"قناع السلمية".. أكذوبة الإخوان يعريها تاريخ من الإرهاب (4)
لا يكف تنظيم الإخوان الإرهابي عن رفع شعار "السلمية" كستار تخفي خلفه الجماعة تاريخها الدموي منذ نشأتها حيث تعد أحد أهم منابع التطرف والعنف عربيا أو دوليا ومن رحمها نشأت أشرس التنظيمات الإرهابية.
"العين الإخبارية" تواصل كشف أقنعة الإخوان التي يتخفون خلفها للتسلل إلى المجتمع، عبر سلسلة من الحلقات تناولت سابقا حقيقة وجود التيار القطبي في الجماعة، وأكذوبة إيمانهم السلفي، ودورهم في إفساد الحياة الثقافية في المجتمعات التي زُرِعوا فيها..
اليوم نستكمل في "الحلقة الرابعة" كشف أقنعة الإخوان وجرائمهم، التي ارتكبوها تحت "قناع السلمية" التي دائما ما يتشدقون بها.
إرهاب منذ النشأة
أرسى حسن البنا دعائم الإخوان الفكرية والتنظيمية، وهو منشئ النظام الخاص السري والمسلح، ووضع لهم الفكر المتطرف عبر رسائله، التي تعد مرجعية عند الإخوان حتى اليوم، حيث يرتكزون إليها عند قيامهم بالاغتيالات أو بعمليات التفجير كتطبيق عملي لأفكاره.
ولا يمكن فصل الإرهاب والتطرف والعنف عن حسن البنا ولا عن تعاليمه، فهو من أوهم أتباعه أنهم الأفضل والأفهم والأحسن، وأقنعهم أن أول خطوات استعادة المجتمع، تكوين جيش إسلامي للاستيلاء على الحكم لفرض الشريعة الإسلامية على الناس، وهو من أقنعهم بضرورة تغيير العرف العام والنظام العام بالقوة.
وعندما أسس حسن البنا التنظيم الخاص عام 1938 حرص على ضخ أفكاره المغلفة بالدين لأعضاء التنظيم الذين تم اختيارهم بعناية، فقدم لهم رسالة المنهج ورسالة التعاليم، لتكون مرجعا لهم، كما كان حريصاً على أن يتلقوا تدريبات على حروب العصابات والعمليات العسكرية الخاطفة.
وبعد سنوات شعرت الدولة بخطورة ما يقوم به حسن البنا، وقدموا مذكرة إلى الحكومة الوفدية عام 1942، ولأن الوفد كان قد جاء للحكم في واقعة 4 فبراير/شباط 1942، لذلك لم يشأ مصطفى النحاس باشا أن يدخل في صدام مع جمعية دينية.
هذا التراخي من جانب الحكومة، إضافة لتواصل الإخوان مع القصر، شجعهم على التمادي في تكوين الخلايا العسكرية، مستغلين الانشغال بالحرب العالمية التي كانت على حدود مصر، هذه الحالة سمحت لهم بتخزين الأسلحة والذخائر.
في هذه الأثناء، تضخمت الذات الإخوانية المسلحة، وبدأت تظهر بوادر ميلهم للعنف، فقام الإخوان في بورسعيد عام 1946 بمهاجمة مقر حزب الوفد بالقنابل والأسلحة مما أسقط قتيلا من الوفدين، واستمر استعراضهم لقوتهم المسلحة بقيامهم بتفجير قنابل في جميع أقسام البوليس في القاهرة يوم 3/12/1946 بعد العاشرة مساءً، باعتراف محمود الصباغ أحد قادة التنظيم المسلح.
وحسب اعترافات صلاح شادي قام رفعت النجار عضو الجماعة من قسم الوحدات بتفجير قنبلة في بهو فندق الملك جورج أصابت عددا من النزلاء، وفي دمنهور اعتدى تلاميذ الإخوان بمدرسة الصنايع على أحد مخالفيهم في الرأي وشرعوا في قتله بطعنه بسكين يوم 25 مايو/أيار 1947.
تعدى إرهاب الإخوان إلى الدول الشقيقة، عندما حرّض حسن البنا أتباعه في اليمن ضد الإمام يحيى حميد الدين، مما أدى الى مقتله في 17 فبراير/شباط 1948، كما قام الإخوان بقتل القاضي أحمد بك الخازندار يوم 22 مارس/آذار 1948، ثم لعبت الصدفة دورها في كشف قوائم الاغتيالات التي ينوي التنظيم تنفيذها، عندما تم ضبط سيارة جيب بها أعضاء من تنظيم الإخوان المسلح.
وكشفت الأوراق التي ضبطت عن حجم توغل الإخوان وتسليحهم لمليشياتهم، ولم يتوقف الإخوان عن ممارسة الإرهاب رغم كشف مخططاتهم، ففي ٤ ديسمبر/كانون الأول من عام ١٩٤٨، ألق الإخوان على حكمدار العاصمة اللواء سليم زكي قنبلة من فوق سطح كلية الطب قتلته على الفور.
كل ما سبق وغيره دفع رئيس الوزراء الأسبق محمود فهمي النقراشي بحل الجماعة ومصادرة أسلحتها، فقاموا باغتياله في 28 ديسمبر/كانون الأول 1948، ثم قاموا بمحاولة تفجير المحكمة الاستئناف يوم 13 يناير/كانون الثاني 1949 لطمس الأدلة في قضية السيارة الجيب.
فترة الهضيبي
عندما تولى حسن الهضيبي مرشدًا للإخوان اتجه إلى إعادة ترتيب الأوضاع في النظام الخاص المسلح، وإعادة تشكيله برئاسة يوسف طلعت وعزل عبد الرحمن السندي الذي رفض الهضيبي مرشدا.
كان المهندس سيد فايز من كبار المسؤولين في النظام الخاص ومن الناقمين على تصرفات السندى، لذلك امتثل لأمر المرشد، فعوقب بعلبة حلوى مفخخة بمناسبة المولد النبوي، انفجرت وقتلته وشقيقه الصغير البالغ من العمر تسع سنوات، وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشرفة التي انهارت نتيجة الانفجار، وذلك يوم الجمعة 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1953.
اشتبك الإخوان مع زعماء ثورة يوليو/تموز وحاولوا التخلص من جمال عبد الناصر رئيس الوزراء وقتها، بإطلاق الرصاص عليه في المنشية بالإسكندرية يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول عام 1954، وحاولوا اغتياله مرة أخرى في عام 1965 في القضية المعروفة إعلاميا "بتنظيم 65" والتي كان من مخططاتها نسف الكباري وتفجير القناطر الخيرية، وهذه الجرائم جاءت باعتراف سيد قطب في كتاب لماذا أعدموني وفي مذكرات عبد المنعم عبد الرؤوف الضابط الإخواني المعروف.
إرهاب التلمساني
بدأ الاخوان يخرجون من السجن في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات وسمح لهم بالعمل، وأول ما اشتد ساعدهم خططوا لاغتياله والاستيلاء على الحكم، عبر اقتحام الكلية الفنية العسكرية، من أجل الحصول على السلاح والمعدات اللازمة للاغتيال وللانقلاب الإسلامي المزعوم.
وتمت المحاولة فعلاً في فجر يوم الخميس 18 أبريل/نيسان 1974 وكان قائد هذه المجموعة الإخواني الفلسطيني صالح سرية وقائدي الشباب كارم الأناضولي وطلال الأنصاري.
ويصر الأنصاري على أن العملية تمت برعاية وتخطيط المرشد العام للإخوان، وتجاوزت القيادة السياسية عن تلك الجريمة، ولكن طبع الإخوان ظل كما هو، فقاموا بتوفير الأجواء لعملية إرهابية أخرى وهي مقتل الشيخ محمد الذهبي في 7 يوليو/تموز 1977.
ولم يكتفوا بهذا بل قام خطباؤهم بنشر الشائعات حول الرئيس السادات نفسه، وتوفير المبررات لقتله، حتى تم ذلك في 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981، وبعد مقتل السادات، وخوفا من انكشاف دورهم في التحريض عليه، اصطنع الإخوان قناع السلمية، وخدعوا به الكثيرين.
وظل الإخوان كامنين فترة المرشد الرابع محمد حامد أبو النصر والخامس مصطفى مشهور والسادس محمد مهدي عاكف، مكتفيين بتوفير الدعم المالي والمعنوي للجماعات المسلحة، مع تجهيز عناصرهم لاستخدام العنف عندما يحين وقته.
فجور بديع
عندما تولى محمد بديع، منصب المرشد العام، كان الإخوان لا يزالوا في طور الكمون، وعندما وقعت أحداث 25 يناير/كانون الثاني 2011، لم يكن الكثير من أفراد الإخوان قادرين على ممارسة العنف رغم إيمانهم به، لهذا قاموا بتكوين مجموعات شبابية تمارس العنف وتستخلص الحكم بالقوة غرار التنظيم الخاص، أطلق الإخوان عليها اسم "اللجان النوعية" أو"الكتائب الشعبية".
جرى تسليحها في البداية بأسلحة بسيطة مثل الخوذ والشوم والخرطوش وبعض الأسلحة البيضاء، للقيام ببعض المهام البسيطة مثل حصار المحكمة الدستورية في ديسمبر/كانون الأول 2012، وعندما نجحوا في فض المعتصمين أمام قصر الحكم (الاتحادية) وسقوط قتلى على أيديهم، ارتفعت الأصوات داخل الجماعة بالتوسع في تكوين المليشيات المسلحة، وحصلوا على فرصة للتدريب عندما شاركوا جماعة "حازمون" حصار مدينة الإنتاج الإعلامي في مارس/آذار 2013.
ثم ظهرت قوتهم في الاعتداء بالسلاح والخرطوش على المعتصمين بالمقطم في مارس/آذار 2013، ثم تطورت قدراتهم إلى استخدام المولوتوف والأسلحة الخفيفة والمفرقعات والقنابل الحارقة والصواعق الكهربائية والجنازير والحجارة وغيرها من الأسلحة على المتظاهرين ضد الإخوان أو ضد محمد مرسي الرئيس الإخواني المعزول لاحقا.
وعندما ثار الشعب ضد الوجود الإخواني في 30 يونيو/حزيران 2013، كانت قدرات الإخوان المسلحة شبه مكتملة، لهذا ردوا بكل عنف على المظاهرات ضدهم، وحملوا أسلحتهم في كل فاعلياتهم التالية.
وبرز ذلك على وجه الخصوص في اعتصاميهما الشهيرين في رابعة والنهضة، فهم أول من أطلق النار على قوات الشرطة التي كانت تنفذ أمر النائب العام بفض الاعتصام، ثم قاموا بحرق عدد من دواوين المحافظات.
كما قام العديد من عناصرهم بالاشتباك مع الأهالي ووصل الأمر لرمي الأطفال من على الأسطح، كما حدث في الإسكندرية، وخلال أربعة أيام بعد الفض نفذ الإخوان عشرات العمليات الإرهابية مثل اقتحام قسم شرطة كرداسة وقتل كل القوة الموجودة به.
وخلال هذه الفترة، نظم الإخوان باعترافاتهم تكتيكا لإرباك القيادة المصرية عبر شن العديد من العمليات وعلى نطاق واسع، فقاموا باستهداف وحدات وكمائن المرور، وسيارات رجال الشرطة، كما تعمدوا استهداف الكنائس وملحقاتها، كما قاموا باغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو/حزيران 2015، وأيضا محاولة اغتيال المفتي السابق الدكتور على جمعة، والشروع في قتل المستشار أحمد أبو الفتوح النائب العام المساعد، واغتيال العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة مدرع، خلاف عشرات الشخصيات من رجال الشرطة والجيش والقضاء.
كان ذلك جزءا من سلمية الجماعة بشهاداتهم في كتبهم ومذكراتهم، وباعترافاتهم أمام النيابة وأمام القضاء، فأفكارهم التكفيرية واستحلالهم للدماء محفور داخل كتبهم، ويمتلئ بها تاريخهم، هم مدانون بارتكاب العنف وسلميتهم كاذبة، ولا مجال للانخداع بادعاءاتهم مرة ثانية، فتاريخهم شاهد عليهم .
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjg2IA== جزيرة ام اند امز