هل بات انهيار وقف إطلاق النار في ليبيا وشيكا؟
طالبت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة بضرورة تجميد الاتفاقيات العسكرية مع أي دولة وفق ما ورد في بنود وقف إطلاق النار، وذلك بالإشارة إلى الاتفاقيات غير الشرعية المبرمة سابقا بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبين حكومة فايز السراج السابقة فاقدة الشرعية.
تلك الاتفاقيات التي يغطي بها الأتراك وجودهم العسكري في غرب ليبيا واعتداءهم الواضح على السيادة الليبية وتهديدهم للأمن القومي العربي.
ولم تكن التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، وتصرفات أردوغان المستمرة والتصريحات الدائمة لياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي (إن وجود القوات التركية في ليبيا شرعي وأنها لن تغادر) إلا تعبيرا واضحا عن استمرار المشروع الإرهابي الدولي في ليبيا لانتزاعها من المشروع العربي.
وفي ظل التحشيد العسكري اليومي للمليشيات ومع استمرار الممارسات التركية على الأراضي الليبية وتواصل الرحلات العسكرية التي بلغت منذ فبراير/شباط 2021 وحتى الآن 35 رحلة عسكرية كلها عبر الإيرباص (إيه 400) هبطت 31 رحلة منها في الوطية واثنتان في معيتيقة ومثلهما في الكلية الجوية بمصراته.
وذلك ما يعني أن قرار وقف إطلاق النار أصبح مهددا بالانهيار في أي لحظة بين المشروع الإرهابي الذي تقوده تركيا وبين الدول الهادفة للتهدئة والسلام والتنمية.
وما سبق يعيد طرح الحديث عن جدوى الحل الدولي ويعيد المقارنة بين الوجود غير الشرعي للقوات العسكرية التركية (الأجنبية) في ليبيا العربية (المسكوت عنها دوليا) وبين ضرورة تفعيل اتفاقيات الدفاع العربي المشترك وتشكيل قوات عربية مشتركة من دول جوارها العربي (المهدد أمنها القومي) ومن الدول العربية الرافضة للإرهاب.
فبحسابات النتائج فإن قرار وقف إطلاق النار في ليبيا ما كان إلا فرصة للتنظيمات الإرهابية لالتقاط أنفاسها وترميم صفوفها وترتيب أوراقها وتعزيز مواقعها واستكمال عدتها وعتادها وتثبت الوقائع على الساحة الليبية يوميا أن مشروع تتريك وأفغنة (ليبيا العربية) ماض إلى هدفه مدعوما بقوى دولية تعول على الفوضى والإرهاب والفساد ( سرا ) كأدوات لتحقيق أطماعها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في المنطقة بالكامل وتستخدم الواجهة التركية وتغض الطرف عن ممارساتها وأدواتها الإرهابية وهي بيت الداء في الأزمة الليبية.
والثابت هو أن الأزمة الليبية تنحصر في فوضى السلاح وانتشار المليشيات الإجرامية والمافيات والتنظيمات الإرهابية والمرتزقة والقوات العسكرية الأجنبية في مدن غرب ليبيا وهو ما أثبتته الوقائع بطول عمر الأزمة وحتى الآن .
ولم تكن القوات المسلحة العربية الليبية في يوم من الأيام جزءا من المشكلة الليبية إلا عند القوى الدولية التي ترى مصالحها في تمكين التيارات الإرهابية من ليبيا وترى أن الجيش العربي الليبي عقبة في طريق تحقيق مشروعها الأكبر.
ومهما اتخذت الأزمة الليبية من أشكال وتحورات دولية ومهما استغرقتها التفاصيل المحلية الا أن ذلك كله لا يخفي أن عروبة ليبيا ومعها مصر والجزائر وتونس والسودان مهددة تهديدا مباشرا في أمنها القومي وأن ليبيا العربية تقاوم لحماية هويتها من هذا المشروع الذي يسعى لضرب المشروع العربي في صميمه متخذا أراضيها كمنطلق ومدخل للدول العربية الأربعة ومن ثم التوسع في باقي دول شمال وغرب افريقيا والساحل الجنوبي لأوروبا .
نظريا نجح المشروع العربي في اتفاق جنيف 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 في توحيد اللجنة العسكرية الليبية (من كافة مناطق ليبيا شرقا وغربا وجنوبا) وأسقط القناع عن الزيف الاستعماري الإرهابي المسلح غرب ليبيا كما نجح نسبيا في المسار الاقتصادي بضبط عدة معايير اقتصادية تمنع ضخ الأموال الليبية في ماكينة الإرهاب.
وبالرغم من النجاح الذي حققه المشروع العربي في كشف المخطط الدولي الحقيقي وزيف الادعاءات الثورية بوضع حكومات الدول الكبرى الداعمة للإرهاب والفوضى في المنطقة العربية في مأزق أمام شعوبها بكشف التناقض بين ما تردده من شعارات عن السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية ودعم الاستقرار والتنمية فيها وبين مساندتها الجانب المليشياوي والارهابي الذي يحقق أطماعها.
وقوبل هذا النجاح بتوظيف المسار السياسي وتحويل ما تم من إنجاز منذ فبراير/شباط 2021 في مسارات الأزمة الليبية إلى نقيض ما أعلنته القوى الدولية ما وضع السلطة الليبية الجديدة يشكل أو بآخر موضع المنفذ لخطة نزع ما يمكن نزعه من شرعية في شرق وجنوب ليبيا وفي مقدمتها شرعية الجيش الليبي المعترف بها محليا ودوليا وتحويلها إلى الغرب الواقع تحت السطوة العسكرية التركية وتوابعها من مرتزقة وتنظيمات إرهابية محلية ودولية.
صدمتان
وتلقت القوى الدولية الداعمة للإسلام السياسي وتنظيم الاخوان الإرهابي صدمتين من المشروع العربي الأولى كانت في جنيف 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020 باتفاق اللجنة العسكرية المشتركة على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية وتفكيك المليشيات ونزع السلاح وهذا ما ينزع الغطاء عن التنظيمات الإرهابية ويدحض حجج حمل السلاح إذ إنه بعد اتفاق العسكريين النظاميين من شرق ليبيا وغربها تعرى حاملو السلاح والإرهابيون الذين كانوا يختبئون في العسكريين المنخرطين وقتها في صفوف فايز السراج وتحت غطاء الحفاظ على الثورة.
أما الصدمة الثانية التي تلقتها هذه القوى هي اختيار السلطة السياسية المؤقتة والتي اختيرت في اجتماعات تونس و جاءت مفاجئة للجميع وبعكس توقعات البعثة الأممية نفسها التي كانت ترعى هذا المسار وما كان من القوى المساندة لتنظيم الاخوان الإرهابي إلا أن قامت بتأخير الحل العسكري والأمني وعدم دعم قرارات اللجنة العسكرية، وذلك حتى تبقى هذه السلطة الجديدة عاجزة عن الفعل والمهام التي اختيرت من أجلها بسبب تقديم الحل السياسي والإصرار عليه مع تأخير الحل العسكري والـمني وهو بيت الداء.
وعليه فإن النتيجة الطبيعية لعدم تقديم الحل العسكري والأمني بما يخلق بيئة صالحة للحل السياسي هو ما أوصل الأمور إلى هذه النتيجة التي وضعت السلطة السياسية المؤقتة في موقف العاجز والمحاصر برغبات تنظيم الإخوان وداعميه الهادفة إلى حصر الإشكالية في الجيش الليبي المنضبط شرقا وجنوبا واللجنة العسكرية المشتركة المنضبطة وصرف النظر عن المليشيات والتنظيمات الإرهابية والقوات العسكرية التركية التي تحيط طرابلس وحتى مقر الحكومة والمجلس الرئاسي ذاته.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg جزيرة ام اند امز