بيان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة.. بنود حاسمة رهن التنفيذ
بلد بات يسير على طريق الأشواك الذي لم يُعبد بعد رغم مرور عشرية من الصراعات مزقت أوصاله، إلا أن النفق المظلم لم يأذن الفجر يكشف أغواره.
ورغم ذلك، فإن هناك علامات مضيئة على الطريق، ربما تسهم في حلحلة الأزمة التي طال أمدها؛ ممثلة في صدور بيان للجنة العسكرية الليبية المشتركة، مساء السبت، التقى في بعض نقاطه مع تحذير أممي لملتقى الحوار الليبي بالمماطلة، ليكونا بمثابة تحذير للمعرقلين لخارطة الطريق الأممية، بأن محاولاتهم باتت مكشوفة للجميع.
بيان اللجنة العسكرية الليبية المشتركة الذي وصف بـ"الحاسم"، طالب المجلس الرئاسي والحكومة الليبية بتجميد أي اتفاقيات عسكرية أو مذكرات تفاهم مع أي دولة وفق ما ورد في اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار، كما طالب بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية بشكل فوري.
كما طالب ملتقى الحوار الليبي بسرعة اعتماد القاعدة الدستورية لانتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول القادم، محملا إياها أي عواقب قد تؤدي لخرق اتفاق وقف إطلاق النار، حال فشلها.
تحذيرات ومطالبات حملها بيان اللجنة العسكرية المشتركة، قال عنها محللون ليبيون استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، إنها بدت منطقية، في الوقت الذي باتت ليبيا تقف فيه في موقف "صعب"، بعد التصريحات التركية الأخيرة، وما تلاها من تحريض مفتي الإرهاب صادق الغرياني المليشيات للاحتشاد، وفشل ملتقى الحوار الليبي في إرساء القاعدة الدستورية، مما بات يهدد الوضع "المأزوم" في ليبيا.
مطالب ملحة
وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، إن تأكيد اللجنة العسكرية الليبية المشتركة على ضرورة خروج المرتزقة وتجميد الاتفاقيات العسكرية، هو مطلب ملح من قبل الليبيين والأطراف الدولية، إلا أن تعنت النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان زاد من الشكوك حول هذه النقطة.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التحذير الذي أطلقته اللجنة العسكرية إلى ملتقى الحوار منطقي وضروري جدا في هذا التوقيت، لأن شريحة بعينها من أعضائه يماطلون في اختيار آلية التصويت، لهدف أبعد وهو تأجيل انتخابات ديسمبر.
وأشار إلى أن البنود التي توافقت عليها اللجنة، من إزالة الألغام وتبادل الأسرى يمكن تنفيذها، خاصة وأن "لجنة 5 + 5"، هي أكثر مسار متوافق إلى حد ما.
المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، حذر في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، من أن فتح الطريق الساحلي وتنفيذ بعض البنود التي اتفقت عليها اللجنة العسكرية ليس كافيًا لإنجاح اتفاق وقف إطلاق النار أو إنهاء الصراع، كون أهم الاستحقاقات لم تنفذ، وهي ملف المرتزقة الذي يعتبر الفتيل الذي قد يشعل الحرب من جديد.
إخراج المرتزقة أولا
وأكد المهدوي، ضرورة إخراج المرتزقة من ليبيا قبل الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في ديسمبر/كانون الأول المقبل، كاشفا عن أن تنظيم الإخوان يعمل من وراء الكواليس لأن يكون وزير الدفاع محسوبًا عليهم، لإفشال أي أمل في توحيد المؤسسة العسكرية، وتخريب وقف إطلاق النار، ما يعيد البلاد إلى المربع الأول.
وحول البند الذي طرحته اللجنة في بيانها حول ملتقى الحوار، قال المحلل السياسي الليبي إن اللجنة فشلت في التوصل لاتفاق بشأن المسودة الدستورية، خصوصا بعد دخول التجاذبات السياسية وتغلبها على أعمال اللجنة.
وطالب المهدوي، الجميع بالتعاون من أجل إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار وإتمام الشروط التي توصل إليها العسكريون، للمرور بليبيا من "المنعطف الخطير" الذي باتت فيه.
دعم دولي
المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، قال إن البنود التي طرحتها اللجنة العسكرية الليبية المشتركة يصعب تنفيذها دفعة واحدة، إلا أنه أكد أنه يمكن العمل على هذه الملفات بشكل متوازٍ، مع ضرورة حصول اللجنة على دعم كامل من قبل القوى الدولية إضافة لضرورة اتفاق الدول المتداخلة في الشأن الليبي على خطوط عريضة لاسيما فيما يتعلق بإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تحذير اللجنة لملتقى الحوار جاء متوافقا مع مطالبات البعثة الأممية واللي اتهمت في بيانها عددا من أعضاء الملتقى باتباع مصالح شخصية وحزبية.
عقبات كثيرة
وحول المطالبة بتجميد الاتفاقيات العسكرية، قال الأوجلي، إن هذا البيان جاء متماشياً مع مهام اللجنة، لكنها أرادت تذكير الطرف التركي بالتزاماته المتفق عليها في مؤتمري برلين الأول والثاني، وخاصة بعد تصريحات الغرياني التي عدها "دعوة صريحة" للحرب، على المجتمع الدولي الرد عليها، لأنها تمثل منظور المليشيات وتنظيم الإخوان الإرهابي والذي يسعى بشتى الطرق تعطيل الانتخابات بأي شكل من الأشكال.
أما عن العقبات التي تعتري تعيين وزير للدفاع، فأكد المحلل السياسي الليبي، أن هناك عدة عقبات حقيقية في مسألة وزير الدفاع أولاها توحيد المؤسسة العسكرية، مشيرًا إلى أنه رغم اعتراف العالم بالقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلا أن المليشيات وتنظيم الإخوان والسلطة التنفيذية المؤقتة ومن خلفهم تركيا لا يريدون الاعتراف بهذه المؤسسة، وبالتالي فإن مسألة تعيين وزير دفاع لن تكون مجدية إلا في حال توحيد المؤسسة العسكرية بشكل كامل.
توحيد الجيش
وأكد الأوجلي ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية أولا ثم الذهاب لطرح أسماء تكون جديرة بمنصب وزير الدفاع، في خطوة من شأنها رأب الصدع بين الفرقاء الليبيين والتأكيد على أن أبناء المؤسسة العسكرية في ليبيا يمكنهم العمل سويا بشكل متناغم بعيدا عن الصراع السياسي الدائر في البلاد، فضلا عن مساهمتها في ترسيخ مبدأ السلام.
عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته)، وافق الأوجلي في تصريحات، قائلا، لـ"العين الإخبارية"، إنه من الصعب ان نتوقع تنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة بدون مشروع مصالحة وطنية شامل تقر من خلاله جميع الأطراف المؤثرة تمكين الدولة الليبية.
وأشار إلى أن المليشيات وحلفاءها المستفيدين من حالة الفوضى لن يسمحوا بتسليم السلطة الفعلية لحكومة منتخبة قادرة على فرض القانون، وسيستميتون في الإبقاء على الوضع كما هو عليه، كون الأخيرة ستمنعهم من التصرف في ليبيا ومقدراتها لدعم مشروعهم الذي يهدف لإعادة دولة الخلافة.
المليشيات المسلحة
وأكد اليسير، أن المليشيات المسلحة هي من تتحكم في المنطقة الغربية، لذا من الطبيعي ألا يكون لها دافع تجاه المصالحة الوطنية التي ترتكز على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة وفك المليشيات وجمع السلاح.
وأشار إلى أن القوات المسلحة الليبية ومن يدعمها من الليبيين من يريد تنفيذ الاتفاق، مطالبًا بتمكين الجيش الليبي، من فرض السيطرة الأمنية على كافة التراب الليبي وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا بقرارات دولية ملزمة بدعم من الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي، مع فرض خارطة طريق على قيادة القوات المسلحة وضوابط لتمكين المسار الديمقراطي في ليبيا.