انقسامات وانتخابات "النهضة"..خريف عاصف يهز بيت الإخوان
أكثر من قيادي في حركة النهضة التونسية لوحوا بالاستقالة والانسحاب؛ احتجاجا على تشبث "عجوز الإخوان" بالكرسي.
مع اقتراب موعد الانتخابات الداخلية لحركة النهضة الإخوانية في تونس، نهاية عام 2020، بدأ دخان الخلافات يتصاعد بشكل مكثف، في مشهد ينذر بأن الشهور المقبلة ستشهد سقوط ما تبقى من بيت الإخوان الهش.
وفي ظل تشبث راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي، بالترشح لرئاسة فترة جديدة لحركة النهضة، لوح أكثر من قيادي بالاستقالة والانسحاب؛ احتجاجا على تمسك "عجوز الإخوان" بالكرسي، رغم من أن كل المؤشرات تقول إن استمراره سيكون شؤما على الحركة.
تهديدات أخذت طابعًا جديًا، على لسان أكثر من قيادي نهضاوي؛ بينهم النائب سمير ديلو، الذي أكد أن الأشهر المقبلة لحركة النهضة ستكون "صعبة للغاية".
وديلو الذي يعتبر من الصفوف الأمامية المناهضة لمواصلة تواجد الغنوشي على رأس "النهضة"، يعتبر أن سعي الأخير لفترة رئاسة جديدة للحركة، يعد منافيا للأخلاق السياسية والقوانين المنظمة لحزبه.
كذلك القيادي في النهضة عبداللطيف المكي (جبهة معارضة للغنوشي)، الذي يصنف كواحد من أشد منتقدي رئيس البرلمان خلال فترة رئاسته لحركة النهضة.
وقال المكي في تصريحات إعلامية إن محاولات التمديد لرئيس الحركة راشد الغنوشي هي عملية "غير قانونية"، محذراً من تعرض النهضة للتقسيم في المرحلة المقبلة.
مواقف من داخل البيت النهضاوي، تكشف تصدعا داخل الحركة، وسط مخاوف من تداعيات تمسك الغنوشي بقيادة الحركة كـ"زعيم أوحد" كما وصف نفسه من قبل.
وأمام موجة الرفض الداخلية من قبل أبناء حزبه، يواصل الغنوشي تشبثه بالرئاسة في النهضة وعزمه على "تزوير" مضمون الفصل 31 الذي يفرض عليه المغادرة.
ويعطي هذا الفصل إمكانية ترؤس الحركة لدورتين فقط تنتهي بنهاية 2019، إلا أن الغنوشي مكث في قيادة حزبه قرابة 50 سنة منذ بداية سبعينيات القرن الماضي .
ويتوقع العديد من المتابعين أن الصراعات داخل النهضة ستأخذ منحى "دمويا" خلال الفترات المقبلة، خاصة وأن هناك من لوّح داخل الإخوان بضرورة عزل الغنوشي بالقوة.
وقالت مصادر لـ"العين الإخبارية" إن قائمة 100 قيادي الذين طالبوا الغنوشي بالتنحي وعدم الترشح مجددًا لرئاسة الحركة، تدرس خيارات عزله بالقوة.
وبينت المصادر أن هناك من دعا داخل الحركة إلى منع الغنوشي من دخول مقر النهضة، بعد إجراء المؤتمر الانتخابي في نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
غليان إخواني سيدفع حسب مراقبين، المشهد السياسي التونسي، إلى انقسامات حتمية لحركة النهضة التي تعيش مرحلة الاحتراق الداخلي والعزلة الشعبية.
عائلة الغنائم والمصالح
وعلى وقع هذه الانقسامات، يطالب التونسيون سلطات بلادهم بتفكيك لغز ثروة الغنوشي وفتح ملفه المالي المشبوه.
فالرجل الذي تحول من مجرد مدرس إلى واحد من أغنياء تونس، أصبح يتمتع في أقل من عقد بثروات طائلة وأموال ضخمة وعقارات في الضواحي السياحية بالعاصمة تونس وخارجها.
ويرى متابعون أن العائلة والمحيط المقرب هم المستفيدون فقط من مواصلة الغنوشي ترؤس حركته باعتبارها الجسر الوحيد للغنائم والبوابة الأهم للتربح.
واتهمت قيادات داخل حركة النهضة، في أكثر من مناسبة، كلا من رفيق عبد السلام (صهر الغنوشي ) وابنه معاذ الغنوشي وابنته سمية بالفساد المالي.
وقد وجه زبير الشهودي، أمير سر حركة النهضة ، رسالة شهيرة للرأي العام في سبتمبر/أيلول 2019، ينعت فيها صهر الغنوشي بالفئة الفاسدة والمفسدة.
ولعل تلك الرسالة التي مضى على كتابتها أكثر من سنة تجد اليوم أكثر من داعم لها في الكتلة النيابية لحركة النهضة (54 مقعدًا ) التي تواجه مرحلة من التفكك الداخلي.
وأكدت مصادر برلمانية لـ"العين الإخبارية" أن الأمين العام السابق لحركة النهضة زياد العذاري (وهو برلماني) قرر مقاطعة الانتخابات الداخلية النهائية.
ولم تجتمع كتلة حركة النهضة مثلما جرت العادة في السابق، وهو ما يؤشر على أن الخلافات الداخلية وصلت حدا متقدما، بما يهدد وحدتها في المستقبل القريب.
إحداثيات مجتمعة تظهر -بحسب متابعين- أن حركة النهضة تمر بخريف داكن ملئ بالسحب والعواصف والارتجاجات المزلزلة التي ستكشف وحدة الإخوان الكاذبة.