المقداد في تونس والإخوان يتوجسون الحساب.. دورة عدالة بفارق عقد
وكأن دورة الزمن تصر على اقتصاص سنوات الدم التي أغرقوا فيها تونس، فانتفضت السنوات لتعيد العلاقات مع سوريا وتنذر الإخوان بلحظة الحساب.
فبعد مرور 11 سنة من قطع العلاقات بين تونس وسوريا، التقى، اليوم الثلاثاء، الرئيس التونسي قيس سعيد، بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في خطوة تنهي حقبة العشرية الماضية من حكم الإخوان.
والإثنين، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى تونس في زيارة تعتبر الأولى لمسؤول رسمي سوري إلى تونس منذ 2012.
والزيارة ترعب إخوان تونس وتقض مضاجعهم، لا سيما وأن الضيف قد يحمل في جعبته أسرار الملف الأسود للحركة، ألا وهو تسفير الشباب التونسي إلى بؤر الإرهاب.
وبعد أكثر من عقد على القطيعة، تعود العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بقرار إعادة فتح سفارة سوريا رسميا بالعاصمة تونس، في ضوء مبادرة أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد قبل أسابيع.
وتستمر زيارة المقداد التي تأتي بدعوة من وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، لمدة يومين.
شجاعة
وخلال لقاء جمع سعيد والمقداد، أكد الرئيس التونسي حرص بلاده الثابت على استئناف السير الطبيعي لروابط الأخوة والتعاون المتينة والتاريخية القائمة بين تونس وسوريا، فضلا عن تكثيف فرص وأطر التشاور والتنسيق بشأن مختلف الملفات الثنائية في شتى المجالات.
كما أشار سعيد إلى ما يجمع تونس بسوريا من قواسم حضارية وثقافية وإلى ما يحدوهما من عزم مشترك على إعطاء دفع جديد للعلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى أعلى المستويات ومواجهة كل التحديات من أجل تحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين.
وفي تصريح له عقب اللقاء، أكد فيصل المقداد أن السلطات السورية وافقت على تعيين سفير جديد لها بتونس، وسيتم خلال الأيام القليلة القادمة إعادة فتح السفارة السورية بتونس وإرسال طاقم دبلوماسي.
وشدد الوزير السوري على أن "العلاقات السورية التونسية كانت طيبة إلى حين وقفها"، مثمنا ما اعتبره "قرار جريئا وشجاعا من الرئيس التونسي قيس سعيد باستئناف العلاقات".
وعبر الوزير عن تفاؤله باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا.
وأوضح أنه تطرق مع سعيد إلى الفترات الصعبة التي مرت بها تونس وانتهت بانتخاب قيادة حقيقية تعبر عن تطلعات الشعب التونسي، حسب تعبيره.
شبح الحساب
في فبراير/ شباط 2012، قرر الرئيس التونسي الأسبق محمد المرزوقي قطع العلاقات الدبلوماسية بالكامل مع سوريا.
إلا أن وزارة الخارجية التونسية قررت بعد تولي الباجي قائد السبسي رئاسة البلاد في 2015، تعيين قنصل عام في دمشق والاكتفاء بهذا المستوى من التمثيل الدبلوماسي.
وفي تصريحات سابقة، كشف مصدر حكومي لـ"العين الإخبارية"، عن أن السلطات التونسية ستطلب من وزير الخارجية السوري "تمكينها من قائمة التونسيين الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابي داعش منذ عام 2012 والذين تم إلقاء القبض عليهم من قبل الجيش السوري".
وأواخر 2016، شكلت تونس لجنة برلمانية للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في العالم، للمشاركة في القتال بصفوف تنظيمات إرهابية.
والعام الماضي، رفعت فاطمة المسدي البرلمانية السابقة وعضو اللجنة البرلمانية، دعوى للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، المعروفة إعلاميا بـ"قضية التسفير" المتهم فيها 817 شخصا.
كما تضمّن الملف وثائق تدل على وجود أمنيين متورطين في استخراج جوازات سفر لإرهابيين دون تثبت، خلال عامي 2012 و2013 اللذين شهدا رحلات نظمتها شركة "سيفاكس إيرلاينز" التابعة للبرلماني الإخواني محمد فريخة وشركة الطيران التونسية وشركة أجنبية، حاملة إرهابيين إلى بؤر التوتر.
الملف تضمن -كذلك- تورط الإخوانيين رضا الجوادي، والحبيب اللوز، وبعض الجمعيات القريبة من التنظيم الإرهابي، في أنشطة متطرفة، ساهمت في "غسل دماغ" الشباب قبل تسفيرهم إلى سوريا.
وقدرت مصادر أمنية ورسمية في السنوات الماضية أن نحو 6000 تونسي توجهوا إلى سوريا والعراق في العقد الماضي، للانضمام إلى جماعات إرهابية، ومنها تنظيم داعش.