قمة العلا.. "ربيع الإخوان" يتبدد تحت شمس الحوار
حالة من الهلع والارتباك يعيشها تنظيم الإخوان الإرهابي بعد التئام القمة الخليجية والتوقيع على اتفاق العلا وتغيّر المشهد السياسي.
وفي أعقاب نجاح القمة الخليجية الـ٤١، والتي وصفها مراقبون بأنها استثنائية حيث استطاعت تعزيز الحوار الخليجي، استشعر الإخوان الخطورة، فسارعوا بادعاء فشل المقاطعة الرباعية، متناسين خسائرهم عربيا وأوروبيا خلال هذه السنوات.
ووفق مراقبين فإن أعوام ما بعد المقاطعة، هي من أثقل الأعوام التي مرت على الإخوان، لما شهدته من ضربات مدوية، أحدثت زلزالا في فروع الجماعة بعدة دول عربية، ما يفسر ارتباك الإرهابية جراء مخرجات القمة الخليجية.
وفند خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" خسائر الإخوان على مدار سنوات المقاطعة، مشددين على أن مخرجات قمة العلا نجحت في تقويض الإخوان، والإطاحة بأجندة التنظيم التي عمل عليها منذ لفظه شعبيا في المنطقة.
دعاة الإرهاب
فهد ديباجي، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، قال لـ"العين الإخبارية" إنه من المعلوم أن الشعوب العربية عانت من مكر وحقد الإخوان ما لم تشهده في مختلف عصورها، بعد أن ثبت للجميع أن اسم الإخوان مُقترن بالغدر والتآمر والخيانة.
ونوه "ديباجي" إلى "مؤامرات الجماعة الإرهابية الموجهة إلى الأوطان العربية" قائلا: "لم يخن أحدٌ الإسلام والعرب كما خانها الإخوان، وهم من أضر بالأمن القومي العربي، وبسببهم تم تغييب صُنّاع الوعي، وتضخيم صُنّاع الضلال، ودعاة الإرهاب بهدف إنتاج جيل مشوَّه فكرياً وأخلاقياً".
وتابع: "بتوفيق الله وقوته ثم للإرادة القوية والواضحة والصريحة من بعض الدول العربية على رأسها السعودية والإمارات والبحرين ومصر تم التخلص من خطر الإخوان وهذا السم والسرطان الذي أصاب واخترق الشعوب العربية".
خسائر لا تنتهي
وراسما صورة لخسائر الإرهابية، قال ديباجي: "نجحت المقاطعة في إيقاف الكثير من إرهاب الجماعة بعد تجفيف الكثير من مصادر تمويلها، ويكفي أن المقاطعة جعلت بعض الدول تصنف الإخوان جماعة إرهابية".
وأضاف: "المقاطعة نجحت في كشف الكثير منهم في كل المجالات ممن كان يستتر تحت رداء الدين حينًا والوطنية حينا آخر، ناهيك بأنها كشفت خبث ومكر هذه الجماعة وأساليبها المتنوعة وأهدافها وتعاونها مع نظام الملالي بعد أن كان سرا".
وشدد المحلل السعودي المخضرم على أن "جماعة الإخوان ليست مشروعًا عربيًا، بل مشروع غربي استعماري بمخالب وأدوات عربية خائنة، فما دمّرته الجماعة، وما أجهضت من تجارب تنموية، وما حطَّمت من آمالٍ مستقبلية، يفوق أحلام المستعمرين وكل الأعداء" .
واعتبر أنه "لا غرابة أن يستمر بعض الإخوان في أملهم بعودة الثورات المشؤومة، وهذا هو المستحيل على الأقل في السنوات القريبة القادمة".
وتابع: "لهذا من الطبيعي أن تستمر الجماعة في شيطنة حكام العرب، وتستمر في جهادها الفاسد لتحقيق حلمها ولكن هذه المرة ستعود لأسلوبها القديم في العمل السري والخفي خصوصًا من خلال الدول العربية التي تتساهل مع الجماعة أو تحتضنها وتدعمها مثل تركيا وماليزيا".
ومع توالي الضربات للإخوان خلال سنوات المقاطعة، باتت الجماعة الإرهابية "محاصرة" عربيا، و"مهددة" أوروبيا، ما جعل محاولاتها للظهور أو التموقع، أمرا صعبا.
وصنفت الإخوان كجماعة محظورة وإرهابية في 5 دول عربية وهي "سوريا - مصر - السعودية - الإمارات - البحرين".
أما في الأردن فباتت "منحلة" قانونيا، وفي تونس ملفوظة شعبيا، وفي السودان "مهددة بالتفكيك".
خنق وتقليم أظافر
بدوره، قال الكاتب والمحلل الكويتي، عبدالرحمن المسفر، إن "فترة المقاطعة، كبدت الإخوان خسائر كبيرة كان أهمها تقليص الوجود والنفوذ والتحركات ومن ثم الفاعلية في الأدوار، ما أدى إلى خنق لتحركات الإخوان وتقليم أظافرهم في عدد من البلدان العربية".
ومفندا أبرز خسائر الإخوان في الدول العربية، أوضح "المسفر" لـ"العين الإخبارية": "في الكويت بعد أن تزعمت قيادة الحركة التمرد في حراكات الشوارع والساحات باسم الإصلاح والتغيير الإيجابي مستغلة رياح الثورات العربية، أدى ذلك إلى وضعهم تحت المجهر وتقليل استقطابهم للمناصب الحكومية".
وتابع: "وفي مصر، تلقى الإخوان ضربات موجعة بعد انكسارهم في عمليات الإثارة والفتنة التي حاولوا إشعالها عقب سقوط حكم محمد مرسي وفشل محاولاتهم في السيطرة على مفاصل الدولة والعمل على أخونتها، حيث تصدى لهم الرئيس عبدالفتاح السيسي بحزم وقوة حفاظا على دولة القانون والمؤسسات".
وذهب المحلل الكويتي إلى "أن القيادة المصرية نجحت خلال زمن قياسي في إخماد ثورتهم المنحرفة، مستندة إلى الشرعية الدستورية والشعب المصري والأحرار من المفكرين وقادة الرأي الذين خاضوا معارك التعرية الفكرية وكشف كذب مظلومية الجماعة المارقة وتحدي زعاماتها السافر لروح العدالة والقانون".
أما في السعودية، "حاولت هذه الجماعة الضالة زعزعة الأمن والاستقرار باستعمال ورقة الدين والفتاوى والتحريض على الحكام ورفع السقف في الخطابات والرسائل إلى ماهو أبعد من النقد المباح أو الحريات المقبول، إذ بات بعض من يطلقون على أنفسهم دعاة جسرا للتغرير بالشباب ومن لديهم القابلية في الانتقام، غير أن حكومة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تصدت لهم بعزم وعزيمة"، وفق المسفر.
وأضاف: "لم تسلم دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا من شر الإخوان ومكرهم ومحاولاتهم الدؤوبة في تكوين الخلايا الإرهابية والعدائية التي تبتغي النيل من صفو الحياة الكريمة التي يتمتع بها المواطن والمقيم في هذا البلد المسالم".
وأوضح: "سعت الإخوان لتجنيد الإعلام المأجور لتشويه صورة وسمعة الإمارات وكذلك استغلال أي فرصة لشق وحدة الصف الشعبي الإماراتي الملتف خلف قيادته وإحداث أي بلبلة، لكن القيادة السياسية لم تسمح لتلك الشرذمة من التوغل أو حتى المساس بمصالح الدولة وأمنها".
ثغرات غير موجودة
واعتبر المحلل الكويتي أن "الإخوان خلال سنوات المقاطعة كانوا يبحثون عن ثغرات ومعابر لهم"، لافتا إلى أنهم حاولوا إنعاش قوتهم وتحركهم في البحرين، غير أن الحكومة كانت لهم بالمرصاد، ولم تمكنهم من تحقيق مرادهم.
وحذر "المسفر" من محاولات الإخوان بعد نجاح تعزيز الحوار الخليجي واتفاق قمة العلا، ترتيب صفوفهم واستعادة وضعهم شيئا فشيئا مستخدمين "تقيتهم السياسية" بتقديم الطاعة والولاء كذبا واحتيالا بداعي الرجوع إلى الواجهة السياسية والإعلامية.
وموضحا تبعات قمة العلا على أجندة الإخوان، قال: "من المؤكد أن الاتفاق سوف يقلص من جبهات الهجوم الإخواني المتعمد على الدول الأربع الذي كان يمارس من قطر أو حتى من تركيا أو من إيران أو من الشبكات والمنظومات الإعلامية المدعومة من هذه الدول أو المنتشرة في بلدان أخرى، لسبب بسيط يتعلق باحتمالية فرملة التمويل المالي القطري لهذه الجماعة وأذرعها المنتشرة في بقاع عديدة، والأهم من ذلك رفع اليد القطرية عن تبني هذا التنظيم الذي ثبت عداؤه لدول الخليج ومصر".
وحمل البيان الختامي الصادر عن القمة الخليجية الـ41 التي عقدت بمدينة العلا في المملكة العربية السعودية رسائل حازمة في عدة ملفات مشتركة أبرزها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والتدخل الإيراني في المنطقة.
والثلاثاء، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن البيان الختامي لقمة العلا دعا إلى تعزيز التعاون في مكافحة الكيانات الإرهابية والتأكيد على وقوف دول مجلس التعاون صفا واحدا.
وكان قادة الخليج، قد أكدوا في البيان، حرصهم على تعزيز وحدة الصف والتماسك بين دول مجلس التعاون.
وشدد قادة الخليج، على أهمية عودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد المجلس حرصه على وحدة الصف بين أعضائه، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها.
aXA6IDE4LjIxOS4yNTMuMTk5IA== جزيرة ام اند امز