مكافحة الإخوان.. آلية جديدة في النمسا لاصطياد "الكراهية"
وضعت النمسا آلية جديدة لحصار تنظيم الإخوان في وقت بدأت فيه تحقيقات بشأن تمويل الإرهاب، ما يضع مصير الجماعة الإرهابية على المحك.
وكانت النمسا فتحت تحقيقات قضائية في ملف تمويل جمعيات ومؤسسات مرتبطة بالإخوان، للإرهاب، بعد مداهمات شرطية استهدفت أكثر من ١٠٠ هدف للجماعة في 4 ولايات في ٩ نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
ولا تزال التحقيقات جارية رغم تحليل مئات من الأوراق وخضوع أكثر من 70 مشتبها به في التحقيق، ومن غير المعروف متى تنتهي التحقيقات.
في المقابل، تترك الحكومة النمساوية ملف التحقيق بيد القضاء، وبدأت منذ أشهر قليلة مسارا آخر، يتعلق بعمل بحثي وتحقيقات معلوماتية رصينة ترصد أدوار الإخوان في زرع الأفكار المتطرفة والعداء للدولة النمساوية وخطاب الكراهية.
وأصبحت نتائج بعض هذه الدراسات والتحقيقات المعلوماتية محور تحقيقات جديدة ضد الجمعيات والمساجد المرتبطة بالإخوان، بتهم متعلقة بنشر التطرف وخطاب الكراهية.
البداية كانت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، سلط مركز توثيق الإسلام السياسي التابع للحكومة النمساوية، الضوء على الجمعية الإسلامية في النمسا، والتي تدير مسجد الهداية في العاصمة النمساوية.
وعلى مدار عام كامل، أخضع مركز توثيق الإسلام السياسي الجمعية الإسلامية في النمسا، للتدقيق والدراسة، إذ تم تحليل وتقييم 28 خطبة لرئيس وإمام مسجد الهداية (التابع للجمعية) في فيينا إبراهيم الدمرداش. بالإضافة إلى الأنشطة في الشبكات الاجتماعية.
والدمرداش أحد 70 مشتبهاً بهم في تحقيقات الإخوان الجارية في النمسا منذ 9 نوفمبر/تشرين الثاني 202٠، وتتناول أنشطة الجماعة وتحركاتها وشبهات تمويلها للإرهاب. كما أن مسجد الهداية أحد المساجد المحسوبة على الإخوان في فيينا.
وبحسب الدراسة، يتم ذكر أفكار ذكورية وعنيفة، وسط حديث متكرر عن "الجهاد"، و"الجهاد المقدس"، "والدفاع عن البلاد الإسلامية".
هذه الخطب ذات المحتوى الإقصائي المتطرف رصدت أيضا في مسجد التيسير في فيينا، وفق الدراسة.
الدراسة نفسها أفادت بأن هذه الخطب تعكس الأيديولوجية المتطرفة لجماعة الإخوان، وتهدف إلى تشكيل جيل جديد يعتنق هذه الأيديولوجية.
أساليب التجنيد والدعاية
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، وضع تقرير لهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" يده على وسائل جديدة تستخدمها التنظيمات الإسلاموية، ومنها الإخوان، في التجنيد والدعاية.
التقرير قال "بشكل عام، يمكن القول إن المعايير التقنية الجديدة مثل "5G" أو تشفير الأجهزة والبرامج قيد التداول، توفر وسائل جديدة للإسلاموية" لتحقيق أهدافها.
وأضاف: "لا يساهم الإنترنت، وقبل كل شيء الشبكات الاجتماعية، في التطرف من خلال القدرة على الوصول إلى المحتوى الإسلاموي والمتشدد فقط، ولكن الإنترنت يشكل في نفس الوقت مجال تجنيد في إطار التأسيس الأولي للاتصالات بين العضو التنظيمي والشخص العادي الخاضع للتجنيد".
واستطرد قائلا "هذا يعني أن التطرف يحدث عبر الإنترنت وفي الحياة العادية، لأنه بالإضافة إلى عمليات التبادل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والصداقات الافتراضية، تظل أنشطة طبيعية مثل الرحلات وزيارات المطاعم المحلية أو الأنشطة الرياضية عاملاً مهمًا" في استراتيجية التجنيد للتنظيمات الإسلاموية.
وحول الدعاية الإسلاموية المتطرفة، قال التقرير: "لوحظ أن الخطب التي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت ويلقيها دعاة متطرفون، لا تزال تحظى بقبول وشعبية كبيرين، وتتم إعادة نشر هذه الخطب مرارا وتكرارا على المنصات الاجتماعية ووضعها في سياق حديث".
محتوى الخطب
وفي فبراير/شباط الماضي، توصلت دراسة صندوق الاندماج النمساوي (حكومي)، المتاحة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الأفكار المتطرفة والمعوقة للاندماج، يزرعها الإسلام السياسي، في خطبه الموجهة للمصلين داخل المساجد والجمعيات الإسلامية في النمسا.
وفي إطار الدراسة، تم تحليل 53 خطبة مسجلة في 14 مسجدا عام 2020، وبين هذه المساجد مسجد مرتبط بالإخوان رمزت له الدراسة برمز كودي هو "Ar03"، وحددت عدد القائمين عليه بما بين 200 و300 عضو، وهو مسجد الهداية في فيينا، وفق معلومات "العين الإخبارية".
وخلال فترة مراقبة ودراسة خطب المسجد لرواده، جرت مداهمات الشرطة ضد مواقع الإخوان في البلاد في ٩ نوفمبر/تشرين الثاني 2020. وكان مسجد "Ar03" أحد المواقع التي استهدفتها المداهمات في ذلك اليوم.
وخلصت الدراسة من تحليل خطب المسجد (٦ خطب) إلى أنه "يتم التبشير بنظرة ثنائية صارمة للعالم، تقسمه إلى "مؤمنين" و"كفار"، إلى الأمة المسلمة وبقية العالم والترويج إلى أن بقية العالم معادٍ للأمة ويحاول تدميرها".
وتابعت الدراسة "تبنت الخطب عدم الثقة والعداء تجاه المجتمع النمساوي ذي الأغلبية غير المسلمة، بل قللت من المجتمع النمساوي وتصفه بصفات دونية".
ومضت قائلة "مرارًا وتكرارًا في الخطب، يتم التقليل من قيمة غير المسلمين على أنهم "كفار"، وفي نفس الوقت توصف الدولة النمساوية بأنها عدو المسلمين وأن حكومتها تحاول منع بناء المساجد".
الدراسة قالت أيضا "ترفض الخطب النمسا والمجتمع النمساوي وقيمهما وقوانينهما ودستورهما، ويُنظر إليها على أنها تهديد لوجود المسلمين، ما يحض على العزلة ويحاول خلق نظام فصل مجتمعي، وخلق مجتمع مواز".
ومضت قائلة "هناك ميل في الخطب نحو عدم التسامح تجاه الثقافات الأخرى والجماعات العرقية الأخرى والأديان والقيم الليبرالية".
الاستثناء الوحيد كان خطبة 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أي بعد أيام من مداهمات الإخوان، وشعور المسجد والقائمين عليه بأنهم خاضعون للمراقبة، إذ تغيرت الأفكار الواردة في الخطبة وكانت أكثر انفتاحا، ما فسرته الدراسة بأنه كان رسالة للمراقبين وليس لجمهور المسجد.
الدراسة قالت "النتيجة النهائية باختصار: يدعو هذا المسجد إلى إسلام أصولي قائم على أيديولوجية الإخوان وموقف غير متسامح تجاه بقية العالم".
هذه التحركات النمساوية المتتالية، تكشف مسارا واضحا لأنشطة الإخوان في نشر التطرف وخطاب الكراهية والتحريض على الدولة النمساوية، لتصبح هذه المعلومات أساسا لتحقيقات قضائية لاحقة.
aXA6IDMuMTM5LjcyLjE1MiA=
جزيرة ام اند امز