24 ديسمبر بلا انتخابات.. كيف غابت "ساعة الصفر" في ليبيا؟
دقت أجراس 24 ديسمبر الجاري دون أن تشهد ليبيا انتخابات كان الشعب يعول عليها لوضع أوزار أزمة تثقل البلاد منذ أكثر من عقد.
وغابت "ساعة الصفر" التي كان من المفترض أن تعطي شارة انطلاقة جديدة، بفتح مراكز الاقتراع في بلد يتطلع إلى مرحلة بناء المؤسسات وإعادة الإعمار، وسط سيل من الأحداث التي قادت بشكل أو بآخر نحو التأجيل.
فأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا والتي كان من المقرر إجراؤها، اليوم الجمعة، اقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تأجيلها إلى 24 يناير/كانون الثاني المقبل، على أن يتولى مجلس النواب العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإزالة حالة القوة القاهرة التي تواجه استكمال العملية الانتخابية.
إلا أن التأجيل حرم 2.5 مليون ناخب من اختيار رئيسهم لأول مرة منذ استقلال ليبيا في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951، ليستيقظ الليبيون على اقتراحات بخطط بديلة، كان الاستحقاق الدستوري سيريحهم من أهوالها ومن سيناريو الفشل الذي قد يحيط بها.
أسئلة بلا أجوبة
لكن ما الذي دفع لإرجاء الانتخابات رغم إعلان المفوضية استعدادها فنيًا لإجرائها في موعدها المحدد؟ وما هي الخطط البديلة؟ أو سيناريوهات المرحلة المقبلة؟ وما إذا كان الشهر الذي اقترحته المفوضية سيكون كافيًا؟
أسئلة كثيرة تدور في خلد الليبيين، دون أن تجد إجابات قاطعة؛ في وقت مرت فيه العملية الانتخابية بعراقيل عدة جعلت "من المستحيل" إجراءها في موعدها، بحسب رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة ملف الانتخابات، الهادي الصغير.
"نبوءة مسمومة".. مجلس الغرياني يدق طبول الحرب بليبيا
واستحالة إجراء الانتخابات في موعدها يعتبر نتيجة عقبات أدت إلى الوصول للوضع الحالي؛ أولها محاولات تمديد عمر السلطة التنفيذية الحالية، والتي صاحبها الكثير من الجدل والاتهامات بين الأطراف في ليبيا، مرورًا بالإعلان عن قانون الانتخابات الرئاسية الصادر من البرلمان الليبي، والذي رفضه تنظيم الإخوان، بسبب مواده وخاصة المادة 12 التي تنص على أن "المرشح للرئاسة عليه أن يستقيل من عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات".
جدل افتعله تنظيم الإخوان وبعض الذين يحاولون الترشح للانتخابات الرئاسية ممن هم في السلطة التنفيذية، دفع البعض لاقتراح اثنين من السيناريوهات؛ أولها تمديد عمر الحكومة والفترة الانتقالية، فيما يشمل الثاني حرمان بعض الشخصيات من الترشح للرئاسة.
خطة إخوانية
وشن تنظيم الإخوان والمليشيات المسلحة التابعة له هجومًا على عدد من فروع مفوضية الانتخابات وأغلقوا مقارها، في محاولة لإثناء الأخيرة عن إعلان فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية.
اقتحام مفوضية انتخابات ليبيا.. قلق أوروبي ودعوات للمعاقبة
إلا أنه بعد فتح باب الانتخابات الرئاسية والذي لم يسلم هو الآخر من الجدل إثر الإعلان عن القوائم الأولية للمرشحين، والتي أقصت بعض المرشحين وأبقت آخرين طالب مرشحون للرئاسة بإقصائهم، مستخدمين في ذلك معركة الطعون الانتخابية التي ساهمت في إذكاء "نار التنافس" والتي كانت ستصل حد الاقتتال، بعد منع الهيئات القضائية من ممارسة دورها والفصل في تلك الطعون.
بيان مفوضية انتخابات ليبيا.. مخاوف وجدل
وكان للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات نصيب من اتهامات كثيرة طالتها، خاصة بعد الإبقاء على المرشح الرئاسي ورئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة، رغم مخالفته المادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى التعهد الذي قطعه على نفسه، خلال ملتقى الحوار السياسي الليبي، في فبراير/شباط الماضي، بعدم الترشح لأي من مناصب السلطة التنفيذية المقبلة.
كرة لهب
اتهامات طالت المفوضية جعلتها ترجئ الإعلان عن القوائم النهائية للمرشحين، مما دفع بمجلس النواب الليبي لتشكيل لجنة للتواصل معها وتذليل العقبات الفنية والقانونية التي تقف أمامها.
وفيما ما زالت اللجنة تواصل أعمالها، خرجت مفوضية الانتخابات في 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بتصريحات "مثيرة"، وقالت إنها ستعلن عن قرارات قضائية وقانونية تعتزم اتخاذها قبل إعلان القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية.
هل ستجرى انتخابات ليبيا بموعدها؟.. سيناريوهات محتملة
وفيما لم تعلن عن القرارات القضائية والقانونية، أحالت في 15 من الشهر نفسه، التقرير النهائي الخاص بمرحلة الطعون الانتخابية لانتخاب رئيس الدولة، إلى اللجنة المشكلة من أعضاء مجلس النواب المعنية بمتابعة العملية الانتخابية.
ورغم أن التأجيل بات حينها أمرًا محسومًا، إلا أن إعلان القرار أضحى شبيها بـ"كرة لهب" تتقاذفها المفوضية والبرلمان الليبي؛ فالأولى قالت على لسان رئيسها عماد السايح، إنه في حال التأجيل فإن مجلس النواب هو من يعلن وليس المفوضية، مؤكدة أنه ليس من اختصاصها الإعلان عن التأجيل.
قرار تأجيل انتخابات ليبيا.. "كرة لهب" تتقاذفها المفوضية والبرلمان
إلا أن عضو مجلس النواب الصادق الكحيلي، قال إن من مسؤوليات المفوضية ومن خلال تواصلها مع بقية شركائها في العملية الانتخابية، الخروج والإعلان عن تأجيل الانتخابات.
ليرد رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بمتابعة العملية الانتخابية، الهادي الصغير، قائلا، إن المفوضية العليا للانتخابات هي من ستحدد مدة التأجيل، والموعد الجديد لإجراء الانتخابات بالتنسيق مع مجلس النواب، مشيرًا إلى أن البرلمان الليبي سيعقد جلسة في 27 من الشهر الجاري للنظر في المعوقات التي أدت لتأجيل الاستحقاق الدستوري.
صمت واقتراح
ومرت أيام من الصمت، حتى قبل 48 ساعة من موعد الانتخابات، ليخرج الهادي الصغير، في خطاب وجهه إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح، قائلا إن إجراء الانتخابات بالموعد المقرر بقانون الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري (اليوم)، أصبح مستحيلا.
"لا مفر من التأجيل".. خطاب رسمي في ليبيا يقر باستحالة إجراء الانتخابات
وأشار إلى أن القرار الذي توصلت إليه اللجنة جاء بعد لقاءات واجتماعات مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، وكل الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية، وبعد إطلاعها على التقارير الفنية والقضائية والأمنية.
وطالب الهادي الصغير، في خطاب اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، رئيس النواب باستئناف عمله ومباشرة رئاسة المجلس وقيادة جلساته.
عقب تأجيل الانتخابات.. "النواب الليبي" يستعد بـ"خطة بديلة"
ولم تمض ساعات على خطاب رئيس اللجنة البرلمانية، ليخرج رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، باقتراح لتأجيل الجولة الأولى إلى 24 يناير/كانون الثاني 2022.
وبعد تأكد "استحالة" إجراء الانتخابات، شكل البرلمان الليبي لجنة من عشرة أعضاء، تتولى العمل على إعداد مقترح لخارطة طريق ما بعد 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري، على أن يُعرض على مجلس النواب في الجلسة القادمة.
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjIzNiA= جزيرة ام اند امز