أفكار القرضاوي وسيد قطب تتغلغل في مجتمعات غربية.. تحذيرات ومطالب
بينما تتنازع الصراعات جماعة الإخوان المسلمين التي أسست بنيانها على "شفا جُرُف هار"، كادت أفعالها أن تجعل ذلك البنيان ينهار على رؤوس قادتها.
وفي حين يصارع بنيان الإخوان -الذي تشرذم إلى جبهات عدة- النزع الأخير، كانت أيديولوجية ذلك التنظيم تتناقل مع أتباعه الذين سافروا وانتشروا في أماكن جديدة خارج مصر، واستقروا في دولٍ أخرى خاصة في الغرب.
ذلك الانتشار جعل التنظيم يتغلغل داخل بعض المجتمعات الغربية التي تكافح للخلاص منها. ورغم ذلك فإن السلطات في المجتمعات الغربية لم تتعامل بالشكل نفسه مع أعضاء "الإخوان المسلمين" وأنصاره، بل اختلف التعامل من دولةٍ لأخرى.
تغلغل إخواني
ويقول موقع "عيون أوروبية على التطرف" في دراسة تحليلية طالعتها "العين الإخبارية"، إن السلطات ووسائل الإعلام والسياسيين في الغرب، لا يواجهون الهيئات الدينية العليا والتنظيمات الجامعة فحسب، بل تنظيمات أخرى لا تبدو دينية للوهلة الأولى.
وبحسب الدراسة، فإنه يمكن رؤية تلك المنظمات على أنها تعزّز الرفاهية العامة أو البيئة أو تقدم نفسها كجمعياتٍ مهنية أو ثقافية، وتحاول أن تظهر بمظهر المؤسسات غير السياسية، مشيرة إلى أنه في العالم الغربي العلماني، يقبل الناس هذه الأنواع من الجماعات بسهولة أكبر، وتصبح أقل عُرضة للتدقيق.
ومن أجل إخفاء طبيعتها الحقيقية، تقدم هذه المجموعات نفسها بشكلٍ مختلف اعتمادًا على جمهورها، فتصور نفسها بطريقة واحدة للمجتمع، وبطريقةٍ أخرى في مجتمعاتهم.
وفيما يعد الانتماء الرسمي إلى جماعة الإخوان المسلمين جريمة أو مستهجنًا في العديد من المجتمعات الغربية، تحاول العديد من المنظمات الإسلامية والتي غالبًا ما يكون لها علاقات مع الجماعة بشكلٍ أو بآخر، التنصل من "الإخوان" علنا.
ورغم ذلك، فإن اتهام مجموعة بالانتماء إلى "الإخوان" يتطلب الكثير من الأدلة في الغرب، فليس من السهل تصنيف المنظمات رسميًا على أنها تابعة للجماعة، ما يجعل المعركة ضدها "صعبة للغاية".
ويقول "عيون أوروبية على التطرف"، إنه نظرًا لأن تكتيكات التمويه لمختلف الجماعات الإسلامية في المجتمعات الغربية تختلف؛ فإن بعض الجماعات أكثر نجاحًا في قبولها أو حتى دمجها في المجتمع الذي تعمل فيه؛ ففي كثيرٍ من الأحيان، لا يتطلب الأمر سوى التزام سطحي بالديمقراطية وحقوق الإنسان لكي تصبح جماعة مشبوهة سابقًا شريكة في السياسة.
اختلاف التصورات
وبحسب الدراسة، فإنه في الغرب، كما في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي، تُعتبر جماعة الإخوان المسلمين "متطرفة"، مشيرة إلى أن مكتب حماية الدستور في ألمانيا يجعل من الصعب على أي شخص يدعم جماعة الإخوان المسلمين علنًا المشاركة في الحوار الاجتماعي، وغالبًا ما يُحظر تمويل الجماعة.
ذلك الموقف المتشدد منها في ألمانيا، يجعل هذه الجماعات تتبنى نهجًا حذرًا، وتحاول لعب دور الضحية، وتصوير نفسها على أنها جماعات مسلمة "عادية"، وأن السلطات العنصرية تستهدفها على نحوٍ غير عادل، بحسب الدراسة، التي قالت إنه من الصعب التعرف على التطرف الديني على الفور في العديد من النوادي والجمعيات، لا سيّما تلك التي تختبئ وراء لافتاتٍ ثقافية أو وطنية.
وحول التعاملات الرسمية مع المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، قالت الدراسة، إن السلطات في الغرب تحكم عليها مهنيًا وسياسيًا، بناء على شدة معتقداتها وممارساتها المناهضة للدستور، إلا أنه مع ذلك، فإن السلطات لا تلاحق هذه الجماعات قضائيًا في بعض الأحيان على نحو متساوٍ، وإن كانت تمارس الأنشطة نفسها أو أنشطة مماثلة.
أفكار القرضاوي وقطب
يعد أكبر وأهم منظمة للإخوان المسلمين في أوروبا، ويرأسه سمير فلاح، الذي كان رئيسًا لأكبر تمثيل وطني لجماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا لسنوات (التجمع الإسلامي في ألمانيا).
ويقول "عيون أوروبية على التطرف"، إن العلاقات الحقيقية مع جماعة الإخوان المسلمين لا تتضح فقط من خلال تصريحات المنشقين، بل من خلال المواد التدريبية لمجلس مسلمي ألمانيا، التي تحتوي على أفكار يوسف القرضاوي، وسيد قطب.
وبحسب الدراسة، فإنه في جميع الكتب الثلاثة في مرحلة التعليم الأساسي، أُخذت جميع النصوص التفسيرية تقريبًا لسور القرآن المقدمة حرفيًا من أحد أشهر أعمال سيد قطب، من دون وضع علامة عليها كاقتباس.
تصنيف الجمعيات
وفي حالة الجمعيات التي تقدِّم نفسها على أنها جمعيات ثقافية على أساس الأصل القومي، هناك تحديان واضحان: الأول معرفة الدافع الديني، والثاني إثبات الادعاءات السياسية.
وأشارت إلى أنه "من الصعب إثبات وجود صلات مع جماعة الإخوان المسلمين عندما تكون جمعية ألمانية-سورية تعمل كمنظمة إغاثة، لأنه لا يوجد مكون ديني في اسم الجماعة".
إلا أنه مع القليل من البحث، يتضح أن الجماعة جزء من جماعة الإخوان المسلمين من خلال أنشطتها ووصفها الذاتي، تقول الدراسة، مشيرة إلى أنه في مجال المساعدات الإنسانية على وجه الخصوص، هناك العديد من الجمعيات التي ليس لها أي مرجعية دينية في عناوينها، والتي قد تكون خطيرة بل وتدرُّ أموالًا للمنظمات المتطرفة.
وبالنسبة للجمعيات الثقافية، عادة ما تكون روابطها مع الإخوان المسلمين نتاجًا للهجرة -التي تنبع مباشرة من بلد المنشأ حيث كان الأعضاء نشطين هناك عادة قبل الهجرة- وليس نتيجة لعدم الاندماج.
علاقات متطرفة
وتقول الدراسة، إن العلاقة المتطرفة ليست رد فعل على "العنصرية البنيويّة" في الغرب، لكنها موجودة بالفعل، ففي كثيرٍ من الحالات، يكون الأب ناشطًا في جماعة الإخوان المسلمين في وطنه، وحملت ذريته هذه الصلة معهم في المجتمعات الغربية.
وأكد "عيون أوروبية على التطرف"، أنه فيما يتعلق بمجتمعات المهاجرين، فإن هناك العديد من المنظمات غير الضارة على أساس الأصل القومي، وحتى الدين.
إلا أنه مع ذلك، فإنه تختبئ بين هذه الجماعات منظمات أكثر "خبثًا" تحاول إخفاء طموحها المتطرف تحت عباءة إنسانية أو ثقافية أو مهنية، بحسب الدارسة التي أكدت أنه يقع على عاتق السلطات مسؤولية مهمة، وإن كانت صعبة، تتمثل في التمييز بين هذه الجماعات، وتصنيف تلك المرتبطة بالإخوان المسلمين على أنها خطرة.
وشددت على ضرورة أن تكون السلطات أكثر وعيًا بأن جماعة الإخوان المسلمين، وإن كانت مصرية الأصل، فإنها تتمتع بجاذبية وعضوية عالمية، مشيرة إلى أنه لم يعد من المقبول النظر إلى الجماعة على أنها مجرد جهة فاعلة محلية من جميع أنحاء العالم، بل منظمة ذات تطلعاتٍ عالمية.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز