ذاكرة الإرهاب الإخواني.. 5 سنوات على فاجعة أيقظت تونس
في مثل هذا اليوم من عام 2015 مرّ التطرّف إلى السرعة القُصوى في تونس، وفق وصف متابعين لأخطر عملية في البلاد منذ 2011.
كان مساء شتويا ممطرا وباردا في العاصمة تونس، حين دوّى انفجار عنيف هزّ شارع "محمد الخامس" (شارع رئيسي بالعاصمة) وسمع في ضواحي المدينة.
هو شاب إرهابي يرتدي زيا رياضيا وحقيبة ظهر عادية جدا، يصعد إلى حافلة تقل عناصر من قوات حماية الرئيس (الباجي قائد السبسي حينذاك) بدعوى الاستفسار عن وجهتها ومباشرة يفجّر نفسه بداخلها، ليردي 12 شهيدا دفعة واحدة من نخبة الحرس الرئاسي.
كانت الضربة صادمة وعنيفة، اهتزت لها أركان الدولة، وآلمتها إلى حد الإرباك والحيرة.. هل بلغ الإرهابيون هذه الدرجة من القوة والجرأة فباتوا قادرين على الضرب في قلب العاصمة، على بعد أقل من مائتي متر عن وزارة الداخلية وبجانب وزارة السياحة وقصر المؤتمرات؟
هكذا تساءل وما زال الكثير من الباحثين في تونس عن موجة الإرهاب التي تخللت العشرية الأخيرة من تاريخ البلاد، تاريخ تربع فيه الإخوان بأفكارهم التكفيرية في كل زوايا الحكم والمجتمع.
"خلايا تكفيرية مدعومة إخوانيا"
تقول مصادر أمنية لـ"العين الإخبارية" عن هذه الحادثة أن الإرهابي الذي نفذ عملية "الأمن الرئاسي " يوم 24نوفمبر/تشرين الثاني 2015 تلقى دروسًا دينية من أحد الأئمة المقربين من الإخوان في ضاحية "التضامن " بالعاصمة التونسية (أكبر الأحياء الشعبية في البلاد).
وأكدت هذه المصادر أن إفلات بعض المساجد عن رقابة الدولة في السنوات الأخيرة، شجع على بروز عناصر إرهابية خاصة من الشباب.
من جهته، يقول الكاتب السياسي محمد بوعود إن الضربات الإرهابية العنيفة وخاصة منها عملية "الأمن الرئاسي" التي هزت العاصمة دقّت بشدة نواقيس الخطر، ونبهت المجتمع التونسي إلى الخطر الذي تمثله الجماعات الإسلامية المتطرفة، وعرّت كل من يقف وراءهم ويحميهم ويحاول أن يسبغ على إجرامهم نوعا من الشرعية على أساس أنهم في المحصّلة شباب غاضب لا بد من الاستماع إليه ومحاورته ومحاولة فهمه.
وكان راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية ورئيس البرلمان حاليا قد طالب في أحد خطاباته إلى ضرورة احتضان الإرهابيين والاستماع لهم، مما اعتبره متابعون تشجيعا للعمل الإرهابي.
وتابع بوعود قائلا "إن الاستماع للإرهابيين ليس إلا ضربا من الإرهاب، فهؤلاء الجماعات المتطرفة ليسوا إلا عصابات مدربة متمرسة على القتل والتخريب".
تخريب الدولة
في قراءة لعملية الأمن الرئاسي الإرهابية، يرى خبراء أنها ذروة "الشر الإخواني" الذي دمر ليبيا وأدخل في السابق الجزائر في سنوات من الدماء (تسعينيات القرن الماضي).
ويرى خميس البوعزيزي العسكري المتقاعد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تلك العملية التي استهدفت الحرس الخاص للباجي قائد السبسي كان الهدف منها إسقاط الدولة واعادة السيناريو الليبي والسوري في تونس، وإسقاط كل ما له علاقة برموز السيادة وهيبة الدولة والحداثة والمدنية.
وبقدر ما كانت الضربات عنيفة ومخيفة، فقد كانت أيضا منبّهة وصفارة إنذار وناقوس خطر أيقظ مكونات المجتمع التونسي من غفوتها، وجعلها تسارع إلى تحييد هذه الفروع والجذوع العنيفة، والالتفات إلى الأصول التي تغطي تطرفها وعنفها بربطات العنق والبدلات الأنيقة، واللغة المنمقة عن الثورة والديمقراطية وخيار الشعب ونتائج صناديق الاقتراع، على حد قوله.
وأكد أنه لا شك أن في استعادة هذه الذكرى استعادة لأمرين هامين لا بد من التذكير بهما، الأول هو حجم الجرائم التي وصلتها هذه الجماعات المتطرفة ومدى التهور الذي دفعها إلى ضرب أعلى مراكز السيادة في البلاد، والثاني هو المفعول السريع الذي خلفته لدى عموم الشعب التونسي وأجهزته الأمنية والعسكرية التي توحّدت للعمل من أجل القضاء على هذه المجموعات.
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز