حكم إعدام «المرشد».. ضربة قاضية لادعاءات مظلومية الإخوان
على طريق اجتثاث «الإخوان» من الجسد المصري، مُني التنظيم الإرهابي بانتكاسة جديدة، أدمت أوصاله، وكانت بمثابة نهاية واقعية لماضيه المُلطخ بالدماء، وحاضره الملغوم بالعنف.
فما أن خرج الملايين في ثورة شعبية بمصر ضبطوا توقيتها على 30 يونيو/حزيران 2013، ورفعوا شعارها اقتلاع تنظيم الإخوان من جذوره، حتى بدأت ساعة الحساب للتنظيم الذي أسس بنيانه على شفا جرف هار، فهوى به وبقياداته، في قبضة السلطات المصرية، ليحاكموا على ما اقترفته أياديهم من عنف بحق المصريين وبلادهم.
ورغم العنف الذي ارتكبوه بحق بلدهم مصر، إلا أن حسابهم جرى وفق درجات التقاضي الطبيعية؛ فقضي بحق بعض قيادات الإخوان بأحكام وصلت إلى حد الإعدام شنقًا، والتي كان آخرها يوم أمس الإثنين، بمعاقبة مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، والقائم بأعمال المرشد محمود عزت، وقياديين آخرين؛ بينهم: محمد البلتاجي وعمرو زكي وأسامة ياسين وصفوت حجازي وعاصم عبدالماجد ومحمد عبدالمقصود بالإعدام شنقا عما أسند إليهم، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«أحداث المنصة».
فما تأثير الحكم على الإخوان؟
من جانبه، قال الكاتب والباحث في الإسلام السياسي عمرو فاروق، لـ«العين الإخبارية»، إن حكم الإعدام على المرشد سيترك تأثيرًا طفيفًا على التنظيم سواء بالداخل أو الخارج.
وأضاف فاروق أن "مرشد الإخوان بات عمليًا منزوع الصلاحيات أي أنه في حكم الميت إكلينيكيًا كقائد للجماعة"، مشيرا إلى أن التأثير الحقيقي سينصب على آلة الشائعات الإخوانية التي كانت تروج الفترة الماضية بأنهم عائدون، وأن التقارب التركي والقطري للدولة المصرية سيسفر عن تبريد أزمة الإخوان، ما يحمل معه انفراجة قريبة.
وبحسب فاروق، فإن المصريين يتعاملون مع الإخوان بصورة واضحة من 2013 وحتى اليوم، فهم الذين رفضوا حكم الجماعة وأصدروا حكمًا عليهم بإدانتهم وسحبوا منهم الشرعية الشعبية، فصاروا مكشوفين بلا غطاء قانوني أو شعبي أو سياسي، إضافة إلى رفض المصريين كل دعاوى الجماعة للفوضى تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الأخيرة.
في السياق نفسه، توقع الباحث في الإسلام السياسي عمرو عبدالمنعم، أن يكون لحكم إعدام مرشد الإخوان في قضية «أحداث المنصة» تأثير معنوي على الجماعة، مشيرًا إلى أنه قبل إصدار الحكم تلا القاضي كلمة كانت في حد ذاتها بمثابة إدانة لتاريخ الجماعة، وضربة قاضية لادعاءات المظلومية.
إطاحة بآمال الإخوان
وأوضح عبدالمنعم لـ«العين الإخبارية»، أن جماعة الإخوان لم يعد لها وجود حركي في الداخل بفضل الضربات الأمنية المتتالية والأحكام القضائية، مشيرًا إلى أن الحكم الجديد سيضرب معنوياتهم في مقتل، بعد أن نشروا شائعات باقتراب عودتهم للساحة والإفراج عن المرشد لأسباب صحية.
وبحسب عبدالمنعم، فإن «حكم الإعدام على المرشد سيكون سببًا في انتعاش اللجان الإعلامية التي ستجدها فرصة لإعادة التشكيك في القضاء والترويج لمظلوميتهم، عبر تواصلهم مع منظمات حقوقية مشبوهة تعمل على التشكيك في الدولة المصرية»، إلا أنه اعتبر ذلك النشاط بلا فاعلية ولا عائد منه؛ كون الجميع سئم ما وصفه بــ«أكاذيبهم المتكررة».
وأشار إلى أن «الدولة المصرية حسمت خيارها في التعامل مع الجماعة بالقانون، فكل من ألقت القبض عليه وأدانه القضاء وقضى مدة عقوبته أفرجت عنه، ولم يتم حبس أي عنصر إخواني وفق قانون الطوارئ، أو دون محاكمات».
بدوره، اعتبر الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، منير أديب، أن الحكم الصادر بحق مرشد الجماعة هو «عنوان الحقيقة، فإدانة المرشد هي إدانة للجماعة ككل».
وأضاف أديب لـ"العين الإخبارية": «نحن أمام لحظة تاريخية.. يتم إدانة الجماعة وفق القانون الجنائي وبطريقة تقاضٍ طبيعية وتمكين لمحامي المتهمين من الدفاع عنهم، ونقض الحكم والاستئناف عليه، مما يعني أن الإدانة قطعية وثابتة».
وأشار إلى أن كل القضايا التي اتهم فيها الإخوان أزهقت فيها أرواح مواطنين أبرياء، ما يعني أن تلك الدماء لن تكون بلا ثمن، معتبرًا أن الحكم بمثابة «إدانة لأفكارهم قبل أفرادهم، وانعكاس لواقعهم المدان بجرائم الإرهاب».
وقال إن «الثابت أن قيادات التنظيم كانوا من أدوات العنف بالتحريض وإدارة ممارسات إرهابية، وإصدار أوامر لأتباعهم بارتكاب جرائم قتل عمدي واستعمال القوة والعنف والتخريب العمدي لمبان ومرافق عامة، واستعراض القوة والتلويح بالعنف واستخدامهما بقصد تكدير الأمن والسلم العام انتقاما لعزلهم من الحكم».
ماذا نعرف عن أحداث المنصة؟
تدور وقائع القضية والاتهامات المنسوبة للمتهمين، حول قيام القيادات الستة بتدبير تجمهر يوم 27 يوليو/تموز 2013 منبثق من التجمع المسلح بميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة)، بغرض مد مساحة التجمع المسلح ورفده بالأسلحة والذخائر والعبوات الحارقة، وشل حركة القاهرة بالكامل؛ ومنع قوات الأمن من فضه مستقبلا، فضلًا عن رغبتهم في استعراض واستعمال القوة ضد موظفي الدولة ومن يخالفهم من المواطنين.
سر الجلسات الـ17
عقدت أولى جلسات المتهمين في 14 فبراير/شباط 2022، إلا أنه تم تأجيلها 17 مرة، وفي جلسة 22 مايو/أيار 2023 أحال القاضي أوراق القضية لمفتي الديار المصرية لإبداء الرأي فيها، ثم تأجلت للنطق بالحكم في 4 مارس/آذار الجاري.