هجوم على اللجنة العسكرية الليبية.. هل ينجح "الإخوان" في تخريب الاتفاق؟
هجوم ضارٍ شنته مليشيات تنظيم الإخوان على لجنة "5+5"، كشف عن محاولات وصفت بـ"الخبيثة" لإفشال أي خطوة من شأنها إرساء استقرار ليبيا.
وفيما تسعى اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 +5 ) لتهيئة "الدرب الشائك"، محاولة إرساء أسس مشتركة لحل الأزمة الليبية التي تعد أمنية في الأساس، يسعى تنظيم الإخوان والمليشيات المتحالفة معه إلى عرقلة كل سبل الحل السلمية، واضعًا السلاح خيارًا أوحد لإطالة أمد الأزمة وبعثرة كل الطرق التي من شأنها حقن دماء الليبيين.
فلم يكد يجف الحبر الذي كتب به بيان اللجنة العسكرية المشتركة، مساء السبت، حتى انطلقت أبواق تنظيم الإخوان منددة بالبيان، متهمين "5+5" على غير الواقع، بأنها تجاوزت اختصاصاتها المنصوص عليها، إلا أن اتهاماتهم ورفضهم للخطوات التي من شأنها حلحلة الأزمة، جعلتهم في مواجهة مع الشعب الليبي الذي بارك بيان اللجنة، وطالب بسرعة تنفيذه على أرض الواقع.
بيان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة الذي وصف بـ"الحاسم"، طالب المجلس الرئاسي والحكومة الليبية بتجميد أي اتفاقيات عسكرية أو مذكرات تفاهم مع أي دولة وفق ما ورد في اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار، كما طالب بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بشكل فوري.
كما طالب ملتقى الحوار الليبي بسرعة اعتماد القاعدة الدستورية لانتخابات 24 ديسمبر القادم، محملا إياها أي عواقب قد تؤدي لخرق اتفاق وقف إطلاق النار، حال فشلها.
تعارض واضح
وعن ذلك الهجوم وأسبابه يقول المحلل السياسي الليبي محمد يسري في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن هناك تعارضًا واضحًا للمصالح بين الطرفين (اللجنة العسكرية وتنظيم الإخوان)؛ فالإخوان تسعى بشتى الطرق لتعطيل قطار الانتخابات، وتجنيب المقاتلين الأجانب والمرتزقة أية اتفاقات؛ كونهم الذراع العسكرية لهم بعد خسارة كافة التنظيمات الإرهابية التابعة لهم.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن هجوم تنظيم الإخوان على اللجنة العسكرية الليبية المشتركة ليس الأول، فالتنظيم ومليشياته هاجمت في وقت سابق وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش عندما تحدثت بنفس لغة اللجنة العسكرية، بل إنهم طالبوا بإقالتها.
وأكد يسري أن أية أطراف ستتحدث وستطالب بتنحية تركيا جانبًا أو إخراج مرتزقتها من ليبيا، ستواجه بضراوة من قبل تنظيم الإخوان، الذي يحاول شرعنة الوجود التركي والإبقاء على اتفاقية السراج التي أبطلها البرلمان الليبي في وقت لاحق.
احتلال ليبيا
وحول ما أثارته اللجان الإلكترونية لتنظيم الإخوان من أن اللجنة العسكرية تجاوزت اختصاصاتها، قال المحلل السياسي الليبي، إن اللجنة لم تأت بجديد، ولم تتدخل في اختصاصات غير تلك المنوطة بها، مشيرًا إلى أن "5+5" أصبحت على قناعة تامة بأن التدخل التركي هو بمثابة احتلال للبلاد، وأن الأخيرة تجاوزت حدود بقائها لذا أصبح خروجها مطلبًا شعبيًا ودوليًا أيضًا".
وأشار إلى أن مطالبة اللجنة بتجميد الاتفاقيات العسكرية أمر طبيعي ومن اختصاص عملها، وهو ما يقطع الطريق على الكثير ممن كانوا يريدون الاستفادة من إثارة الفوضى في البلاد عن طريق تمكين أو تمديد الاتفاقات العسكرية السابقة والتي أثبتت أنها لم تكن في صالح البلاد.
عداء إخواني
المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "تنظيم الإخوان لم يخفِ عداءه للمؤسسة العسكرية منذ اغتيال اللواء عبدالفتاح يونس إبان أحداث فبراير مرورًا بإنشاء جسم موازٍ للجيش إلى مخطط اغتيال الضباط، مشيرًا إلى أن التنظيم يدرك أن الجيوش هي من تبني الدول، إلا أنهم لا يريدون لليبيا الاستقرار وإنما استمرار حاله الفوضى والتشظي حتى يتسن لهم الحكم".
وحول ما إذا كان المليشيات وتنظيم الإخوان يمكنهم تعطيل اللجنة العسكرية الليبية وإفشال مهامها، حذر المهدوي من أنه يمكنهم ذلك "إذا استمر الاستفزاز المليشياوي للجيش في نقاط التماس، مما يخلق حالة من عدم الأمان في الطريق الساحلي".
إفشال التوافق
وأكد أن التعدي على التمركزات الأمنية للجنة العسكرية من قبل مليشيات الإخوان، ستفشل مهام اللجنة، التي طالب المجتمع الدولي بدعمها، إلا أنه ينقصه الإرادة الجادة لإنهاء الصراع، عبر الضغط على الدول التي لها مرتزقة مثل تركيا.
وطالب مجلس الأمن بإصدار قرار يلزم تلك الدول المنخرطة في ليبيا، بإخراج قواتها وحل الميلشيات ونزع سلاحها.
المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "الإخوان وبتحالف مع بعض المليشيات المتطرفة المأتمرة بأوامر من تركيا لا تريد تنظيم الانتخابات، لأنها تخشي من الخسارة والخروج من المشهد وفقدان امتيازاتها في نهب خزينة الدولة".
وأكد المرعاش، أن تلك التخوفات تفسر هجوم الإعلام الإخواني المدعوم والممول خارجيًا، على أعمال اللجنة العسكرية المشتركة والتي تمثل الجيش الوطني الليبي، شرقا وغربًا وجنوبًا.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أنه من مهام اللجنة العسكرية (5+5) المشتركة، الموكلة إليها بموجب مخرجات مؤتمري برلين الأول والثاني (يناير/كانون الأول 2020، ويونيو/حزيران 2021) واتفاق جنيف (23 أكتوبر/تشرين الأول 2020)، معالجة القضايا الأكثر تعقيدًا في الازمة الليبية، وهي وجود السلاح في يد الميليشيات ووجود المرتزقة الأجانب والقوات العسكرية التركية، محذرًا من أن أي خلل في أعمال هذه اللجنة سينعكس سلبا على كل التسوية السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية.
تحريك المليشيات
المحلل السياسي الليبي مختار الجدال، أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن اللعبة بيد تنظيم الإخوان في الغرب الليبي، مشيرًا إلى أنه يحرك المليشيات المسلحة التي تعترض على ما تقوم به اللجنة العسكرية والذي لا يصب في مصلحتهم.
وأوضح الجدال، أن تنظيم الإخوان والمليشيات المتحالفة معه لا يعيشون إلا في بيئة الفوضى وعدم الاستقرار، وهو ما تحاول اللجنة العسكرية الليبية المشتركة ضبط إيقاعه.
مصير مشترك
المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تنظيم الإخوان يرتبط مصيره في ليبيا، بمصير القوات التركية في البلد الأفريقية، مشيرًا إلى أن تلك القوات جاءت بطلب من الإخوان عندما تم تضييق الخناق عليهم، مما خلف "رعبًا حقيقيًا" من إمكانية سيطرة الجيش الليبي على العاصمة طرابلس.
وأشار الورفلي إلى أن تلك الأسباب مجتمعة، جعلت تنظيم الإخوان يهاجم اللجنة العسكرية، محاولا عرقلة أعمالها، كونهم لا يرغبون في مغادرة الأتراك الأراضي الليبية، ما يجعلهم من غير حماية.
شبح الحرب
وحذر الورفلي من محاولة المليشيات وتنظيم الإخوان تعطيل عمل اللجنة العسكرية الليبية وإفشال مهامها، عبر تخريب وقف إطلاق النار، الذي سيؤدي إلى انطلاق شبح الحرب من جديد.
المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد قال في تصريحات مقتضبة لـ"العين الإخبارية"، إن "الوفاق الفعلي" بين أعضاء اللجنة العسكرية لم يعجب أنقرة، مشيرًا إلى أن المليشيات وتنظيم الإخوان توجسوا ريبة من تلك الاتفاقات المتوالية، فانهالوا بالهجوم على اللجنة العسكرية الليبية المشتركة.
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTAg جزيرة ام اند امز