والجزائر.
ليبيا بعد 24 ديسمبر.. اعتذار وتلويح بالقضاء وطرح مبادرات إنقاذ
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تصريحات تنظيم الإخوان، محاولة للدفع نحو استمرار تعقيد الأزمة، لأن ما يعرف بـ"مجلس الدولة" يعرف جيدًا أنه لا يمكن الوصول إلى توافقات حول الاستفتاء أو إجراء انتخابات برلمانية فقط، باعتبار أن مسودة الدستور جدلية وخلافية، وعليها الكثير من الاعتراضات.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن إجراء الانتخابات البرلمانية دون الرئاسية، مرفوض من البرلمان وعدد كبير من النخب الوطنية، باعتبار أنهم يحاولون زعزعة القاعدة التشريعية الوحيدة الموجودة حاليا والاتجاه بليبيا نحو المجهول.
وشدد على أن إصرار الإخوان على الانتخابات البرلمانية أولا دون الرئاسية، محاولة لإطالة لأمد الأزمة لا غير، "لأننا لا نعرف شكل المجلس الجديد ولا توجهاته، وهل سيصل إلى توافقات أم لا؟"، وفق تساؤلات المحلل السياسي الليبي.
حلان لإجراء الانتخابات
وأكد المسلاتي أن أهداف الإخوان من إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، "استمرار لهذا المشهد البائس، وتعميق للأزمة فقط لا غير، باعتبار أنها لن تنتج سلطة قوية في ليبيا، قادرة على اتخاذ قرارات جريئة تكون موضع التنفيذ".
وحول سبل الخروج من الأزمة الحالية، قال المحلل الليبي، إن تصحيح "العيوب الفنية" في إجراءات المفوضية، والذهاب إلى تشكيل حكومة جديدة أو ترميم الحكومة الحالية بتغيير رئيسها، قد يكون حلا لتقديم موعد جديد للانتخابات دون مبادرات الإخوان التي لا تهدف إلا لإطالة الأزمة.
بيان دولي يفجر الغضب في ليبيا.. وجلسة البرلمان في سيناريوهات
وأكد أن مخطط الإخوان سيفشل بسبب صلابة الكتلة الوطنية التي تواجه المشروع، لا سيما وأنها تزداد يوما بعد الآخر، وخاصة بعد اللقاء الذي جمع بعض المرشحين الرئاسيين في بنغازي؛ أبرزهم القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر وفتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة ونائب رئيس المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق، مشيرًا إلى أن ذلك بداية لتحالف وطني "قوي"، سيواجه مخططات تنظيم الإخوان في العرقلة، وسيكون سدا منيعا في وجهها.
تنظيم ضعيف
توقعات المسلاتي بفشل "الإخوان"، أكدها المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، قائلا، إن التنظيم لن ينجح في أي مساع له قديمة أو جديدة، لأنه "ضعيف ولا وزن له في المعادلة السياسية الليبية، ولهذا نراه يلعب على تناقضات أخرى ويحاول الاستفادة منها".
وأوضح المرعاش، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن مسألة تأجيل الانتخابات أو إلغائها لم تكن من فعل تنظيم الإخوان وإن كان استفاد منها، مشيرًا إلى أن العائق الأساسي الذي عطل الانتخابات الرئاسية والتشريعية هي حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وأيضا تواطؤ بعض الدول التي تتدخل بشكل مباشر في الشأن الليبي، لأنها تخشي من نتائج الانتخابات التي ربما تأتي بشخصية وطنية تضع حدًا للتدخلات الأجنبية في ليبيا.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أن تنظيم الإخوان المسيطر على المجلس الأعلى للدولة لا يريد تنظيم انتخابات؛ لأنه يحتاج إلى كثير من الوقت لمحاولة كسب الناخبين وللاستفادة من بقاء عناصره في مفاصل إدارة الدولة وما يدره له ذلك من مصالح مالية، مشيرًا إلى أنه في سبيل بقائه سيتحالف مع أي طرف رافض للانتخابات.
3 سيناريوهات
وحول السيناريوهات المتوقعة، قال المحلل السياسي الليبي، إن هناك ثلاث سيناريوهات؛ الأول أن يجتمع مجلس النواب ويكلف شخصية تكنوقراطية على رأس حكومة مصغرة لا تزيد عن 15 عضوًا وتكون مهمتها الأساسية معالجة بعض المشاكل اللوجستية للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، إلا أنه قد يصطدم برفض حكومة الدبيبة التي قال إنها "أعدت خطة للسيطرة بقوة سلاح الميليشيات على العاصمة طرابلس، وأعلنت استعدادها لمواجهة بقية التشكيلات المسلحة التابعة لمترشحين آخرين في شمال الغرب الليبي التي تريد تنظيم الانتخابات".
24 ديسمبر بلا انتخابات.. كيف غابت "ساعة الصفر" في ليبيا؟
وأكد أنه في حالة استمرار تعنت الدبيبة وسيطرته بالقوة على السلطة في طرابلس، سيبحث البرلمان تشكيل حكومة جديدة ترعى مصالح الشرق والجنوب الليبي غير الخاضعة لسلطة حكومة الدبيبة، ما يعمق الانقسام ويعود بليبيا إلى ساحة الاستقطاب وجلب الأسلحة والمرتزقة بوتيرة أقوى، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة، سيتحول الصراع إلى محاولات للسيطرة على موارد البلاد النفطية.
أما السيناريو الثالث وهو الأسوأ، بحسب المرعاش، فهو العودة إلى مربع الحرب على محور سرت الجفرة، إلا أنه قال إن الولايات المتحدة وبريطانيا ستتحملان مسؤولية هذا "السيناريو الكارثي"، لـ"وقوفهما ضد" إرادة الشعب الليبي في تنظيم انتخابات تنهي الأجسام الفاسدة الحالية.
وطالب المحلل الليبي مجلس النواب بفرض رؤيته في الجلسة القادمة بتكليف شخصية جديدة من التكنوقراط/ وأن يعلن عن موعدها في فترة لا تتجاوز شهرين، دون إدخال البلاد في خارطة طريق جديدة طويلة المدى.
فشل إخواني
من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد المهدوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن مجلس الدولة غير قادر علي تسيير الأمور تجاه الاستفتاء على الدستور؛ حبق أن مسودة الدستور مرفوضه شعبيا وعليها تحفظات، مشيرًا إلى أن الذهاب تجاه الاستفتاء معناه إطالة عمر المرحلة الانتقالية لأكثر من عامين.
وأوضح المهدوي، أن الذهاب إلى انتخابات برلمانية فقط الآن يمكن تحقيقه، وهذا ليس فضلا لمجلس الدولة، وإنما محاولة منه لاغتنام فرصة الذهاب نحو الانتخابات البرلمانية وتأجيل الرئاسية، لكيلا يكون هناك خلاف وتشظٍ سياسي، خصوصا وأن هناك تجاذبات وخلافات على القائمة الأولية لمرشحي الرئاسة.
ورغم ذلك إلا أنه قال إن الأمور تسير نحو اعتماد تاريخ 24 يناير/كانون الثاني، موعدًا لانتخابات الرئاسة، مع الإبقاء على الحكومة الحالية برئاسة النائبين دون السماح للدبيبة بالعودة إلى رئاسة الحكومة، وعدم السماح للمعرقلين لتحقيق أهداف معينة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMTMuNzYg جزيرة ام اند امز